فى الفكر والسياسة

جو بايدن واستعادة المكانة الأمريكية المفقودة

د. محمد السعدنى
د. محمد السعدنى

لاشك عندى أن دونالد ترامب مثل بشخصه وسياساته أسوأ صورة للولايات المتحدة الأمريكية عبر تاريخها المعاصر، فقد نال بتهوره وعشوائيته وأفقه المحدود من كل القيم التى حاولت الولايات المتحدة ترويجها للعالم كله وشكلت الاستثناء الأمريكى فى عالمنا الحديث، من قوة النموذج الديمقراطى، والحريات العامة والعدالة، والتنوع العرقى والثقافى، والتقدم العلمى والتكنولوجى، والاقتصاد الأقوى عالمياً، والقدرات العسكرية الفذة. فجاءت ممارساته على مدى ثلاثة سنوات ونصف، نموذجاً لتحدى كل هذه القيم، ما أضر المكانة الأمريكية وشوه صورتها ونال من مصالح الأصدقاء والحلفاء قبل الأعداء، لكأن فترة رئاسته جاءت كفقرة ترفيهية ساخرة، تقدم على مسرح البيت الأبيض لحين اعتلاء سدته رئيس أمريكى يعرف قيمة البلاد والتزاماتها أمام العالم والدول والشعوب. ومع تدنى شعبيته يوماً بعد آخر، راح يلمح لاحتمال تأجيل الانتخابات الرئاسية، ولما ووجه باستنكار شديد بدأ ينخرط فى حملته الانتخابية بكثير من أكاذيبه وادعاءاته، وكثف كل جهده للنيل من المرشح الديمقراطى جو بايدن والسناتور «كمالا هاريس» التى اختارها نائبة له، ومن الديمقراطيين، الذين تعهدوه بحملة مضادة أكثر قوة وتأثيراً.
وأنقل لكم من مقال الواشنطون بوست بالأمس «الحرس القديم لواشنطن يجادل بأن جو بايدن سيعيد الاستثنائية الأمريكية» حيث استعرض كاتباه «جيمس هوهمان وماريانا ألفارو» وقائع المؤتمر الوطنى للحزب الديمقراطى الأربعاء فى ويلمنجتون ديلاور، وما لحقه اليوم التالى من لقاءات بتقنية «الفيديوكونفرانس» وبثه عبر شبكة الانترنت، حيث حشد الديمقراطيون رؤساء سابقين ومجموعة من قدامى المحاربين فى مجال الأمن القومى وأعضاء آخرين من الحرس القديم للديمقراطيين لإثبات صحة ادعاء بايدن بأنه يستطيع إعادة بناء أمريكا واستعادة مكانتها.وأترجم لكم بعضاً من فقرات المقال، حيث قال بيل كلينتون «رغم أننا نكون 4 فى المائة فقط من سكان العالم، فقد شهدت أمريكا 25 فى المائة من حالات الإصابة بالفيروس فى العالم. ليس هذا فقط فمعدل البطالة لدينا هو أكثر من ضعف ما هو عليه فى كوريا الجنوبية، ومرتين ونصف ضعف مثيله فى بريطانيا، وأكثر من ثلاثة أضعاف مثيله فى اليابان، ورغم ذلك يدعى دونالد ترامب إننا نقود العالم. بينما الحقيقة أننا الاقتصاد الصناعى الوحيد الذى تضاعفت فيه معدلات البطالة ثلاث مرات «.
وقال جون كيرى، مرشح الحزب الديمقراطى 2004 ووزير الخارجية خلال ولاية أوباما الثانية: «قبل دونالد ترامب، كنا نتحدث عن الاستثنائية الأمريكية». الشيء الوحيد الاستثنائى بشأن سياسة ترامب الخارجية غير المتماسكة هو أنها جعلت أمتنا أكثر عزلة من أى وقت مضى». وقال وزير الخارجية السابق كولن باول، وهو جنرال متقاعد خدم فى ظل ثلاثة رؤساء جمهوريين: «سيكون جو بايدن رئيسًا سنفتخر جميعًا بتقديم التحية له». وأضاف «أنا أدعم جو بايدن لأنه سيعيد قيادة أمريكا فى العالم ويعيد التحالفات التى نحتاجها للتصدى للمخاطر التى تهدد أمتنا، من تغير المناخ إلى الانتشار النووي». وفى كلمته اتهم السناتور الجمهورى السابق تشاك هاجل، الذى عمل كوزير دفاع لأوباما ترامب «بالإخفاق والتقصير فى أداء الواجب» وأضاف: «ترامب حط من قدر الرئاسة وحط من قدر بلادنا فى عيون العالم». وفى كلمته قال الجنرال المتقاعد بالقوات الجوية جاك واينستين» لم أعتقد أبدًا أنه سيكون لدينا رئيس يمثل خطرًا على الأمن القومي». وتحدثت المدعية العامة السابقة بالإنابة سالى ييتس، قائلة: «إنه يعامل بلدنا كما لو كانت شركة عائلته، لقد أفلس ترامب السلطة الأخلاقية لأمتنا فى الداخل والخارج». وقالت كارولين ابنة جون كينيدى، إنها معجبة ببايدن منذ أن تعرفت عليه كمتدربة فى مجلس الشيوخ فى السبعينيات هو رجل محترم وطيب»، وبعث جيمى كارتر برسالة لدعم بايدن، وتحدث عشرات آخرون، وبعضهم سفراء ودبلوماسيون وعدد من كوادر الديمقراطيين الشبان بشأن ضرورة بناء أنظمة للهجرة والسياسة الخارجية تبتعد عن العنف والعنصرية وكراهية الأجانب. لقد كان مؤتمراً حاشداً قلب الطاولة على ترامب وعرى أكاذيبه وفشله وأعاد كتابة السيناريوهات المحتملة للانتخابات فى نوفمبر القادم.، فهل ينجح بايدن فى استعادة المكانة الأمريكية المفقودة؟ دعنا نأمل ونرى.