جنة الأجداد.. حضن الأحفاد

أعز الولد  ولد الولد
أعز الولد ولد الولد

"أعز الولد ولد الولد" مثل شعبى توارثته الأجيال، جسد علاقة الأمان والدفء التى يكنها الأجداد لأحفادهم، يفرحون لشقاوتهم ويرتمون فى أحضانهم يشبعون من حنانهم، فلا يوجد فى حياة الجد أغلى من حفيده، ينظر إليه على أنه امتداد له على الأرض، يمنحه الحب، والاهتمام، والصبر، ويجلب له كل ما يشتهى من لعب، ويحقق له ما يريد من رغبات، وهو ما يجعل الحفيد يغرق فى حنانه ولا يفارق أحضانه، حتى يتعلم منه ويستمع إلى حكايته، وينهل من علمه وتجاربه..

لكن الأدوار تبدلت فى الآن، تحول الجد إلى تلميذ، وصار الحفيد معلما ينقل له خبراته فى عالم السوشيال ميديا، يعطيه درسا خصوصيا فى إنشاء الصفحات، إدارة الألعاب، لتنشأ بينهما علاقة خاصة من الدفء والمودة، فى دنيا جفت فيها العلاقات، حتى أصبحت مثل شجرة يابسة غير قادرة على العطاء.

 

جنة الأجداد.. حضن الأحفاد

 

جذب الصغار الأجداد لعالمهم المفتوح وتحولت العلاقة لصداقة قللت الفجوة بين الأجيال..

صداقة يمنح كل منهما السعادة للآخر بدون مقابل..

«ألف عيلة وعيلة» قرر فتح قلوب الأجداد والجدات، واستمعت إلى حكاياتهم عن أحفادهم، حكايات مليئة بالمواقف الكوميدية والفرحة والحنان.

 

 


سعادة على اللبان تتحقق عندما يجتمع مع أحفاده السبعة وابنائه فى أيام الإجازات، يشعر حينها بالمقولة الشهيرة «أعز الولد ولد الولد « ويقول إنه ينتظر اللقاء كل أسبوع، خاصة عندما يجلس مع حفيده الكبير ليعلمه كيفية انهاء الخدمات الحكومية عن طريق الإنترنت، مشيرًا إلى أن هذا أمر طبيعى، لأن عصر الأحفاد أصبح أكثر تحضرا وانفتاحا على العالم.


وأضاف أن الجد فى الماضى كان هو المعلم الذى ينقل خبراته للأحفاد، لكن الأدوار تبدلت الآن، فأصبح الحفيد معلما للجد، وما يكتسبه الحفيد فى ثوانٍ يتعلمه الجد فى أيام ولهذا يحرص على الاستعانة بأحفاده من أجل الرد على رسائله أو فى تعامله مع الخدمات على الإنترنت، لأنها أسهل كثيرا من الذهاب الى المصالح الحكومية حيث يمكن إنهاء الإجراءات ببساطة.


تيته تلميذة


ولم تجد صفية فكرى كلمات تعبر عن علاقتها مع أحفادها، وتقول إن أحلى لحظات حياتها حين تقوم حفيدتها بتلقينها كيفية التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، مضيفة أنها عندما تتعرض لمشكلة على شبكة الانترنت تلجأ إليها وكأنها تلميذة وهى الأستاذة وتنظر لها بفخر وسعادة، وتعترف بأنها كثيرا ما تتحجج بأن لديها مشكلة فى الهاتف لتجلس حفيدتها إلى جوارها أطول فترة ممكنة..

وأضافت أن الإنترنت جعل الأحفاد يعيشون عالمهم الخاص، وأسهم فى وجود فجوة كبيرة بين الأجيال، ولهذا يجب الحرص على إيجاد وسيلة لجمع الأجيال مع بعضها الحفيد والاب والجد لعودة العلاقات والترابط الأسرى حتى يظل المجتمع متماسكا بكل فئاته وأعماره.


