ثقافة القناعة .. والعمل

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بقلم خاطر عبادة

لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع لكن لن تجد شخصا عاشقا للمال يتشبث بحلم الوظيفة ذات الدخل الثابت والمحدود.. 

دائما ما يواجه الشباب إشكالية تحقيق الطموح الوظيفى وقد يستغرق سنوات من العمل حتى فى القطاع الخاص، أو يلجأ البعض للعمل فى وظيفة مؤقتة حتى يتسنى له بناء مشروعه الخاص.. شعارهم هو (أحب ما تعمل حتى تجد ما تحب)

فلسفة الناس فى الحياة دائما ما تحتاج للتطوير والتفكير بطريقة عملية أكثر بدلا من القناعة والزهد، والبحث عن بدائل فهناك أمور أخرى ترجح من كفة التاجر لأن فلسفته ديناميكية متغيرة أو عملية أكثر.

القناعة صفة جميلة حتى لا ينظر الناس لرزق غيرهم، والرضا عن أنفسهم لكن ماذا لو رأوا أن الاكتفاء بالوظيفة لن يحقق الحد الأدنى من الاكتفاء الذاتى أو تسمح لهم بتطوير مستقبلهم.. أو أن فلسفة الصبر لن تجدى مع الوقت.. حينما يتعلق الأمر بالوظائف وبناء المستقبل فلا داعى للتفكير الحالم أو الزهد أكثر من اللازم..

التجارة.. مزايا كثيرة ومكاسب

بعضنا يجيد العمل الصعب فى المكان الخاطيء، لكن العمل فى المكان الصحيح سيكون أكثر راحة وهذا هو الأهم .. ماذا لو علموا أن الأنبياء كانوا يعملون بالتجارة أو الصناعة أو حتى فى أعمال حرفية كالنجارة والحدادة والخياطة أو الزراعة ويكسبون قوت يومهم من عمل أيديهم دون تكبر أو غرور.
 
لا يجب أن تتوقف طموحاتهم بأن تكون لديهم وظيفة حكومية بدخل مضمون أو العمل فى قطاع خاص بمقابل شهرى أكثر، لكن نظرة المجتمع بدأت تتغير تجاه الموظف الحالم أو محدود الدخل أمام غلاء المعيشة؛ فالآن لم يعد حب المظاهر والمكانة يقاس بجودة الوظيفة، ولكن بمن يستطيع توفير حياة كريمة ومرفهة لأسرته.
والسبب فى تقديس الوظيفة كان يرجع لأسباب تتعلق بالأمان وحب المظاهر لأن الناس فى السابق اعتادت النظر باحترام لصاحب الوظيفة الرسمية الزاهد، حتى يقضى عمره كله فى الوظيفة منتظرا معاش شهرى و مكافأة نهايةالخدمة، حتى توارثت الأجيال تلك الثقافة التى عفى عليها الزمن.. والسبب الآخر هو القناعة والبحث عن وظيفة تناسب مؤهله الدراسى والعلمى.

الحياة دائما فى تغير مستمر، لكن الأمر الثابت والمنطق الراجح دائما هو تفوق طبقة التجار وأصحاب الأعمال.. لأن فلسفته عملية أكثر من صاحب الطموح الوظيفى الحالم.. ناهيك عن أن هناك وظائف قد ترفع معدلات الإرهاق الذهنى والضغوط والقلق من أعباء الحاضر والمستقبل 

لكن فلسفة صاحب التجارة أو المال هى أنه لا يهتم بالتفكير بعمق أو إدمان التفكير فى عمله أو فى الحياة بشكل عام.. فمثلا نظرة الغنى للدنيا تكمن فى طريقة الاستمتاع بما لديه من أموال، و التاجر أيضا يفكر فى الدنيا بطريقة عملية غير حالمة أو عميقة، بمبدأ تجارى بسيط (خد وهات) لذا فهو لا يعطيها أكبر من حجمها .. ولن يعطيها من وقته الكثير أو لن يعطيها أكثر مما يأخذ منها.

كما أن التاجر يأكل من كسب يومه أولا بأول دون خصم أو نقصان أو انتظار آخر الشهر ليحصل على نسبة ضئيلة من مكاسب أشخاص آخرين.. بل يمكنه مضاعفة رأس ماله فى فترة محدودة.

ماذا لو انتبه البعض إلى عواقب التفكير الحالم لدى سعيهم لتحقيق طموحاتهم للعمل فى مهن سامية فى المجتمع، غير مبالين بأى مقابل مادى فى بداية مشوارهم الوظيفى.. لكن فى النهاية هذا حقهم.. ربما يستحق الأمر العناء!

الأن الخريجون الجدد عليهم أن يتعلموا من أخطاء الآباء و يغيروا من طريقة تفكيرهم ونظرتهم للعمل وشكليات الوظيفة، أو لا مانع من تعلم وسائل أخرى سواء فى التجارة والصناعات الصغيرة بجانب الوظيفة أو الدراسة، فكثير من مواطنى المجتمعات الأخرى مثل أوروبا وغيرها تفكيرهم فى هذا الأمر هو مادى بحت دون كبرياء زائف.. المجتمع عليه أن يغير من طريقة اعتماده على الوظائف فى القطاع العام أو حتى لا يتعرض للاستغلال فى بعض قطاعات العمل الخاص.