فضائيات بير السلم تقتل المرضى بأعشاب وأدوية غير مرخصة

قنوات «الكركمين» .. أمراض للبيع

قنوات «الكركمين» .. أمراض للبيع
قنوات «الكركمين» .. أمراض للبيع

فى الفترة الأخيرة زادت الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعى وعلى قنوات بير السلم تروج لـ«مستحضرات طبية» مجهولة الهوية، تستهدف - على نحو خاص - الراغبين فى تخسيس أوزانهم، والمصابين بأمراض مزمنة أو مستعصية، فى وقت تواصل الدولة متمثلة فى مجلس الوزراء ووزارة الصحة لوقاية المجتمع وتحذير المستهلكين من تلك المنتجات لخطورتها، لافتة إلى عدم حصولها على تسجيل داخل الدولة.. فهى استفحلت عبر صفحات السوشيال ميديا «الفيس بوك».

وهو الباب الذى فتح المجال لتداول العديد من أصناف الأدوية غير المرخصة المهربة ومجهولة المصدر، والتى لا تخضع لأى رقابة أو مسئولية، لتصبح القنوات الفضائية وجروبات وصفحات الفيس بوك كلمة السر، فبمجرد ضغطة واحدة فى محرك البحث ستحصل على مئات الصفحات التى تبيع أدوية تحت بند علاج كورونا السريع.

وصفحات أخرى لعلاج الضغط والسكر وأدوية تخسيس وعلاج آلام الظهر وخشونة العظام وصفحات أخرى تروج أدوية القضاء على العقم والضعف الجنسى..

ولا ينسى مروجو هذه المنتجات إضافة عبارات مثل «مصنع من مواد طبيعية بنسبة 100%»، أو «حائز على علامة الجودة»، وما إلى ذلك من معلومات لا يمكن للشخص العادى التأكد من صحتها، حسب الدراسات والإحصائيات الأخيرة فإن ما يقرب من 97 % من المنتجات العلاجية والدوائية المباعة على الإنترنت تباع من شركات وهمية، وتعد أدوية مقلدة ومغشوشة وتسبب الموت السريع.


 «الأخبار» استطلعت آراء الخبراء عن خطورة هذا النوع من الدواء، ووجهت الأسئلة للخبراء والمتخصصين لمعرفة كيفية الرقابة عليها والقضاء على مافيا الأدوية الوهمية.  


«أبليكس والكركمين»
فى البداية فقد سلطت قضية «الكركمين» التى يتهم فيها معالج بالأعشاب أحمد أبو النصر بـ «الغش وانتحال صفة»، الضوء مجددًا على فوضى الإعلانات الطبية فى مصر، والقنوات الفضائية غير المرخصة؛

وإذا ما رجعنا بالزمن للوراء فإن هذه القضية ليست الأولى، فقد تم القبض منذ فترة على مسئولى عقار «أبليكس» للتخسيس والذى كان يقدم إعلانات كثيرة ومتزامنة على إحدى قنوات بير السلم، لتقوم  الحكومة بعدها بإصدار القانون رقم 206 لسنة 2017 الخاص بتنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية، الذى يحظر الإعلان بأى وسيلة عن أى منتج صحى أو خدمة صحية، من دون الحصول على ترخيص بذلك من لجنة عليا مختصة بمنح التراخيص، تضم فى عضويتها ممثلين عن وزارات الصحة والداخلية والتموين والعدل ونقابات الإعلام والأطباء والصيادلة وجهاز حماية المستهلك.

ويحق للجنة مخاطبة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لوقف بثّ الإعلانات غير المرخص بها، ويعاقب المخالفون بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تتجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين.