الافيهات والألشات


وقال حسن العتابى - موظف بالهيئة العربية للتصنيع، وجد لأربعة أحفاد- إن العلاقة بين الأحفاد يختلفون حسب أعمارهم، فالأحفاد فى مرحلة الشباب يقضون يومهم مع اصدقائهم ومتابعة مشاهير السوشيال ميديا، ما يتطلب من الجد مجهودا أكبر لمحاولة اجتذابهم بأى شكل حتى يقضى معهم وقتا أطول، وأشار إلى أنه حتى يتقرب لأحفاده حرص على تعلم لغة العصر الجديدة من «الافيهات والألشات» ليشعرهم أنه قريب منهم.. وأشار إلى أن الأحفاد فى مرحلة الصغر يميلون للجد بسبب الاهتمام والحنية المتدفقة منه، لذلك تكون العلاقة أقوى لأن الجد يتسم بالحنان والصبر، ويشعر أن وجود الأحفاد فى حياته يمنحه شعورا بالأمان والسعادة.


طلب صداقة


وحكت هويدا محمد أن حفيدتها علمتها كيفية إرسال الصور والرسائل على «الواتساب والفيس بوك» ما جعلها تشعر أن حفيدتها تحولت لصديقتها، وقالت إن الأدوار تبدلت، والصغار أصبحوا أكثر نضجا وساعدوها فى اطلاعها على العالم الخارجي.


وقالت إنها تدين لحفيدتها فى تعليمها كيفية دخول مواقع الأخبار وقراءة أهم الأحداث وتلاوة القرآن على الهاتف وما يدور فى العالم من حولى، مؤكدة أن الأحفاد يستطيعون تغيير الحالة النفسية للجد والجدة.. وأضافت: شعرت بالسعادة عندما أرسلت لى حفيدتى طلب صداقة على الفيس بوك وأصبح بيننا حوار دائما، وتعليقات على الأحداث اليومية، ما جعل الحياة أجمل سواء بالتواجد المباشر أو عن طريق الإنترنت الذى يقلل الفجوة بين الأجيال.


كاندى كراش


خالد جوهر جد لحفيدين فى المرحلة الابتدائية، قال إن علاقته بأحفاده فريدة وقوية، وبها تبادل للمنفعة والعلم، فهو علمهم الزراعة وكيفية الاعتناء بالنباتات الصغيرة فى المنزل، مقابل تعليمه كيفية استخدام اللاب توب لمتابعة الأحداث العالمية ومعرفة أخبار أصدقائه..

وأضاف: أحفادى صمموا على تعليمى لعبة «كاندى كراش»، وانتهى بى الحال لانتظارهم فى كل إجازة مدرسية ليقوموا بمساعدتى فى اجتياز مراحلها، وفى المقابل علمتهم مبادئ الدين والصلاة.


حكايات الحرب


ويقول عبد الحليم جاويش جد لثلاثة أحفاد فى المرحلة الابتدائية، إنهم يحبون الاستماع إلى حكاياته عن انتصار حرب أكتوبر ٧٣ حيث إنه شارك مع سلاح المدفعية، ويشعرون بفخر شديد بما قام به مع زملائه خلال الحرب..

ويشير إلى أنه يعتمد على أحفاده فى تعليمه كيفية استخدام التابلت والموبايل، ويحرص على أن ينقل إليهم القيم المجتمعية وكيفية ادخار جزء من مصروفهم الشخصي.

إقرأ أيضاً|أستاذ علم نفس: مراكز الدروس الخصوصية تهدم ما تبنيه خطة تطوير «التعليم»

 

 

علم النفس: الجد ذاكرة العائلة وممثل العطاء

 

قال د.محمد فتحى عجينة أستاذ علم النفس التربوى وإدارة الموارد البشرية، إن الأجداد يقدمون لأحفادهم حبا غير مشروط ولهم دور مهم فى منحهم الشعور بالانتماء، بوصفهم ناقلًا للقيم والعادات والتقاليد وأفضل من يقص الحكايات، والأجداد يمثلون التجربة والذاكرة.


وأضاف أن للأجداد دورًا كبيرا فى تنظيم العلاقات الاجتماعية بين الأبناء والأحفاد، وأن جيل الأجداد قادر على العطاء خاصة إذا توفر الجوّ النفسى المناسب فالجد يمثل الإنجاز وهو الممثل الأساسى للعطاء والفخر، وفى حالة تعرض الأسرة لأزمة فإنّ حضور الأجداد عامل من عوامل التوازن..

