خطوات هائلة لمواجهة محدودية المساحة المزروعة واستنباط أصناف لزيادة الإنتاجية

قمح توشكى يعيد حلم الاكتفاء

قمـح توشـكـى يعيد حلم الاكتفاء
قمـح توشـكـى يعيد حلم الاكتفاء

- ثقافة الاستهلاك الخاطئ والتغيرات المناخية والزيادة السكانية معوقات أمام الاكتفاء


ذهب لا تقدر على الاستغناء عنه.. يوما بعد يوم تزداد قيمته.. بريقه لا يخفت أبدا مع تقادم الزمن.. أمن قومى للبسطاء والأغنياء.. الحديث عن محاولات الاكتفاء الذاتى منه لا يتوقف.. ولكنه دائما ما يأبى الانصياع.. انه القمح ذهب الغذاء الأصفر، منذ أيام افتتح الرئيس السيسى موسم الحصاد، بعد أن تم استصلاح وزراعة 220 ألف فدان من محصول القمح بتوشكى والعوينات والفرافرة وعين دلة بإجمالى إنتاجية مستهدفة تصل إلى 550 ألف طن تخزن بصوامع وزارة التموين والتجارة الداخلية وشركة «سايلو فودز». وتتطلع مصر فى نهاية هذا العام والعام المقبل إلى استصلاح وزراعة 530 ألف فدان إضافية ضمن المرحلة الثانية والثالثة من مشروع توشكى بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضى والجهات المعنية فى الدولة، ليصبح الإجمالى 750 ألف فدان بمتوسط إنتاج مليونى طن.

«الأخبار» فى السطور القادمة ناقشت الخبراء لمعرفة الروشتة التى تساهم فى حل مشكلة القمح وما الجهود التى تنقصنا حتى نستطيع ان نحقق حلم الاكتفاء الذاتى من القمح.


فى البداية يوضح د. محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والرى الأسبق، أن المشكلة الرئيسية فى ملف الاكتفاء الذاتى من القمح هو محدودية مساحة الأراضى الزراعية المصرية والتى تقدر بإجمالى 9 ملايين فدان منها 2 مليون فدان أراضى ذات جودة ثانية عن تلك التى يتم زراعتها فى الوادى.


ويشير إلى أننا حتى نحقق الاكتفاء الذاتى نحتاج لـ 7 ملايين فدان كما اننا ننوع فى المحاصيل حتى لا يحدث خلل فى الأمن الغذائى المصرى.


ويضيف أن محدودية الأرض ليست المعوق الأوحد فى هذا الملف فهناك ثقافة الاستهلاك الخاطئة فى التعامل مع القمح والتى تهدر نسبة كبيرة منها أضف الى ذلك الموارد الضعيفة من المياه والتغيرات المناخية الملف الأحدث والذى تسبب فى اختلاف الطبيعة الزراعية للأرض ناهيك عن الزيادة السكانية الكبيرة والتى تلتهم كل المحاولات للوصول للحد الآمن للاكتفاء من القمح.


ويرى علام ان الحل حتى تتجنب أى مشكلة خاصة بالقمح تبدأ أولا بإيجاد حل جذرى لأزمة الزيادة السكانية وتغيير النظام الغذائى المصرى والذى يركز بصورة كبيرة على الخبز دون سواه على الرغم من وجود بدائل كثيرة له وبها فوائد كثيرة عنه.


ويكمل وزير الموارد المائية الأسبق أنه بجانب وضع حل لكابوس الزيادة السكانية علينا ايضا ترشيد الاستهلاك من القمح وايضا اعادة النظر فى تسعيرة الرغيف المدعم وترشيد هذا الدعم خاصة ان 20 % من الخبز المدعم يتم إهداره إما كعلف للحيوانات او تستخدمه المطاعم لذا يجب علينا ان نعيد النظر فى هذا الملف على أن يكون الدعم فى هذا الملف تصاعديا ونقديا وفق قدرة المواطن واحتياجاته.


ويختتم علام حديثه قائلا يتبقى هناك النقطة الأخيرة والعامل الرئيسى حتى ننجح فى ملف القمح وهو انه لابد ان يتم اعادة النظر فى التعامل مع الفلاحين وأن يكون التعامل معه وفق الأسعار المتداولة فى الأسواق حتى يشعر بقيمة عمله حينها سيبذل قصارى جهده فى زيادة طاقته الانتاجية.