ورغم قوة القانون وتغليظ العقوبات، لم يكن ذلك شافعاً أمام ضعاف النفوس من مصنعى هذه الأدوية مجهولة المصدر، فمنذ أيام قضت محكمة جنح الدقى فى الجيزة، بالحبس عامين ونصف العام بحق الصيدلى أحمد أبو النصر، الشهير بـ«طبيب الكركمين»، والذى تم إلقاء القبض عليه بسبب ترويج أدوية ضارة تؤدى إلى مضاعفات خطيرة ؛ ليقوم بعدها د. مصطفى مدبولى «رئيس مجلس الوزراء» بإصدار قرار، رقم 302 لسنة 2022 بشأن تشكيل لجنة عليا لمنح ترخيص الإعلان عن أى منتج صحى أو خدمات صحية، وهو القرار المتمم لقانون 206 لسنة 2017 بشأن تنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية، هذا القانون الذى طالبت نقابة أطباء مصر تكرارًا بتفعيله، وتترقب نقابة الأطباء سرعة تطبيق هذا القانون.


ليس طبيباً
وعلقت نقابة الأطباء فى بيان قائلة : إن تلك الوصفات العلاجية ومنها ما أطلق عليه المتهم اسم «الكركمين» غير مرخصة من وزارة الصحة .. مما تسبب فى الإضرار بصحة المواطنين وكان مدعاة لتساؤلات وشكاوى نقابة الأطباء والمهتمين بالشأن الصحي.


وتابع البيان «توجهت النقابة بالشكر للأجهزة الأمنية المصرية على الاستجابة لشكاوى الوسط الطبى والمواطنين وقيامها بإلقاء القبض على المتهم» والشهير بـ«طبيب الكركمين».


ونوهت النقابة إلى أن «المدعو أحمد أبو النصر ليس طبيبًا وغير مدون اسمه بسجلات نقابة الأطباء، وغير مرخص له بمزاولة مهنة الطب».
وناشدت نقابة الأطباء «المواطن المصرى بالتأكد من هوية ومهنة مقدم المعلومات والنصائح الطبية، وعدم الانصياع لأى نصائح طبية أو وصفات علاجية إلا من الطبيب المتخصص، وكذلك تؤكد نقابة الأطباء على المواطن المصرى بعدم شراء أية أدوية إلا من خلال الصيدليات المرخص لها بيع الأدوية».


كما طالبت النقابة «وسائل الإعلام المختلفة بالالتزام بالقانون وميثاق الشرف الإعلامي، وعدم إتاحة منابرها لعرض الخدمات الصحية والمعلومات الطبية إلا للمتخصصين وبعد الاستعلام من النقابات المهنية المعنية».


وخاطبت النقابة أعضاءها الأطباء «بالالتزام بـ لائحة أداب مهنة الطب عند مخاطبة الجمهور فى الموضوعات الطبية عبر وسائل الإعلام.
كما أشارت نقابة أطباء مصر إلى أن «لائحة آداب مهنة الطب تحظر على الطبيب استعمال اسمه فى ترويج الأدوية أو العقاقير أو مختلف أنواع العلاج أو لأى أغراض تجارية على أى صورة من الصور».


وقالت إن لائحة آداب المهنة «تحظر على الطبيب بيع أى أدوية أو وصفات أو أجهزة أو مستلزمات طبية فى عيادته أو أثناء ممارسته للمهنة بغرض الإتجار، كذلك تحظر لائحة آداب مهنة الطب على الطبيب القيام بإجراء استشارات طبية فى محال تجارية أو ملحقاتها مما هو معد لبيع الأدوية أو الأجهزة أو التجهيزات الطبية سواء كان ذلك بالمجان أو نظير مرتب أو مكافأة». 


ومن هذا المنطلق يرى د.أشرف حاتم، رئيس لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، أن المجلس أصدر قانونا يختص بمجابهة مثل هذه الظواهر من ادوية التخسيس وفى انتظار إصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون حتى يتم تفعيله على أرض الواقع وهذا القانون مواده العقابية رادعة تبدأ بالغرامة وصولا للحبس.

ويشير الى أن مجلس النواب منذ اليوم الأول لظهور هذا الأمر قام باستدعاء هيئة الدواء المصرية والهيئة القومية لسلامة الغذاء فى حضور الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات.

