«آخرساعة» تعيش التجربة على طريق «الإسكندرية – مطروح»

«محطات التحلية».. ضرورية للمجتمعات العمـــرانية الجديدة

محطات التحلية
محطات التحلية

أعد الملف : علا نافع  ــ  ياسين صبرى

إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن الدولة تنشئ مجتمعات عمرانية جديدة شرقاً وغرباً، وجنوباَ وشمالاً، ومعظم هذه المجتمعات على سواحل سواء كانت سواحل البحر الأحمر أو المتوسط ، فإن تكلفة مد خطوط مياه النيل إلى هذه المجتمعات أصبحت باهظة للغاية، لذلك أصبح البديل الأكثر سرعة واقتصادية هو إقامة محطات تحلية المياه التى انتشرت بقوة خلال الفترة الماضية فى معظم المدن الساحلية الجديدة وحتى المدن الساحلية القديمة مثل الإسكندرية.

اآخرساعةب قامت بزيارة إلى موقع إحدى هذه المحطات التى تقع داخل إحدى القرى السياحية على طريق االإسكندرية ـ مطروحب، وهى عبارة عن مبنى مجهز مكوَّن من غرفة واحدة ملحق به خزان خارجى لاستقبال مياه الآبار الجوفية، ويصل معدل إنتاجها إلى 1000 متر مكعب من المياه المحلاة يومياً صالحة للشرب.

العمل فى المحطة يتم على ورديات مستمرة، تبدأ من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساء يتناوب عليها ثلاثة عمَّال، لكن هذا الأمر يتوقف بصورة كبيرة على معدل الاستهلاك الفعلي، ففى فصل الشتاء يقل عدد المصطافين ومعه ينخفض معدل الاستهلاك بنسبة كبيرة، أما فى الصيف فيتضاعف الطلب على المياه المحلاة فتعمل المحطة بكامل طاقتها.

يوضح لنا قطب عيد، فنى تشغيل المحطة أن المياه التى تعتمد عليها محطة التحلية تأتى من آبار جوفية درجة ملوحتها تصل إلى 30 ألف جزء فى المليون، ويجرى سحبها من خلال مضخات على عمق 30 أو 50 متراً تحت سطح الأرض، ثم يتم تجميعها فى خزان ضخم خارج المحطة يُسمى اخزان الماء الخامب الذى لم يتم معالجته وتصل سعته إلى 70 متراً مكعباً، بعدها تسحب بواسطة طلمبات التغذية لتمر بأولى مراحل المعالجة الابتدائية من خلال وضعها فى الفلتر الرملي.. وهنا يوضح لنا قطب مهمته التى تتمثل فى حجز الشوائب والعوالق والمواد الثقيلة التى يصل حجمها إلى 50 ميكرون (الميكرون وحدة طول تعادل جزءاً من مليون فى المتر).

يتابع: ابعد انتهاء المرحلة الأولى من عملية المعالجة تأتى مرحلة أكثر دقة، وهى تمرير المياه من خلال الفلاتر القطنية، وتقنية عملها شبيهة بالفلاتر المنزلية التى تستخدم لتنقية المياه، وهى تحتجز الطفلة والشوائب الأصغر حجماً التى يصل سُمكها إلى 5 ميكرون فقطب.

ويوضح أن هناك مواد كيميائية يجرى حقنها فى المياه المحلاة لتعقيمها، علاوة على ضبط نسبة الأكسجين بها لذلك لتصل إلى 7.3، وهو الوسط القلوى المتعادل الذى يجعلها صالحة للشرب، وإذا كانت النسبة أقل من المعدل السابق تكون المياه فى وسط حامضى غير جيد.

بعدها تبدأ مهمة فصل الأملاح عن المياه المعالجة عبر إدخالها فى مضخة الضغط العالى التى تضغط المياه بقوة تتراوح بين 30 و50 بار، ثم تمر على أغشية خاصة  تقوم باحتجاز الجزيئات الملحية، بعد هذه العملية تنقسم المياه المعالجة إلى نوعين، مياه عذبة بدرجة 280 جزءاً فى المليون صالحة للشرب، يتم تخزينها فى ثلاث خزانات للإنتاج سعتها 15 متراً، ومياه مالحة يتم طردها فى مجرى مائى خاص، وهنا تصل  نسبة استخلاص المياه العذبة خلال عملية التحلية إلى 40% من إجمالى حجم المياه المستخدمة، فعلى سبيل المثال إذا تم بتحلية 100 متر مكعب من مياه الآبار، يُستخرج منها فقط  40% مياه عذبة والباقى 60% مياه عالية الملوحة.

