تطبيق التجـربـة فى الشـوارع الرئيســــية بالمحافظات الكبرى

«المينى فان».. تصلح ما أفســـده «التوك توك»

التوك توك
التوك توك

ياسين صبرى

تتخذ الدولة خطوات جادة لحل مشكلة "التوك توك" الذى  انتشر بشكل واسع خلال السنوات الأخيرة فى  العديد من الشوارع المصرية وارتبط بحالة من العشوائية، حيث اتجهت الحكومة مؤخراً إلى إحلال سيارات "المينى فان" محل عربات "التوك توك" فى  خطوة تهدف إلى الحد من الفوضى على الطرق.

ويرى خبراء أن إحلال "التوك توك" بسيارات "المينى فان" من شأنه تحويل قطاع كبير من الاقتصاد غير الرسمى ليصبح جزءاً من الناتج القومى  المصرى، فبحسب بعض الإحصاءات، جرى إدخال ثلاثة ملايين مركبة "توك توك" على مستوى الجمهورية، وإذا افترضنا أن كل مركبة تعمل فى ثلاث ورديات يومياً فهذا يعنى  وجود 9 ملايين مستفيد من هذا العمل بصورة مباشرة بمتوسط دخل يقارب 3 آلاف جنيه شهرياً، وكلها ستصب فى النهاية فى شرايين الاقتصاد عند الانتهاء من عملية الإحلال، بخلاف توفير فرص عمل غير مباشرة لمن يقوم بأعمال الصيانة والفحص للمركبات الحديثة.

خطة الدولة فى إحلال سيارت "المينى فان" سعة ستة أو سبعة راكب، ستطبق فى  الشوارع الرئيسية بالمحافظات الكبرى، مع وضع مسارات محددة لسير عربات "التوك توك" وفرض مخالفات صارمة على من يتعداها.

إجراءات الإحلال التى تزمع وزارة التنمية المحلية القيام بها بالتعاون مع وزارة الصناعة ووزارة الداخلية، سبقتها العديد من التجارب لتنظيم عمل "التوك توك" داخل المحافظات، منها تجربة حى المرج (شرق القاهرة)، الذى وضع لوحات معدنية على المركبة تشمل الرقم الخاص بها والحى الذى تتبعه، إضافة إلى وجود بيانات عن السائق داخل "التوك توك"، فى خطة تهدف لحصر جميع المركبات التى  تعمل فى  نطاق الحى، وهو ما أوضحه لنا محمد محيى، سائق "توك توك"، بقوله: "هناك قرار سابق بمنع التوك توك من السير فى الشوارع الرئيسية بعواصم المحافظات، ومن يخالف قرار المنع يتم تغريمه 1500 جنيه، وهذا الإجراء يهدف إلى إلزام السائق بالسير فى  الشوارع الفرعية كى لا يتسبب فى وقوع أى  حوادث".

يتابع: "عندما يتقدم صاحب التوك توك لتسجيله يتم النظر فى  الأوراق الخاصة به لمعرفة بياناته وبيانات السائق الذى يعمل عليه، وبعد الحصول على كافة المعلومات الخاصة به داخل الحى يتم تسجيله ضمن رقم (حصر) للمنطقة التى يعمل بها، وهذا الإجراء بمثابة تعريف للمركبة التى يعمل عليها السائق حتى يسهل الوصول إليه وضبطه فى حال قيامه بأى مخالفة قانونية".

يضيف: "قبل حصول صاحب التوك توك على رقم الحصر لا بد من معرفة الجهة التى تم شراء المركبة منها من خلال إظهار الفاتورة أو عقد الشراء وصورة من بطاقة المشترى، بعدها تتم خطوات التسجيل بعد استيفاء الإجراءات المطلوبة وحصول المركبة على الرقم الخاص بها".

ويرى محيى ضرورة إيضاح المزيد من المعلومات الخاصة بمبادرة إحلال مركبات "التوك توك" بـ"المينى فان"، حتى يسهل على الآخرين المشاركة بها، فقد سمع عن المبادرة فى عام 2019، لكن لم ير أى  إجراءات فعلية لها على أرض الواقع منذ ذلك الحين.

فيما أوضح إبراهيم محمد، سائق توك توك، أن مشروع الإحلال إذا تم تنفيذه سيكون فاتحة خير على عمله لتقنين أوضاعه، فأحياناً يطلب منه بعض الزبائن التوصيل إلى أطراف منطقة جسر السويس بمصر الجديدة فيضطر للذهاب إلى هناك وإذا صادفته لجنة مرورية يمكن أن يتم سحب التوك توك منه لخروجه عن خط السير المحدد له  ولا يتسلمه إلا بعد دفع الغرامة.

بدوره، يرحب أحمد جعفر، الذى اضطر لترك مهنته الأساسية كبائع للأدوات الصحية والعمل كسائق توك توك لسد متطلبات أسرته المعيشية، بفكرة مبادرة إحلال مركبات التوك توك، كون هذا الأمر يعطيه حرية الانتقال وتغطية منطقة أكبر فى نطاق عمله، مطالباً فى الوقت ذاته بخفض الرسوم السنوية المرتبطة بترخيص مركبات "المينى  فان" حين يتم بدء العمل بها كبديل للتوك توك حتى يتم تشجيع العديد من سائقى التوك توك على الانضمام للمبادرة.