وبعد مناقشات تبين أن المسئول عن هذا الأمر هو الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، ويوضح أن المشكلة هو أننا عندما طالبنا من الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات اوضح لنا ان المشكلة ان هذه الاعلانات غالبا ما تكون فى قنوات غير مسجلة ناهيك على أنها تقوم بالبث من الخارج مما يصعب السيطرة عليها ومؤكد انه اذا ما نشرت مثل هذه الاعلانات على قنوات مسجلة فإنه يتم منعها ومعاقبة المسئول، ويرى ان الحل فى الوقت الحالى لحين توافر الأدوات للجهاز القومى للاتصالات والتى تسعى الى هذا الامر بالفعل ان يقوم الاعلام الواعى بدوره ولا يقبل نشر اى شىء يخص مثل هذه الادوية الا بعد ان يستبين مدى ترخيصها وأنها مجازة من هيئة الدواء المصرية.


سوق الإعلام
ويوضح د. محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام، أن مشكلة أدوية التخسيس مرتبطة بشقين الاول فى الاجراءات التى تواجه مثل هذه الادوية بداية من وزارة الصحة التى يجب ان تقوم بدورها بمتابعة مثل هذه الادوية وتفنيدها والاهم إثبات موافقتها على مثل هذه الادوية اذا ما قام مالكوها بالنشر فى احدى القنوات وانتهاء بجهة النشر التى يجب عليها ان تقوم بالتأكد اولا من ترخيص مثل هذه الأدوية.

ويشير الى ان الشق الثانى يختص بدرجة الوعى عند المواطن الذى عليه ان ينتبه لخطورة مثل هذه الادوية اذا لم تكن مرخصة وايضا عليه الا ينجرف وراء شراء هذه الادوية الا بعد ان يتأكد من جهة اصدارها وانها مجازة من وزارة الصحة ومطابقة للمواصفات، ويضيف علم الدين أن السبب وراء انتشار مثل هذه الاعلانات هو انها فى الغالب يتم بثها عبر قنوات غير مسجلة وتقوم بالبث من خارج مصر مما يصعب السيطرة عليها بالتالى لابد من ان يتم وضع خطة تواجه مثل هذه القنوات.

ويرى الخبير الاعلامى الحل هو ان تتحد الهيئة الوطنية للصحافة مع الهيئة الوطنية للاعلام لمساعد المجلس الاعلى لتنظيم الاعلام فى ضبط سوق الاعلام وتنفيذ ميثاق الشرف الاعلامى ومن يخالف هذا الميثاق يتم عقوبته باشد العقوبات.

ويكمل أنه بالاضافة لهذا علينا ان نقوم بحملة توعية للمواطن بخطورة متابعة مثل هذه القنوات غير المسجلة عن طريق قيام كل قناة باثبات ترخيصها على هيئه شريط اعلانى تقوم بنشره حتى يستطيع المواطن ان يميز الجهات الصحيحة من الخاطئة وبالتالى ننقذ المواطن من الوقوع فى فخ هذه القنوات .


أمر خطير
ويرى المهندس أيمن حسام الدين «رئيس جهاز حماية المستهلك»، أن كل القنوات المصرية التى يحدث بها تداول لبعض الأدوية وتضر المواطنين، يتم وقفها من خلال الجهاز  ؛ مؤكدا أنه يجب التوقف الفورى عن الأدوية التى يتم الترويج لها عبر الفضائيات غير الشرعية المعروفة «ببير السلم».

وصفحات السوشيال ميديا، خاصة أدوية ..النحافة والتخسيس لأنها تهدد حياة المواطنين وقد تؤدى إلى الوفاة» ؛ وأوضح رئيس جهاز حماية المستهلك، أن ليس كل من يظهر على منصات السوشيال ميديا والفضائيات غير الشرعية للترويج للأدوية، ينتمى لنقابة الأطباء أو الصيادلة، وهذا أمر خطير، وتم ضبط شركتين ليس لديهما أى تراخيص للترويج عن طريق الضبطية القضائية التى تقوم بمحاولات شراء لهذه المنتجات للوصول لبعض أصحابها، الذين يصعب ترصدهم لأنهم يوزعون منتجاتهم عن طريق شركات شحن ، مضيفا بأنه يجب أن يتحمل المواطن عواقبها فى النهاية على صحته بسبب الإهمال».


