وجدانيات

مشهد الرأس

محمد درويش
محمد درويش

القارئ شريف عبد القادر محمد وهو لمن لا يعرفه من أشهر قراء الصحف رغم كل ما يحيط بالصحافة الورقية من مصاعب، تجد مساهماته تقريبا فى كل صحف ومجلات مصر سواء فى المساحة المخصصة للقراء أو تواصله مع الكتاب أصحاب الأعمدة.


 شريف مازال مصرا على المطالبة بتغيير اسم شارع مشهد الرأس الذى تقع على ناصيته مشرحة زينهم إلى اسم أحد الشهداء من أبناء الشارع.
 ولأن شريف من جيلى وابن حتتى التى مازال يسكنها بعد أن تركتها لدخول منزلنا خط التنظيم ولن تقوم له قائمة مرة أخرى.


قلت له إن اسم الشارع له مدلول تاريخى، مهما اختلف المؤرخون فى سبب التسمية حيث قال البعض إن الرأس الشريف خاص بسيد الشهداء سيدنا الحسين بعد أن تم إحضاره فى ديباج أخضر وكشف عنه فى هذا الموضع وتجمع الناس لمشاهدته وهنا جاءت التسمية «مشهد الرأس».


 وآخرون من المؤرخين قالوا إنه رأس حفيده يزيد بن على بن الحسين.. أيا كان الاختلاف يظل للاسم مدلوله التاريخى ويظل أيضا للشهداء دماؤهم الزكية وأرواحهم الطاهرة، وكان من الممكن إطلاق اسم الشهيد على شارع مجاور اسمه شارع «سلمة» مثلا أو شارع «محرس الخص» المتعامد على شارع مشهد الرأس.


 وعلى ذكر المنطقة - مسقط رأسى وافتخر - حيث كانت بيوت العائلة تمتد من الطيبى شارع السد الجوانى إلى ميدان أبو الريش وشارع بيرم التونسى الذى أطلق عليه اسم الشاعر الكبير بعد وفاته منتصف الستينيات وكان من قاطنى أحد العقارات المطلة على الميدان وبعده بعدة خطوات منزل الشيخ محمد رفعت والحارة التى تحمل اسمه.


 كنت أخرج من باب جامعة القاهرة وأقول لزملائى منزلى على طول دون أن أدخل فى دهاليز، وأعبر كوبرى الجامعة إلى كوبرى سيالة الروضة ثم شارع القصر العينى إلى ميدان أبو الريش ثم ميدان زين العابدين فشارع بيرم التونسى حيث منزل جدى لأمى وأخيرا إلى بيتنا فى شارع أمير الجيش قبل شارع مشهد الرأس مباشرة.


 عندما كان يسألنى أحد أين تقطن وأجيب فى حى السيدة بالقرب من ضريح ومسجد سيدى على زين العابدين، يرد السائل قصدك: زينهم، ولأن زينهم كانت تعنى للكثيرين مرادفا للسلخانة والمدبح والمشاجرات الدائمة بين الجزارين، كنت أشرح لهم أن زينهم هى وصف لسيدنا على بن الحسين بن على بن أبى طالب وزين العابدين هى صفته، أى أنه زين من يعبدون الخالق سبحانه ويا لها من صفة رائعة تحولت مع الزمن إلى مدلول يبغضه محبو آل البيت.


 رحم الله الفرزدق الذى قال عنه متحديا الخليفة الأموى فى موسم الحج عندما زاحمه الناس وبعده جاء سيدنا على فأفسحوا له المجال فسأل مستنكرا من هذا.. ورد الفرزدق رغم أنه من حاشية الخليفة بقصيدة طويلة منها:


هَذا الَّذى تَعرِفُ البَطحاءُ وَطأَتَهُ
                  وَالبَيتُ يَعرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
 هَذا اِبنُ خَيرِ عِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ
                  هَذا التَقِيُّ النَقِيُّ الطاهِرُ العَلَمُ