إسهام كبير للأزهر فى المشاركة المجتمعية والقضايا المعاصرة

عميد أصول دين الأزهر: لا تنمية قبل معالجة الفكر المتطرف

د. عبد الله عزب
د. عبد الله عزب

تنطلق غداً السبت فعاليات المؤتمر العلمى الدولى الثالث لكلية أصول الدين، جامعة الأزهر بالقاهرة، تحت عنوان: «التنمية المستدامة فى الفكر الإسلامى»، وهو عنوان لافت يشير إلى أن الأزهر قد عاد سيرته الأولى موجهاً وقائداً للمجتمع، ليس فى القضايا الدينية فقط، وإنما أيضا فى القضايا الفكرية والاقتصادية التى تهتم بفقه الواقع، وتبحث عن علاج لمشاكل الناس.. وكان هذا الحوار مع د. عبد الله محيى عزب، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بالقاهرة، وعميد الكلية، ورئيس المؤتمر:
 

يأتى عنوان المؤتمر هذا العام لافتاً .. ما علاقة التنمية المستدامة بالفكر الإسلامى؟

هو فى الحقيقة أحد توصيات المؤتمر الثانى ويعد أيضا متمماً له، فبناء الإنسان لازم من لوازم التنمية وأحد أركانها، فإننا إذ ننطلق من واجب الإنسان نحو نفسه فى الفروض العينية نتممها لما يجب عليه تجاه مجتمعه من الفروض الكفائية، وهذه الفروض الكفائية هى التى جعلت التنمية المجتمعية فى الإسلام أمرا واجبا وليس فضلا أو رفاها؛ كما أن الفكر السليم والوعى المستنير يسبق التنمية المستدامة ويمهد لها وتقوم على أركانه، ويستمر معها وبعدها للمحافظة عليها ورعايتها رعاية شاملة، ومن ثم فلا يمكن أبدا للتنمية أن تقوم على فكر متطرف أو فهم منحرف؛ لذا أرى أن من ضروريات التنمية المستدامة تصحيح الأفكار المغلوطة والمفاهيم المنحرفة من باب (التخلية قبل التحلية).


أهمية التنمية


يأتى هذا المؤتمر فى توقيت مهم من عمر العالم وعمر الوطن.. كيف نستفيد من بحوثه لخدمة المجتمع؟


يستمد المؤتمر أهميته من أهمية التنمية المستدامة عموما والتى تتلخص في: تسريع الجهود للحفاظ على الجنس البشرى ورفاهية الأجيال المستقبلية، والمحافظة على التقدم الإنسانى والحضارى الذى تم تحقيقه حتى الآن، والحد من التدهور البيئي، والتقليل من تأثير تغير المناخ، والمحافظة على التنوع البيولوجي، وتعزيز إعادة توليد الموارد الطبيعية، والحد من جميع أنواع التلوث، والتصدى للتحديات الاجتماعية مثل الفقر والأمية، وتسخير الابتكار والإبداع لخدمة الإنسان والطبيعة.

إذن، ما أبرز الأهداف التى يسعى المؤتمر إلى تحقيقها.. وهل سيتم رفع التوصيات إلى جهات أخرى؟

يهدف هذا المؤتمر إلى  تعزيز أوجه التنمية المستدامة بإظهار الجوانب المشرقة التى حث عليها الإسلام، ومناقشة القضايا الكلية والجزئية المتعلقة بالتنمية المستدامة فى ضوء الفكر الإسلامي؛ ومن أهداف المؤتمر طرح الحلول المناسبة لمشكلات التنمية المستدامة فى ضوء الشريعة الإسلامية، والإفادة من إسهامات المؤسسات الدينية وخططها فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتطبيقاتها على أرض الواقع.

 وكذلك إبراز جهود علماء الفكر الإسلامى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وإسهاماتهم فى مجالاتها، ومناقشة تلك الجهود فى ضوء الشريعة الإسلامية، وتصحيح الأفكار المغلوطة عن الإسلام الحنيف ببيان أنّه الدين الشامل الكامل الذى يهتم بكلّ صغيرة وكبيرة فى شتى مجالات الحياة على الأرض لأجل إعمارها وإصلاحها وتنميتها لصالح الفرد والمجتمع.

