نحن والعالم

رسائل متعددة

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

عداوتهم هى الأقوى فى المنطقة منذ عقود. رغم ذلك تفادت ايران وإسرائيل الحرب المباشرة حتى اليوم واستعاضوا عن ذلك بمعارك صغيرة تهدف للردع واستعراض القوة، إما بحروب بالوكالة تشنها ايران ضد إسرائيل عبر «حزب الله» اللبنانى، أو بهجمات متبادلة لسفن فى البحر، أو بضربات جوية لمواقع نفوذ كل منهما بالخارج، أو عبر الهجمات «الالكترونية». اخر هذه الهجمات كان التخريب الذى طال منشأة «نطنز» الايرانية لتخصيب اليورانيوم الاسبوع الماضى، حيث أدى انقطاع مفاجئ وغامض للكهرباء لإتلاف العديد من المعدات وتعطيل العمل بالمنشأة بعد ساعات من تدشين إيران لأحدث أجهزة الطرد المركزى بها.
ورغم أن هذه هى الضربة الثانية لنفس المنشأة، حيث سبق وتسبب هجوم إلكترونى إسرائيلى-أمريكى مشترك فى تعطيل أجهزة الطرد المركزى بها فى2010، إلاّ أن أصابع الاتهام هذه المرة تشير لإسرائيل منفردة وهو ما يحمل فى طياته رسائل استراتيجية. الأولى هى إظهار عمق الإختراق الإسرائيلى لأكثر المنشآت حساسية والتى تقع تحت الحماية المباشرة للحرس الثورى الإيرانى، سواء من خلال امكانياتها الإلكترونية، أو حتى بعملاء فى الداخل، حيث تشير تقارير لعبوات ناسفة تم زرعها داخل المنشأة ثم تفجيرها عن بعد.
الرسالة الثانية أن تل أبيب مستعدة للتحرك وحدها لفرملة البرنامج النووى الايرانى، بغض النظر عن الموقف الأمريكى..والحقيقة أن موقف أمريكا يحيطه الغموض، حيث لم تصدر تصريحات رسمية تفيد بعلم واشنطن بها. كذلك فإن توقيت الهجمة صبيحة زيارة وزير الدفاع الأمريكى لإسرائيل يمكن تفسيره على انه مباركة أمريكية، أو محاولة إسرائيلية لتدريس إدارة بايدن، وإظهارها بمظهر العارف بالهجمة قبل أيام من جولة جديدة لاستئناف المفاوضات الأمريكية-الأوروبية حول برنامج ايران النووى.. حتى اثر الهجمة على المفاوضات هناك اختلاف حوله، فهناك من يرى أن هدفها احراج بايدن وعرقلة المفاوضات، ومن يرى أن لها عظيم الأثر فى إضعاف موقف ايران وإجبارها على التفاوض وتقديم التنازلات التى تخدم الهدف الإسرائيلى.