وترى د. أمانى صلاح أستاذ التغذية بأن الأدوية مجهولة المصدر مجرد وهم قاتل يستنفذ أموال الفرد فقط ويؤذيه أيضا فى نفس الوقت، حيث إن تلك الأدوية لها أثار سلبية وخطيرة جدا، بالإضافة إلى أن تلك الأدوية غير مصرحة من وزارة الصحة، وبالنسبة لها لا تفضل استخدام أدوية التخسيس سواء كانت مصرحة أو غير مصرحة، ، وأضافت بأنه على المدى البعيد يحدث خلل فى الغدة الدرقية ولن تستطيع أن تنتج المعدل الطبيعى وستأخذ وقتا حتى تعود لعملها بعد توقف دواء التخسيس ، فما بالك بتأثيره على الجسم إذا كان الدواء مجهول المصدر .


نقابة الصيادلة
فيما أضاف الدكتور احمد عبيد أمين صندوق النقابة العامة للصيادلة ان الأدوية التى تباع عبر وسائل السوشيال ميديا وعبر قنوات بير السلم « يتم الترويج عنها على أنها مكونات آمنة من الأعشاب والمكملات الغذائية لانقاص الوزن ، الحقيقة انها ادوية الموت البطيء لأنها تتكون من مادة السيبوترامين وهى مادة ممنوعة ومحرمة دوليا لها آثار جانبية على الجهاز العصبى المركزى والعديد من الحالات تعانى من الفشل الكلوى وهبوط حاد ، هناك أدوية مجهولة المصدر ومغشوشة تحتوى على بكتيريا تؤدى الى الاسهال من أجل فقدان الوزن وهناك انواع اخرى من الادوية ثبت انها تحتوى على بيض الديدان وعندما يتناولها الشخص تبدأ الديدان بالخروج فى جهازه الهضمى وتمتص غذاءه.

وبالتالى يفقد الوزن وكلها أدوية تهدد حياة الإنسان ، وأضاف بأن هناك مجموعة من المواطنين قدموا بلاغات كثيرة ونرصد هذه البلاغات ونتعامل معها ونقوم بإبلاغ وزارة الصحة .

واختتم أمين صندوق النقابة بأن قرار رئيس مجلس الوزراء محترم ولابد أن يفعل ويكون هناك التزام من القنوات بعدم عرض إعلانات على شاشاتها إلا إذا كان الدواء مصرحا به فهو خطوة على الطريق الصحيح .


أما الدكتور محمد عز العرب، استشارى الباطنة بالمعهد القومى للكبد والأمراض المعدية، فأكد أن الأدوية التى تباع فى الأسواق وعلى صفحات السوشيال ميديا وعلى قنوات بير السلم لابد من وجود ختم عليها صادر من هيئة الدواء ؛ وأضاف بضرورة عدم تخزين الأطعمة أكثر من أسبوعين على رأسهم الفلفل والثوم والأعشاب لأنها تؤثر على الصحة وتسبب تليف كبدي، وطالب المواطنين بالوعى من خلال ما يعرض على الشاشة من إعلانات وهمية عن بيع بعض الأعشاب والأدوية المغشوشة، مطالبا وزارة الصحة بعدم بيع أى أدوية دون روشتة طبيب.

واختتم بترحيبه بقرار رئيس الوزراء المتمم لقانون 2017 بشأن تنظيم الإعلانات على القنوات، مطالبا الدولة بتغليظ العقوبات على من يتسبب فى إزهاق أرواح أو التسبب فى عاهة لشخص ما.

 

اقرأ ايضا | الغزالي حرب: ارتفاع الأمية ونقص الثقافة الطبية وراء ظهور طبيب «الكركمين»