وأشار إلى أن للأجداد دورًا كبيرًا وفعالًا فى الحياة الاجتماعية باعتبارهم أساس بناء الروابط الاجتماعية والأسرية، فهم نموذج رمزى للتاريخ والتقاليد والقيم الأساسية وبهم تتماسك الهوية الاجتماعية التى لا يمكن الاستغناء عنها، فهم يمثلون دور المربين والمرشدين والمستشارين والمرجع الأساسى لاستقرار الأسرة، مضيفًا أن الأجداد ينظرون إلى أحفادهم نظرة تفاؤلية وكامتداد لمسيرتهم، ويدركون بأن تباعد الأفكار بينهم وبين أحفادهم شيء طبيعى بسبب فارق السّنّ، لذلك يعملون على تعلم كل ما هو جديد من سوشيال ميديا وغيرها من اهتمامات الأحفاد، ليشاركوا أحفادهم نفس الاهتمامات.

إقرأ أيضاً|نصائح أساتذة علم النفس لأمهات الذكور .. كيف تربين رجلاً؟

 

 

 

علم الاجتماع: التواصل يقضى على الصمت الأسرى

أوضح د.حسام بندق أستاذ علم الاجتماع بجامعة كفر الشيخ، أن العلاقة بين الحفيد والجد اختلفت كثيرا عن الماضى، فبعد أن كان الجد هو المعلم أصبح هو التلميذ، فمع التطور التكنولوجى وسيطرة السوشيال ميديا على حياتنا أصبح الحفيد هو معلم الجد لأن الجيل الجديد أكثر خبرة فى التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.


وأضاف أن التكنولوجيا خلقت لغة مشتركة بين الجد والحفيد حيث يجلس الحفيد ليجيب على الاستفسارات الجد فى جو من الحب واختراق الصمت الأسرى، وأشار إلى أن الأحفاد أكثر خبرة فى الانفتاح على العالم فهناك العديد من الأحفاد لهم قنوات على يوتيوب ويتواصلون مع عدد كبير من المتلقين ولديهم متابعون أو «فلورز» بعكس الأجداد، لكن الأحفاد نجحوا فى تعليم الأجداد كيفية التعامل مع التكنولوجيا بل ومساعدتهم فى إنهاء كل الخدمات والإجراءات الحكومية عن طريق الإنترنت..

 

 

وحذر د.حسام بندق من انقطاع التواصل الشخصى والاقتصار على وسائل التواصل الاجتماعى فقط، مضيفًا أن ذلك يقضى على الهوية الاجتماعية للأسرة المصرية، لذلك علينا التمسك بعاداتنا وتقاليدنا الأصلية وأن تكون هناك زيارات دائمة من الأحفاد للأجداد، ونصح بضرورة أن تكون العلاقة بينهم صداقة لما له من آثار إيجابية على العلاقات الاجتماعية لإعطاء الطرفين الإحساس بالشبع العاطفى، كما أن الأجداد يكون لديهم الصبر للتعامل مع الصغار الذى غالبا ما يفتقده الآباء.

إقرأ أيضاً|بسمة وهبة عن لقاء الرئيس مع طلاب جامعة كفر الشيخ: «شمس مصر عمرها ما هتغيب»

 

 

 

رشوان توفيق: تربطني علاقة قوية بحفيدتي نور

راوية عبدالبارى

وصف الفنان رشوان توفيق علاقته بأحفاده بأنها وطيدة جدا وطيبة وأنهم دائما يحرصون على تهنئته فى عيد ميلاده خاصة بعد رحيل زوجته..

 

 

وأضاف : يحرصون على زيارتى باستمرار، ونتبادل الهدايا من شيكولاتة وملابس فاخرة، فى الوقت الذى أحرص فيه على تعليمهم مبادئ الدين والصلاة..

 

وتابع: تربطنى علاقة خاصة بحفيدتى نور ودائما نتبادل أطراف الحديث، موضحا أن التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر، ما يجعله لا يتوانى عن تعريف أحفاده بمباديء السلوك الطيب، ليكون ناصحا مرشدا لأحفاده بوصفهم أصدقائه فى المقام الأول..

واختتم: أعز الولد ولد الولد.

إقرأ أيضاً| «الاستيلاء على مليون جنيه».. تفاصيل قضية رشوان توفيق ضد ابنته