الأزمة الحقيقية
ويؤكد د. كميل نجيب، نائب رئيس مركز البحوث الزراعية، أن الدولة تسعى بكل ما أوتيت من قوة للوصول للحد الآمن من الاكتفاء الذاتي من القمح وزيادة إنتاجية الفدان من القمح حتى يزداد معدل الإنتاج وهذا ما حدث فعلا بزيادة انتاجية الفدان الواحد ليصل إلى 18.4 اردب بعد ان كان 8 إردبات فقط.


ويوضح أن الأزمة الحقيقية فى ملف القمح فى مصر تنحصر فى شقين الأول اتفق عليه الجميع وهو الزيادة السكانية المعوق الأبرز فى التهام كل المحاولات الخاصة بالتطوير لزيادة الإنتاج وايضا تلتهم كل الإنتاج الذى يزداد وتبدد حلم الاكتفاء الذاتى.


ويضيف: أما الشق الآخر وهو الصراع الأزلى بين زراعة البرسيم والقمح الزراعات الشتوية والذى ينتصر به دائما البرسيم لسببين الأول ان الفلاحين تستخدمه كعلف لحيواناتهم والثانى هو تبعثر ملكية الأراضى على الفلاحين والذى ساهم أيضا فى تفضيل زراعة البرسيم.


ويشير كميل إلى أننا على الرغم من الجهود الجبارة التى تقوم بها الدولة فى زيادة الرقعة الزراعية المصرية إلى أننا علينا حتى نستطيع ان نحقق حلم الاكتفاء الذاتى علينا بمضاعفة الجهود لزيادة الرقعة الزراعية مع التوضيح أن القمح فى الموسم الاول والثاني والثالث له فى هذه الأراضى لن يوفر الانتاجية المطلوبة ولكنه سيكون عاملا مساعدا فى حل المشكلة.


ويكمل أنه بجانب السعى فى زيادة الرقعة الزراعية يجب ايضا ان يستمر المركز القومى للبحوث الزراعية فى إيجاد أصناف عالية الإنتاج تتحمل التغيرات المناخية كالحرارة والجفاف من سلالات القمح بالاضافة الى انه علينا ادخال محاصيل جديدة فى صناعة الخبز كنبات الكاسافا وايضا الذرة اللذين يمكن ان نخلطهما مع القمح وننتج رغيف خبز ذات جودة عالية.


التقاوى المعتمدة
ويقول د. شريف فياض، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء، إن الحديث عن الاكتفاء الذاتى من القمح من الناحية الفنية أمر صعب جدا لأسباب عديدة اولها محدودية المساحة المزروعة ثانيا التغيرات المناخية.


ويوضح أنه بالإضافة للسببين السابقين يبقى هناك سبب هو الأبرز والأهم هو دورة الزراعة والتركيب المحصولى للأرض بمعنى أن الأرض بطبيعتها تحتاج للتنوع فى المحاصيل التى يتم زراعتها بها حتى لا تفقد قيمتها وتقل انتاجيتها خاصة ان هذا التنوع يفيد الأرض كثيرا.


ويضيف أننا نبذل بالفعل جهودا جبارة حتى نحقق الحد الآمن من الاكتفاء الذاتى من القمح وهو الوصول لنسبة 70 % من تلبية احتياجاتنا ولكننا نحتاج لمضاعفة هذه الجهود حتى نصل للحد الآمن واعادة النظر فى بعض الملفات.


ويوضح أن أبرز هذه الملفات هو ان علينا ان نعى ان العامل الحاسم فى ملف زراعة الأقماح واتجاه الفلاح لزراعة هذا المحصول هو الربحية لذا علينا ان نقوم بزيادة سعر التوريد وهذا ما حدث بالفعل بالاضافة الى هذا الأمر علينا ان نقلل من تكلفة الانتاج الأمر الذى علينا ان نعيد النظر فيه عن طريق دعم مستلزمات الإنتاج الزراعى الثلاثة وهى الأسمدة والمبيدات والركن الثالث والأهم وهو التقاوى.


ويشير إلى ان ما يقصده بالتقاوى هو اننا نملك بالفعل نوعين من التقاوى وهى المرآة والتى يستخدمها الفلاح وتقلل الإنتاجية والنوع الآخرالتقاوى المعتمدة ذات الانتاجية العالية والتى تقدمها وزارة الزراعة ولكن تقدمها بكميات ليست بالكبيرة مما يضطر الفلاح فى شراء ما تبقى من احتياجاته منها من الخارج ونظرا لارتفاع أسعارها قد يضطر البعض باستبدالها بالتقاوى المرباة.


ويرى فياض ان الحل ايضا للوصول للحد الآمن من الاكتفاء الذاتى من الأقماح يكون بزيادة الاهتمام بالبحث العلمى بالتحديد ملف التغيرات المناخية التى عانت منها مصر مؤخرا وتحتاج منا استحداث سلالات تستطيع مقاومة الجفاف والحرارة العالية.


