إنها مصر

سنة سعيدة

كرم جبر
كرم جبر

رسخت السماحة المصرية التعايش السلمى الآمن المطمئن بين جميع أصحاب الديانات والمذاهب، والاحترام الكامل للديانات السماوية، وتقديس الرسل والأنبياء.. ولكن فى سنوات التطرف والإرهاب حدث "شيء من التغيير"، البعيد كل البعد عن السمات المميزة للمصريين.

فى زمن التطرف رأينا من يخلط الحق بالباطل والباطل بالحق لتشويه الآخرين والمساس بديانتهم وانتهاك حرماتهم، من يفعل ذلك فهو ضد وطنه وأمنه وسلامته.

لا أتحدث عن اخى المسيحى ولكن مواطن مصرى أصيل مثل المسلم تماماً، تجمعنا أرض واحدة ونعيش تحت سماء واحدة، وكنا معاً فى السراء والضراء والحلوة والمرة ، وحاربنا معا واستشهد دفاعا عن الوطن شباب مصرى مسلم ومسيحى .

نقترب من أعياد المسيحيين، وفى مثل هذا الوقت من كل عام يخرج علينا أهل الشر بفتاوى ومزاعم تسيء للمسلمين قبل المسيحيين، وعلينا جميعاً أن نتصدى لهم ولا نلتفت لما يقولون، ولا نعطيه أدنى اهتمام وأن نهنئ إخوتنا ونقول لهم سنة سعيدة بإذن الله و"كل عام وأنتم بخير"، وهذا أيضاً ما يفعله علماء الدين الأفاضل.

العلاقة الطيبة مع شركاء الوطن أمن قومي، والمساس بها إضرار بالمصالح المصرية، ويحفظ الله مصر وشعبها طالما ظلت أواصر المحبة والتعاون مع الإخوة المسيحيين فى أحسن صورة.

فتاوى الشهرة السوداء، لا تستهدف خيراً ولا نفعاً، إلا إثارة الفتن والأحقاد، وتأليب النفوس الضعيفة والصيد فى الماء العكر، ولا تعلِّم الناس شيئاً مما ينفعهم بل كلها ضرر.

لا أتحدث فى القضية من وجهة نظر دينية، فهذا شأن الإمام الأكبر شيخ الأزهر ووزير الأوقاف ومفتى الديار المصرية وعلماء الدين ومعظمهم فعل ذلك وقدم التهنئة للأخوة المسيحيين ، ولكن أتحدث كمواطن مصري، نشأ وترعرع فى محافظة اسيوط التى تعايش فيها المسلم والمسيحى فى أمن وسلام وطمأنينة.

ومجرد الحديث فى هذه القضية كل عام يشعرنى بالضيق والألم، فكلنا مصريون نعبد إلها واحدا، وبعضنا يذهب إلى المساجد وبعضنا إلى الكنائس، وتتمتع المساجد والكنائس بكامل التقدير والاحترام ولسنا فى حاجة إلى تأكيد هذه المعاني.

عشنا أياماً سوداء بعد 2011، حاول فيها أهل الشر أن ينالوا من الرباط القوى بين المصريين، بحرق الكنائس والاعتداء على ممتلكات الأقباط، ولكن كانت لهم الدولة المصرية والشعب المصرى بالمرصاد حتى فى سنوات ضعفها، وخرج المصريون لحماية كنائس إخوتهم المسيحيين، وقال علماء الدين إن الاعتداء على كنيسة تماماً مثل الاعتداء على مسجد.

وكان الأقباط فى عام حكم الإخوان مصريين قبل أن يكونوا أقباطاً، ولجأوا إلى أحضان الوطن الذى يوفر الحماية للجميع، بعد أن شاهدوا بأعينهم أن العمليات الإرهابية لا تستهدفهم فقط، ولكن تريد النيل من الوطن كله .. سنة سعيدة علينا جميعا .