شجون جامعية

«القدرات».. شرط

أحمد عفيفى
أحمد عفيفى

فى كل عام، يفتح الباب على مصراعيه أمام جميع ناجحى الثانوية العامة لقياس قدراتهم الفنية أو الإعلامية أو الرياضية لنيل شرف الالتحاق بالدراسة الجامعية فى مجالاتها وكأنها وحدها التى تتطلب قدرات خاصة وتشترط النجاح فيها، أما التخصصات الأخرى فهي»هشة» يندفع إليها المستجدون دونما اختبار قدراتهم العلمية أو الطبية أو الهندسية أو الزراعية أو التجارية أو الأدبية أو الحقوقية إلخ...

والمغزى واضح لا يخالطه شك، إنها مجالات ليست فى حاجة لاستعدادات خاصة ولا قدرات معينة تسمح بالتفاعل معها والتعامل على أساسها وصولاً للحصول على مؤهلاتها والفوز بمهاراتها المقررة.


تقع «القدرات» فى صميم قضية التعليم، فهناك فرق بين العرف والتعريف، فقد جرى «العُرف» أن مجالات بعينها هى التى تشترط «قدرات» للاستحواذ على مقعد «دراسي» بها وبالتالى مكان «للعمل» مستقبلاً، ولكن «التعريف» يقول إن «القدرة» هى الميزة الخاصة التى يمتلكها الفرد دون غيره وقد تكون «فطرية» أو «مكتسبة» تفتح الطريق أمامه لكسب رهان المستقبل، وما بين «العُرف» و «التعريف» اختفت ملامح الحقيقة واكتنف الغموض «اختبارات القدرات» ذاتها والتى أصبحت حكراً على من يريد لمجاله تميزاً وشهادة إلى جوار»الثانوية العامة» تُقر بقيمة «الموهبة» وللحق، فإن «الموهبة» ليست فى حاجة إلى دليل إثبات أو برهان تأكيد، لأنها كائنة مع صاحبها وظاهرة للعيان منذ اكتشافها، وما دورالتعليم إلا تطويرها وصقلها ومنحها الفرصة المستحقة.
وأسوق هنا مثالاً صارخاً يبرز مدى الخلل الذى يشوب نظام «اختبار القدرات» السائد حالياً، فنلاحظ جميعاً أن قسم «العمارة» بكليات الفنون الجميلة يستلزم الالتحاق به اجتياز ذلك «الاختبار»، بينما قسم «العمارة» بكليات الهندسة وكذلك كلية التخطيط العمرانى لا يمر راغبوها عبر بوابة «القدرات» من الأصل.
يجب أن يتلخص ذلك فى «امتحانات قبول» (حقيقية وليست صورية!) لتحديد القطاعات الدراسية بالكليات المختلفة والبرامج الأكاديمية التى تطرحها الجامعات ويوجه إليها صاحب القدرة والتميز الذى يتوافق معها.


لا يصنع «الحد الأدنى» من العلم ميزات تنافسية ولكنه» الحد الأقصى» ،فهل «الاختبارات» التى تعقد سنوياً و يسجل فيها تقريباً نصف ناجحى الثانوية العامة، تقيس «قدرات» الطالب الذاتية الفطرية أم تلك المكتسبة من سنوات تعليمه ما قبل الجامعي؟، سؤال يُستوجب طرحه بحثاً عن إجابة صادقة وافية.
أستاذ بعلوم القاهرة