ويختتم أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء أنه بجانب الاهتمام بالبحث العلمى علينا ايضا التوسع فى إنشاء الصوامع لتصل لـ 6 ملايين طن والسعى فى نقل محاصيل الخضراوات والفواكه ليتم زراعتها فى الـ1.5 مليون فدان الرقعة الزراعية التى يتم إضافتها على ان يتم تخصيص نصف أراضى وادى النيل والدلتا على الأقل لزراعة القمح نظرا لجودة هذه الأرض وقدرتها على إعطاء انتاجية عالية.

 

البرسيم ينافس القمح فى الموسم الشتوى ودعم مستلزمات الزراعة ضرورة

السماسرة والوسطاء
ويقول د. رأفت خضر، رئيس مركز بحوث الصحراء سابقا، إن ملف الاكتفاء الذاتى من القمح ملف شائك جدا ويواجهه معوقات كثيرة منها التصحر والتغيرات المناخية التى طرأت على مصر ناهيك عن تآكل الأراضى الزراعية فى الفترة السابقة.


ويوضح أن مساحة الأراضى الزراعية في مصر 9.4 مليون فدان يتم زراعة 3 ملايين فدان منها للقمح ومؤخرا تم زيادة 400 ألف فدان أضيفت لهذه الرقعة وعلى الرغم من إيجابية ومساهمة هذا التوسع الأفقى والزيادة فى مساحة الرقعة المزروعة فإنها لن تحقق حلم الاكتفاء الذاتى وبالكاد ساهمت فى حل جزء من الأزمة.


ويشير إلى ان الحل بأنه يجب أن تكون المنظومة العاملة فى ملف القمح متكاملة تبدأ اولا بأنه علينا التوسع رأسيا وعدم الاكتفاء بالتوسع الأفقى وثانيا تقنين الاستهلاك من القمح على ان يكون ما نستخدمه هو ما نحتاجه بحق ولا يتم إهداره اما ثالثا هو علينا الاستمرار فى استحداث سلالات قابلة للتعامل مع الجفاف والتغيرات المناخية التى طرأت على مصر.


ويضيف أنه بجانب العوامل الثلاثة التى تم ذكرها علينا أيضا التوسع فى سياسة الزراعات التعاقدية لأن هذا التوسع سيساهم فى زيادة الإنتاجية من القمح لأنه يقضى على السماسرة والوسطاء و اللذين تسببا فى الفترة السابقة فى مشاكل كثيرة يعانى منها ملف القمح المصرى.


احتياجات العامل 
ويوضح د. محمد القرش ، المتحدث الرسمى لوزارة الزراعة، أن ملف الاكتفاء الذاتى من القمح يتحدد وفق ثلاثة عوامل أولها الإنتاج والثانى الاستهلاك وحاجة المواطنين والعامل الأخير توفير البدائل.


ويشير الى ان الدولة بالفعل تقوم بجهود جبارة لزيادة العامل الأول وهو الإنتاج وذلك بزيادة التوسعات الأفقية والتى ساهمت للوصول لنسبة60 % من الاكتفاء الذاتى لحاجة المواطنين وايضا لتوفر احتياجات العامل الثانى وهو الاستهلاك ولكن تبقى المشكلة الرئيسية الزيادة السكانية العائق الأبرز لأى محاولة.


ويضيف انه ايضا بجانب التوسع الأفقى فإن الدولة بالفعل تقوم بزيادة الرقعة الزراعية وإقامة العديد من المشاريع التى ساهمت فى هذه الزيادة منها مشروع توشكى وجنوب الوادى وشرق العوينات وسيناء وغيرها من الأراضى التى تم اضافتها للرقعة الزراعية داخل مصر.


ويكمل موضحا أنه بجانب هذه المشروعات فإن هناك ملفا آخر وعاملا أساسيا فى تعظيم إنتاجية الأراضى الزراعية وذلك عن تطوير الرى الحقلى وايضا تطوير التقاوى والاتجاه لإدخال نظم زراعية جديدة مثل زراعة المصاطب وايضا توفير تحفيزات للمزارعين للإقبال على زراعة القمح.


ويؤكد القرش أن الدولة حريصة بكل أجهزتها للوصول لأقصى ما يمكن تحقيقه لزيادة الإنتاجية من القمح وايضا هناك تنسيق تام وكامل بين وزارة الزراعة ووزارة التموين لإيجاد بدائل تتناسب مع احتياجات مع المواطن.

اقرأ ايضا | انطلاق موسم حصاد الذهب الأصفر بالشرقية بعد عيد الفطر .. خاص