مع إبراز دور مصر باعتبارها رائدة الحضارة الإنسانية- قديما وحديثا- والإفادة من إنجازات قيادتها الرشيدة فى العصر الحالى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبيان إسهامات الأزهر الشريف ممثلا فى أعرق أروقته كلية أصول الدين فى المشاركة المجتمعية فى القضايا المعاصرة؛ تأدية لواجب الوقت وقياما بدورها المنشود فى خدمة الدين والوطن.

وما أبرز الدول الإسلامية المشاركة هذا العام؟

يشارك فى المؤتمر عدد كبير من الخبراء والعلماء والباحثين والمهتمين من عدد من الدول منها: مصر- السعودية- الأردن- البحرين- العراق- سوريا- السودان- لبنان.


دور التعليم


ما الجديد الذى تقدمه البحوث المنشورة فى المؤتمر؟

البحوث المنشورة فى المؤتمر كثيرة، وذات أهمية بالغة، ولعل من أكثرها أهمية: دور التعليم  فى ترسيخ التنمية المستدامة د. عبد السلام محمد مخلوف (ليبي)، وإسهامات المرأة فى إنجاح التنمية المستدامة، د. ولاء محمد محمود (مصرية)، والتنمية البيئية المستدامة فى ضوء القرآن د. قتيبة فوزى حسام الراوى (عراقي)، وترشيد استهلاك المياه (أحاديث الوضوء) نموذجا، على محمد الشيخ (لبناني)، والتدابير اللازمة والبدائل فى استخدام الموارد المائية، د. محمد على أحمد الأعنر (أردني)، وإسهامات الحركة الكشفية فى المحافظة على البيئة د. عمر عبد الله عمر بابكر (سوداني).

بصراحة، تبقى المؤتمرات مجرد أوراق لا تفيد الواقع .. فما الدور الريادى الذى يقوم به الأزهر للمساعدة فى تحقيق التنمية من خلال هذا المؤتمر؟

من خلال هذا المؤتمر نقوم بدورنا فى سياق دور الأزهر الشريف لتعزيز التنمية المستدامة، ويتلخص هذا الدور في: تعزيز أوجه التنمية المستدامة بإظهار الجوانب المشرقة التى حث عليها الإسلام، ومناقشة القضايا الكلية والجزئية المتعلقة بالتنمية المستدامة فى ضوء الفكر الإسلامي، وطرح الحلول المناسبة لمشكلات التنمية المستدامة فى ضوء الشريعة الإسلامية، والإفادة من إسهامات المؤسسات الدينية وخططها فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتطبيقاتها على أرض الواقع.

وإبراز جهود علماء الفكر الإسلامى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وإسهاماتهم فى مجالاتها، ومناقشة تلك الجهود فى ضوء الشريعة الإسلامية، وتصحيح الأفكار المغلوطة عن الإسلام الحنيف ببيان أنّه الدين الشامل الكامل الذى يعنى بكلّ صغيرة وكبيرة فى شتى مجالات الحياة لأجل إعمارها وإصلاحها وتنميتها، وإبراز دور مصر وإنجازات قيادتها الرشيدة فى العصر الحالى فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة.


برامج خدمية


وكيف تنسلك هذه الأفكار المهمة فى سلك الخطط الاستراتيجية للدولة؟

لا يخفى على أحد الجهود المبذولة من مؤسسات الدولة المصرية فى الآونة الأخيرة بشأن هذه التنمية ودعم خططها الاستراتيجية وتجديد بنيتها الأساسية محققة نهضة على كل المستويات التى توفر للفرد والمجتمع الحياة الكريمة من خلال إنجاز برامج خدمية كلفت الدولة بها الوزارات ومنظمات المجتمع المدني.

والأزهر الشريف بكل مؤسساته يسير فى فلك الدولة ولقد قامت جامعتنا العريقة بإقامة مؤتمرها الدولى هذا العام فى التنمية المستدامة من أجل المحافظة على البيئة التى لها تأثير ملحوظ على المناخ، بل لقد أطلقت الجامعة على هذا العام عام المناخ.

ولاسيما أن العالم ينتظر قمة المناخ التى تعقدها الدولة المصرية فى نهاية هذا العام، ولهذا كله رأت كلية أصول الدين بالقاهرة أن من واجب الوقت أن تناقش فى مؤتمرها الثالث قضية التنمية المستدامة فى الفكر الإسلامي.

اقرأ أيضاً|وكيل الأزهر يستقبل رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر