حدوتة

مرشح مسيحى يخترق دائرة النار

عبد السميع الدردير
عبد السميع الدردير

«يحيا الهلال مع الصليب».. كنت أظن فى طفولتى أن هذا الشعار خاص بانتخابات مجلس الشعب (النواب حاليا) فى دائرة مدينة نجع حمادى المعروفة بدائرة «الدم والنار».. إلا أننى علمت لاحقا أنه شعار ثورة ١٩١٩ ضد الإنجليز وفتنتهم «فرق تسد»..
«فرق تسد» ظلت لعبة خبيثة فى دائرة تسود فيها القبلية ولا تخلو من الفتن الطائفية لتحقيق أهداف سياسية.. قبيل الانتخابات كانت تنتشر الشائعات بأن الكنيسة فى نجع حمادى سوف تصوت ضد مرشح بعينه لدفع الأغلبية من البسطاء المفتونين للتصويت على مبدأ «كرها فى معاوية وليس حبا فى علي».. وإذا حدثت إعادة بين «معاوية وعلي»، وكلاهما مسلم بينما يحظى الأول بدعم الكنيسة، تهدأ الفتن ويحيا الهلال مع الصليب ويفوز مرشحا حزب طالما كان يرفع شعار «المواطنة» ويدرجه فى دستوره، لكن مع إيقاف التنفيذ.. هذه الحيلة الخطرة لم تكن بعيدة عن مجزرة نجع حمادى الشهيرة التى راح ضحيتها فى ٢٠١٠ عشية الاحتفال بعيد الميلاد المجيد ستة مسيحيين أقباط ومسلم، والتى نفذها مسجل خطر كان وثيق الصلة بأحد النواب.. لم يكن هذا هو الخلل الاجتماعى الوحيد.. لكن التعصب القبلى فى مجتمع يتسم بعلاقات متشابكة ومتداخلة كان قد أودى بحياة نجل مرشح وابن أخيه فى تسعينيات القرن الماضي.. لست بصدد النبش فى الماضى وتقليب المواجع، لكن ما ذكرته هو استعداد لزف المفاجأة.. فإذا كانت العلاقات المتشابكة المتداخلة أو Interconnectedness تتناسب عكسيا مع تقدم المجتمعات فقد ارتقت نجع حمادى لدرجة تراجع فيها التأثير القبلى حتى سمح لشاب لا يحظى بدعم قبلى خوض جولة الإعادة فى الانتخابات الماضية.. أما مبعث السعادة اليوم هو أن ينافس مرشح مسيحى بقوة فى الانتخابات المقبلة وسط ترحيب كبير من المجتمع النجعاوى، ما يؤكد أن دولة ٣٠ يونيو تدفع لغرس المواطنة عمليا وأن نجع حمادى بشبابها قادرة على تصحيح مسارها ولو بعد حين.. لا أريد أن استبق النتائج ولكن لا أستطيع أن أخفى رجائى فى نجاح التجربة.