بناؤه توقف ربع قرن.. مسجد مصري أحجاره مستوردة من دول إسلامية

بناؤه توقف ربع قرن.. مسجد مصري أحجاره مستوردة من دول إسلامية
بناؤه توقف ربع قرن.. مسجد مصري أحجاره مستوردة من دول إسلامية

في ميدان رمسيس الشهير «باب الحديد» سابقًا، وتحديدًا على ناصية شارعي رمسيس وإبراهيم كان يقع في سالف العصر جامع صغير نسبيًا اسمه «أولاد عنان» وتم هدمه بعد ذلك لبناء مسجد أعلى وأرحب وأفخم في أوائل الستينيات، ولكن ظل ربع قرن مشدودًا على سقالات واستغرق بناءه 28 عامًا.

 

وكان من الغريب أن يظل هذا المسجد كل هذه الأعوام دون استكمال، فالقاهرة مشهورة بمساجدها فهي بلد الألف مئذنة، والمعنى أن في القاهرة وحدها ألف بيت من بيوت الله غير المساجد الصغيرة، فما هي قصة هذا المسجد على وجه التحديد؟

 

لقد أرسى حجر الأساس لهذا المسجد عام 1962 وطلب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إقامة هذه المسجد في هذا المكان ليكون أكبر المساجد بالقاهرة ومئذنته من أعلى مآذنها وأمر بأن تستورد بعض أحجاره من مختلف الدول الإسلامية.

 

وبالفعل أعلن نائب وزير الأوقاف كما نشر يوم 2 يوليو عام 1968 في جريدة «الأخبار» اشتراك دول العالم الإسلامي في بناء المسجد بأحجار رمزية تنقش عليها أسماء الدول وتوضع في مدخل المسجد رمزا لوحدة الصف الإسلامي والعربي.

 

ومن بين الخطط أن يلحق به متحف إسلامي يضم خرائط مجسمة بدون شخصيات بها أهم الأحداث التاريخية منذ صدر الإسلام، ومن بينها هجرة الرسول الكريم من مكة إلى المدينة وغار حراء وغزوة بدر وغيرها من الغزوات التي خاضها النبي وأصحابه من بعده.

 

ويضم هذا المتحف الإسلامي أيضا سجلا بأسماء شهداء المسلمين في مختلف العصور، وكذلك الآيات القرآنية وتفسيرها وشرح الوقائع الإسلامية والفقه الإسلامي بطريقة مجسمة تفيد الوافدين على هذا المتحف في رحلات دينية، وصرح بذلك وزير الأوقاف في ذلك الوقت.

 

واعتمدت وزارة الأوقاف 150 ألف جنيه للإنشاءات الأولية بحيث يستوعب المسجد ألفي مصل، ويكون ارتفاع مئذنته 140 مترًا في حين أن أعلى مئذنة كان يبلغ ارتفاعها 90 مترًا وهي مئذنة "مسجد الرفاعي" بالقاهرة، ويكون له قبة ارتفاعها حوالي 155 مترًا وحولها 10 قباط متوسطة، ولكن بسبب قلة الإمكانيات والاعتمادات وعدم توافر المعدات لم يتم استكمال العمل بالمسجد.

 

وفي عام 1971 ناقش نائب رئيس الجمهورية وقتها مشروع توسيع المسجد ومحاولة تذليل ما يكون قد اعترض هذا المشروع من صعوبات لكي يبدأ التنفيذ في أقرب وقت، ولكن دون جدوى وظل جامع مع وقف التنفيذ.

 

وفي عام 1987 كان يتم تشوين مواد بناء وأخشاب في مدخل المسجد وتعطيله حتى تحول إلى مئذنة بلا جامع، وخلال تلك الآونة تم حفر وتسيير مترو الأنفاق ببراعة فائقة وتجميل الميادين والعمارات المطلة عليها بسرعة مدهشة، أما هذا الجامع المظلوم فليس في حساب أحد بحجة أن الاعتماد المخصص للمسجد في الميزانية قد نفذ وجاري فتح اعتماد جديد.

 

وفي عام 1989 صرح المهندس "زين السادات" أن مسجد الفتح عمل فني بالدرجة الأولى، أقيم وفقا لأحدث فنون العمارة الإسلامية جمالا وتطورا بالإضافة إلى زخارفه الرائعة المحفورة من الرخام والجرانيت، فقد صمم ليسع خمسة آلاف مسلم وألف سيدة مسلمة ويضم بعض المنشآت الاجتماعية والثقافية كالمستشفى والمكتبة، وبه ثلاثة مصاعد كهربائية في خدمة المعوقين وكبار السن.

 

واستكمل المهندس زين قائلا: المكون الخرساني لا يزيد على 15 في المئة من حجم المشروع والباقي تشطيبات فنية اسلامية بمواد مختلفة من جرانيت ورخام وأخشاب ونحاس ومواد إضافية مثل الخزف والموزاييك والقيشاني، ومعظم الأعمال تنفذ باليد وبمنتهى الدقة وهذا هو السر في التأخير، فجميع الأعمال اليدوية تحتاج لعمال مهرة وهؤلاء انقرضوا ومعظمهم من كبار السن، وكانت هذه أكبر مشكلة تواجهنا.

 

وقد واجهت عملية إنشاء المسجد مشاكل عديدة على مدى 25 عامًا، فكان بالمنطقة مسجد أولاد عنان وهم الملاك الأصليون للأرض ويرتفع نسبهم لسيدنا عمر بن الخطاب، وتم فك المسجد القديم حجرا حجرا ونقله إلى شارع صلاح سالم وتم تركيبة وهو يحمل اسم "مسجد السيدة عائشة".

 

وكانت هناك عمارتان مطلوب إزالتها، وبعد الإزالة صدر قرار عام 1973 بعدم إنشاء مساجد في هذا المكان، ولم يدخل المسجد ضمن خطة الدولة إلا عام 1980، وقبل ذلك كانت شركة المقاولات تتكفل بإنشائه.

 

والمشروع حكومي مئة بالمئة وسوف يتم الانتهاء منه آخر 1989، وحتى يتم ذلك سوف تبلغ التكلفة حوالي 12 مليون جنيه، ولو لم يتم إنشاءه من قبل لتكلف 60 مليون جنيه.

 

وأخيرًا وبعد مرور 28 عامًا تم افتتاح مسجد الفتح في ذكرى الإسراء والمعراج يوم 22 فبراير عام 1990، وهو يمثل مشروع معماري إسلامي ضخم وتعد مئذنته أعلى مئذنة في العالم الإسلامي، وقد أعد بداخلها مصعد يحمل المؤذن إلى هذا الارتفاع الشاهق، كما أقيمت فوقها مانعة للصواعق ولمبات لتحذير الطائرات.

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم