مأساة طفل: بابا عذبني وأجبرني على التسول لشراء المخدرات

الطفل عبده
الطفل عبده

محمد عطية
فقد الأب كل معانى الإنسانية والأبوة وقسى قلبه وكان كالحجارة على فلذة كبده، فاليوم أمامنا أب مدمن لا يشغله سوى البحث عن المال بأى وسيلة ليوفر مقابل جرعات إدمانه، فكان يجبر طفله على التسول من أجل أن يأتي له بالأموال لشراء المخدرات ليرضي كيفه، لم يكتفِ بهذا فقط بل كان يطلب منه بعض الأفعال المشينة مثل السرقة.. ليصبح هذا الطفل البريء هدفا لتفريغ طاقة والده السلبية بالقسوة عليه من ضرب، وأمام رفض الابن لم يعد أمام الأب المدمن سوى أن ينهال على ابنه بالضرب المبرح، فغاب عقل الاب من كثرة تعاطي المخدرات حتى كاد أن يزهق روحه البريئة لولا تدخل الأهالي بعد استمرار صراخ الصغير وقيامهم بنقله للمستشفى، تفاصيل أكثر اثارة سوف نسردها لكم في السطور التالية.
 

يشبه الملائكة، ولا مبالغة حين نقول بأنه ملاك بالمعنى الحرفي، ضحكته بسيطة، غير مفتعلة، وتكاد تسمع صوته بصعوبة، حتى أنه يأتيك صوته مع ملامحه الجميلة يجعلك أثير وجوده، تفضل أن تعيش معه ما بقي من عمرك، ولو سُمح لك بأن تعيش عمرًا فوق عمرك ستفضل أن تعيشه معه، إنه «عبده»، الطفل الذي على مشارف الثامنة من عمره، وحكايته التى بمجرد سمعها منه ستبكي بكاءً لا ينقطع، لما فيها من حجود أب، الذي لا يعرف من الأبوة إلا اسمها فقط، فكان قلبه أشد قسوةً من الحجارة، دائمًا يعذبه بالضرب المبرح فكان «عبده» ضحية لوالده المدمن. 


مقطع فيديو

بدأت القصة عندما انتشر مقطع فيديو من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه طفل يظهر عليه آثار تعذيب عنيفة بوجهه، وأكدوا أنه محتجز بمستشفى السنبلاوين العام، بمحافظة الدقهلية، وظهر مقطع الفيديو للطفل بوجه أزرق وغير قادر على فتح عينيه من شدة الكدمات والتعذيب الذي تعرض له، بينما تبين أنه تعرض لكسر بالجمجمة، فيما أكدت إحدى السيدات اللائي ظهرن في مقطع الفيديو؛ أن الطفل يبلغ من العمر حوالي 7 سنوات، ويدعى عبده محمد إبراهيم، ولا يوجد له أقارب أو منزل، ويعيش مع والده بالشارع،  في الوقت ذاته أثار مقطع الفيديو تفاعل عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين طالبوا بسرعة ضبط الأب المتهم، وإيداع الطفل دار رعاية بعيدًا عنه، كما طالبوا المجتمع المدني بتقديم كل المساعدات اللازمة للطفل، خاصة أنه ليس لديه مأوى.


في الوقت نفسه بدأت «أخبار الحوادث» البحث عن بطل القصة؛ ليتبين أن الطفل اسمه عبده محمد، تعدى عليه والده بالضرب مستخدمًا خرطوم أنبوبة بوتاجاز في الشارع، عندما اعترض الطفل على النزول من أجل التسول فانهال الاب عليه بالضرب دون رحمة، ونقل بواسطة الأهالي للمستشفى بواسطة الإسعاف، بينما اتضح أن والده دائم التعدي عليه بسبب رغبته في الحصول على أموال منه، وإرغامه على النزول للشارع للتسول، وعندما اعترض انهال عليه بالضرب دون رحمة.


تواصلت «أخبار الحوادث» مع أحد  شهود العيان فبدأ حديثه معنا قائلاً: انا معتاد على رؤية عبده في الشارع كل يوم، أحيانا يرضخ لطلب والده ويقوم بالتسول، إرضاءً له وتجنبا لشره، حيث اعتاد على ضربه إذا لم يحضر مالاً ليشترى به المخدرات لتعاطيها، وعندما يعترض ينهال والده عليه بالضرب دون رحمة، ليستكمل قائلاً؛ إن عبده ليس له أقارب أو منزل فى السنبلاوين، بل ينام على شريط السكة الحديد، لكن «عبده» طفل ذكي وعنده سرعة بديهة.

القبض على الأب

في الوقت ذاته كان مستشفى السنبلاوين أكدت أن الطفل تعرض لضرب على الرأس وبعض الكدمات بالوجه وتم احتجازه بقسم الجراحة للملاحظة، بينما تم إخطار ديوان مركز الشرطة لتحرير محضر بالواقعة، ومعه انتقل رجال المباحث وحرروا محضرًا بالواقعة، وامرت النيابة بحبس الأب المدمن بعد القبض عليه.


في الوقت ذاته كانت «اخبار الحوادث» تتحدث مع الطفل «عبده»، فبدأ قائلاً: كنا نقيم بمدينة نصر بالقاهرة وكان أبي يعمل سمكري سيارات، وبعد وفاة أمي لا أعلم لماذا أتى بي الى السنبلاوين، لكن بمجرد أن جئنا إلى هنا قرر أن أقيم بالشارع وأعمل بالتسول لأوفر له أموالا لشراء المخدرات والسجائر، فكان يضربني يوميا ويعطيني علب مناديل ابيعها واتسول بها في الإشارات، فكنت دائمًا اتوسل له للالتحاق بالمدرسة، إلا أنه كان يعترض ويفضل أن أعمل في التسول، الى أن جاء اليوم المشئوم تعدى علي بسبب رغبته في الحصول على أموال مني، وإرغامي على النزول للشارع للتسول، وعندما اعترضت انهال علي بالضرب دون رحمة بالخرطوم وركلني في الحائط حتي غبت عن الوعي ولم أعرف ما حدث بعد ذلك إلا بعد نقلي للمستشفى، ليستكمل؛»أنا مش عايز ارجع لبابا تاني، عشان عارف اللي هيحصلي لو رجعتله، أنا قلت للضابط إن هو اللي كان بيضربني قبل وبعد ما بيشرب مخدرات، ولو رجعتله هيضربني تاني وهيعمل في كده على طول، وخايف أشوفه، بس هو السبب، لو مكانش بيعذبني وبيضربني مكنتش هقول حاجة، أنا خايف قوي يجي ياخدني، أنا مش عايز أروح معاه تاني»، أنهى الطفل عبده كلامه وأجهش بالبكاء، هنا لم يتمالك أحد نفسه، وانتقلت الدموع من الطفل إلى كل المتواجدين جانبه وكأنها عدوى أصابتهم جميعًا، كيف لأب يعرف معنى الأبوة أن يعامل ابنه بهذه الطريقة.


وفي الوقت ذاته.. وفي لفتة إنسانية، وبمجرد عرض مأساة الطفل «عبده» على الدكتور أيمن مختار محافظ الدقهلية قرر تقديم كافة أوجه الرعاية الصحية والاجتماعية للطفل، كما كلف المحافظ الدكتور سعد مكي وكيل وزارة الصحة والدكتور وائل عبدالعزيز وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بسرعة الانتقال للطفل وبحث حالته وتقديم رعاية صحية واجتماعية عاجلة له، كما وجه بسرعة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه الأب وتحرير محضر بمركز شرطة السنبلاوين بالواقعة وسرعة ضبط الأب وإحالته إلى النيابة، كما وجه لوكيل وزارة التضامن بإيداع الطفل بأحد دوار الرعاية الاجتماعية وتقديم كافة المساعدات له ليعيش حياة كريمة ومتابعة حالته الصحيه والاجتماعية أولا بأول.