فيما يطالب محمود عبدالله إبراهيم، سائق توك توك، بالنظر بعين الرحمة إلى أوضاع سائقى التوك توك عند اتخاذ أى مبادرات جديدة بشأنهم، فيوميته التى تصل إلى 120 جنيهاً يلتهمها سعر الوقود، ويضاف إلى متاعبه الشجار شبه اليومى مع الركاب على تحديد قيمة التوصيلة، موضحاً أن التوك توك إذا أصابه عطل كبير قد يحتاج إلى إجراء "عَمرة" تتكلف 4 آلاف جنيه، وتستغرق 7 أشهر يظل فيها السائق بلا عمل.

أما وحيد محمود، الذى يعمل سائق توك توك بمحافظة الجيزة، فيشكو من عدم وجود مواقف مخصصة لمركبات التوك توك، فالمتاح له ولزملائه هو منطقة صغيرة يتجمعون بها  قرب موقف سرفيس إمبابة. ويرفض محمود مباردة الإحلال الجديدة لعدم جدواها اقتصادياً من وجهة نظره، حيث يقول: "عربات التوك توك خفيفة الحركة كما أن قطع غيارها متوفرة وتغييرها بنوع آخر من السيارات يعتبر مخاطرة".

من جانبه، يوضح المهندس محمد المهندس رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات أن بداية ظهور مركبات التوك توك فى مصر كان لظروف خاصة لنقل المواطنين، لكنها خرجت عن المنظومة المحددة لها وبناء عليه أصبحنا نرى تجاوزات يومية منها، فمن يتولى قيادتها فى أغلب الأحيان صبية دون السن القانونية لا يملكون رخصة قيادة، والأدهى أن هذه المركبات قد لا تحمل لوحات معدنية تسهل التعرف عليها حال وقوع أى  جريمة أو اعتداء بواسطتها.

يتابع: المحصلة النهائية لانتشار التوك توك فى  مصر، هى هروب الشباب الصغير من العمل فى الحرف اليدوية والصناعات المختلفة، فالحل السهل أمامه هو شراء توك توك يحقق من خلاله مكسباً يومياً يتراوح بين 200 و300 جنيه من دون بذل مجهود يذكر.

ويتساءل المهندس: هل يُعقل أن تنفق الدولة مليارات الجنيهات على تشييد الطرق وبناء الكبارى فقط ليتم تدمير هذا المظهر الحضارى بصورة فجة من خلال مركبات التوك توك التى لا تحكم عملها آليات واضحة فى  مشهد عبثى يسىء لنا جميعا!

يضيف: مع وصول عدد عربات التوك توك فى مصر إلى نحو 3 ملايين مركبة، كان لزاما على الدولة التصدى لهذه الظاهرة من خلال إيجاد بدائل لها مظهر حضارى تحمل لوحات معدنية ويقودها سائقون مؤهلون، فضلاً عن إيجاد مواقف محددة لهذه النوعية من المركبات من دون أن تتجمع بشكل عشوائى  لتغلق الطرق كما نرى فى العديد من المناطق التى تنتشر بها مركبات التوك توك.

كما أوضح أن مبادرة إحلال عربات التوك توك بسيارات "المينى  فان" تتوزع بين عدة وزارات، هى التنمية المحلية، والصناعة، إلى جانب وزارة الداخلية، ومن ضمن أولويات تنفيذ هذه المبادرة إيجاد آلية تنفيذ مناسبة لها، لا سيما فى  تسعير المركبات بأسعار فى  متناول يد الجميع.

فيما يرى المستشار أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، أن زيادة أعداد التوك توك داخل مصر أسهم فى انتشار جرائم مثل السرقة بالإكراه، كما أن بعضها تحول إلى دولاب متنقل للمخدارت، وبناء عليه فإن مبادرة إحلالها بعربات "المينى فان" تعتبر مشروع دولة يستحق الدعم.

يواصل: نقوم بتصنيع سيارات "المينى فان" فى  مصر منذ عدة سنوات، وفى حال بدء تنفيذ المبادرة سيتضاعف الإقبال على هذه النوعية من المركبات، فنحن نتحدث عن عدد يصل إلى مليون سيارة "مينى فان" سيتم إحلالها محل عربات التوك توك على الأقل.

من جانبه، أشار المهندس خالد خليل، الأمين العام لرابطة مصنعى  السيارات، إلى أن الحكم على نجاح مبادرة إحلال عربات التوك توك بـ"المينى فان" يعتمد على عدة عوامل منها مدى استيعاب السوق المصرية لعربات "المينى فان"، وما إذا كانت ستحقق نفس الانتشار والمبيعات الخاصة بعربات التوك توك، لذا يجب إنشاء  بنى تحتية متكاملة خاصة بها كمراكز للصيانة وقطع الغيار تقوم بخدمتها على مدار الساعة.