وجع قلب

تجاوز الصدمة والمعرفة الواجبة

هبة عمر
هبة عمر

لفتت الانتباه مؤخرا عدة ظواهر صادمة فى المجتمع المصري، لم يعرفها من قبل، ولم يكن مؤهلا لتقبلها دون الشعور بصدمة هائلة، أبرزها علانية الأفعال العنيفة والدموية، مثل حادث القتل الوحشى فى وضح النهار بمدينة الإسماعيلية، وما تم تداوله من تسجيلات مصورة لطالبات يتوعدن زميلة لهن بالذبح، وغيرها من التصرفات الشاذة التى تتناقلها المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي.


ومع التسليم بأن كل المجتمعات فى العالم لا تخلو من مثل هذه الظواهر مهما بلغ تقدمها، تظل مصر حالة خاصة نظرا لسرعة التطور والتقلب فى أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية خلال السنوات العشر الأخيرة، وتزايد الضغوط على الدولة والمواطن معا، وبعض هذه الضغوط نتاج تراخ فى علاج جذرى مناسب للمشكلات الأساسية خلال عقود طويله، ولا يمكن إغفال دور الثقافة والفن والإعلام فى التأثير على قيم ومفاهيم المجتمع، خاصة أن الرسائل التى تصل حاليا عبر وسائلهم المختلفة تحوى عنفا لفظيا وفكريا لا يصح قبوله.


 ويرى البعض أن السبب الرئيسى فى تفشى العنف هو غياب دولة القانون، مما أضفى للعنف شرعية اجتماعية نتيجة بطء إجراءات التقاضى، وارتفاع تكلفة اللجوء إلى المحاكم، وتأخر العدالة فى حسم مظالم الناس، وإعاقة تنفيذ الأحكام القضائية فى حالة الحصول عليها، ويجد الناس فى بعض الأحيان أن اللجوء للعنف هو الوسيلة المتاحة للحصول على الحق، وهو فكر يتلف مقومات أى مجتمع ويهدد سلامه النفسى وأمنه الاجتماعى الذى لايقل عن الأمن السياسى للدولة فى أهميته.


تجاوز الصدمة التى يشعر بها المصريون الآن من مظاهر العنف، يقتضى توافر المعرفة اللازمة بالأسباب التى أدت لوجودها وسبل علاجها، وأعتقد أن هذا دور مهم للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية،بما يضمه من خبراء ومتخصصين أكفاء، والأهم أن تستمع إليهم الدولة لتضع حدا لتفشى العنف بكل صوره وأشكاله.