أسامة عجاج يكتب: مأساة عراقية

أسامة عجاج
أسامة عجاج

قد تكون الأزمة التى يمر بها العراق، هى الأخطر، والأطول فى تاريخه، بعد مئوية الدولة التى احتفل بتأسيسها فى بداية هذا العام، فلك أن تتصور أن البلد يعيش فى حالة انسداد، فى ظل عجز الطبقة السياسية عن مجرد الاتفاق على اسم رئيس وزراء، أو التوافق على من يتولى الرئاسة، طوال عشرة أشهر كاملة، منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة فى أكتوبر الماضى، نظراً لأن الجميع يخوض (معركة صفرية)، العراق مر بظروف لم تشهدها أية دولة خلال الأربعين عامًا الأخيرة، ثلاث حروب؛ الخليج الأولى وتحرير الكويت والغزو الأمريكى فى أبريل ٢٠٠٣، والأخير كان (أم الكوارث) حيث كرس لتقسيم جغرافى شمال ووسط وجنوب، وعزز الانتماء الطائفى بين السنة والشيعة، مع تنوع عرقى عرب وكرد، والجديد هو الانشطار بين كل هؤلاء سياسياً، المكون الشيعى ومنهم وفقاً لدستور ٢٠٠٥ رئيس الوزراء، الصراع يشتد داخله بين الإطار التنسيقى الذى يضم عدداً من الأحزاب الشيعية، وجلها لها ولاء لإيران، فى مقابل التيار الصدرى وزعيمه مقتدى الصدر، الذى يملك مشروعاً قد يمكن البلد من فك الارتباط مع طهران، وخطورة ما يحدث قدرة كل طرف على الحشد الجماهيرى، مما قد ينذر بحرب أهلية، أما  داخل السنة فالأمور ليست أفضل حالاً، وإن كان الانقسام كما ظهر فى الانتخابات الأخيرة سياسيًا، ومحصورَا بين تحالف (تقدم) بزعامة رئيس البرلمان العراقى محمد الحلبوسى، وتحالف (عزم) برئاسة خميس الخنجر، وقد نجح الأول فى الفوز برئاسة البرلمان، وهى الوحيدة بين الرئاسات التى نجحت فى الإفلات من الأزمة، ونأتى للأكراد حيث فشلوا حتى الآن فى تقديم مرشح توافقى من بينهم للرئاسة، بين الحزبين الرئيسيين الديمقراطى الكردستانى والاتحاد الوطنى.          

عجز الطبقة السياسية العراقية عن التوافق، أفشل مبادرة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمى للحوار الوطنى، فى ظل مقاطعة التيار الصدرى، ترافق ذلك مع سعى أطراف بعينها إلى طلب وساطة دول الجوار، ومن ذلك زيارة رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم إلى السعودية، والفشل الذريع الذى لقاه إسماعيل قاآنى قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى، لزيارته السريعة لبغداد، لتمرير مرشح الإطار التنسيقى لرئاسة الوزراء، والتى قطعها بعد عملية اقتحام أنصار الصدر للبرلمان، وهتافهم الذى وصل إلى عنان السماء (إيران بره بره)، وكانت رسالة لطهران بأنه (فاض الكيل).