ويشرح لنا قطب طريقة ذكية يتم استخدامها للاستفادة من مخلفات تنقية المياه فى رفع كفاءة المحطة، تقوم على استغلال قوة اندفاع المياه المالحة المتبقية من عملية التحلية فى تشغيل مضخات وتوربينات الضغط العالي، ما يزيد إنتاجها من دون استهلاك مزيد من الكهرباء، وبعد ذلك تخرج فى خط مستقيم إلى آبار مخصصة لصرف هذه النوعية من المياه.

يضيف: امياه الآبار التى نستخرجها تعتبر ذات جودة أعلى من مياه البحار، نظراً لعدم وجود كائنات دقيقة بها أو طحالب أو بكتريا حية، وفى حال ما إذا اضطررنا للسحب من مياه البحر يتم حقنها بالكلور لتعقيمها وقتل أى بكتريا بها، ولكن بعد ذلك يتم تصفية مادة الكلور قبل دخولها إلى الفلتر الرملى بمادة أخرى هى الصوديوم ميتبالسفايت، نظراً لأن الكلور يتسبب فى إتلاف الفلاتر والأغشية وخفض معدل أدائها الطبيعيب.

ويشرح قطب مزيداً من التفاصيل: ابعض مكونات المحطة محلية الصنع مثل مواسيرPVC  بكافة أحجامها، أما الأغشية فيتم استيرادها من الخارج، وتعتبر الأعلى تكلفة بين مكونات محطة التحلية فاستبدالها يتكلف نصف مليون جنيه، وهى تتغير على حسب معدل التشغيل الذى يصل إلى عشر سنوات، بعد ذلك تكون قد استهلكت تماماً ولا يمكن أن تنتج مياه محلاة بنفس الكفاءةب. 

ويحدثنا قطب عيد عن روتينه اليومى داخل المحطة، حيث يبدأ يومه بفحص خزانات الإنتاج الخاصة ومعرفة ما إذا كان هناك أى ارتفاع غير طبيعى فى معدلات الملوحة، فإذا وجدها ضمن المعدلات الطبيعية يستعد لعملية التشغيل وضخ كمية المياه اعتماداً على حجم السحب اليومي، كما يقوم بفحص مضخات التغذية والتأكد من عدم وجود تسريب بها، فضلاً عن القيام بعملية غسيل عكسى للفلاتر من الرمال والحجارة الصغيرة والرواسب التى تكوّنت على سطحه خلال عملية التحلية.

من الكهـرباء إلى النــــووى 4 أنــواع طاقات فى التحلية

تمر عملية تحلية المياه بمراحل مختلفة لتصل درجة النقاء المطلوبة للشرب، وهناك أنواع متعددة لهذه العملية، تختلف باختلاف نوع الطاقة المستخدم خلال التحلية، نستعرضها فى السطور التالية:

 1 ـ الطاقة الحرارية:

من أقدم الطرق المعروفة للتحلية، وتعتمد على تسخين المياه إلى 100 درجة مئوية، وعندما تبدأ فى التبخر يتم تكثيفها مرة أخرى لفصل الأملاح، وهذه الطريقة منتشرة بقوة فى دول مثل دول الخليج العربى حيث تتوفر الطاقة اللازمة لتسخين المياه.

2 ـ الطاقة الكهربائية:

من أكثر الطرق انتشاراً على مستوى العالم، وتقوم على التحلية باستخدام أغشية التناضح العكسى، حيث يتم ضخ المياه بضغط عالٍ عبر أغشية متخصصة تقوم بفصل الأملاح جزئياً للحصول على ماء عذب صالح للشرب.

3 ـ الطاقة الشمسية:

تعد المقطرات الشمسية إحدى طرق التحلية التى تعتمد فكرتها على تجميع المياه حول سطح معين، ثم يتم تسليط أشعة الشمس عليها بصورة مكثفة حتى تبدأ مرحلة الغليان، وبعد تحولها للحالة البخارية يتم إعادة تكثيفها للحصول على مياه صالحة للشرب، ورغم أن هذه الطريقة تعتبر أقل استهلاكاً  للطاقة، فإن إنتاجها من المياه يعد محدوداً مقارنة بمحطات التحلية العادية، بالتالى هى لا تصلح للتجمعات السكانية الكبيرة ومن الصعب استخدامها على نطاق واسع.

4 ـ الطاقة النووية

يمكن تحلية مياه البحر عبر استخدام محطات الطاقة النووية، عن طريق استغلال الطاقة الحرارية الهائلة المتولدة من عملية الانشطار النووى داخل هذه المحطات التى يتم تبريدها بعد ذلك باستخدام مياه البحر، ما يتسبب فى تبخيرها، من ثم يتم تكثيف هذا البخار والحصول مياه خالية من الأملاح جزئياً للاستفادة منها بعد ذلك فى أغراض متعددة، وميزة هذه الطريقة أنها موفرة للطاقة بنسبة تصل لـ60% مقارنة بالمحطات التقليدية.