إعادة نظر

تجديد الخطاب العلمى !

أمل قصرى
أمل قصرى

أستعير هذا التعبير من صديق عزيز قاله أثناء نقاش أحوالنا العلمية وما تتطلبه من تغيير، حيث قفز إلى ذهنى عندما قرأت خبرا صادرا عن وزارة التعليم العالى والبحث العلمى بالموافقة على أن تمنح الجامعات الخاصة درجتى الماچستير والدكتوراه، والحقيقة أننى لم أفهم القرار حيث إن بعض الجامعات الخاصة لديها بالفعل برامج معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات لمنح تلك الدرجات. فى الغالب لن تقرأ خبرا كهذا إلا فى مصر، لأنه لا يُعقل أن تكون هناك جامعة بدون برامج كهذه، أى أن القرار إدانة للجهات التى كانت سبباً فى عدم حدوث هذا حتى الآن.
ما لفت نظرى هو الرفض العنيف، الذى صاحبه استهزاء وسخرية، من قِبل العديد من الأساتذة بدعوى أن هذا لا يصح وغير ممكن، غير مدركين أن هذا الرفض هو إدانة مباشرة لهم جميعاً. فالمعروف أن عدداً كبيراً منهم سعى ويسعى للجامعات الخاصة من أجل المرتبات الأعلى، وهذا فى حد ذاته لا يدينهم فى شيء فهذا حق طبيعي. الإدانة التى أقصدها هى أن معنى عملهم فى تلك الجامعات التى يرفضون أن تمنح درجات عليا، كان فيه تخل عن قيمهم الأكاديمية ومعنى هذا أنهم ساهموا فى بناء أماكن لا تصلح لإنجاز البحث العلمى وبالتالى لا تصلح أن تكون جامعات. وبصرف النظر عن هذا الفكر الغريب والمُستهحن من بعض الأساتذة، يبدو أنه من غير الواضح فى مصر التعريف الحقيقى للجامعة، التى هى كيان يحتوى الطلاب والأكاديميين ويتم فيه التدريس والبحث العلمى معاً، لأن فصلهم يعنى أنها كيان غير أكاديمي. يبدو أيضاً أن الكثيرين لا يدركون أن بعض الجامعات الخاصة تخطو خطوات كبيرة من أجل رفع مستوى البحث العلمى والدليل هو السعى الحثيث من العديد من الباحثين الصغار للعمل فيها. كما أنه، حسب جهاز التعبئة العامة والإحصاء، زاد معدل خريجى الجامعات الحكومية فى عام واحد بمقدار 13.3% بينما زاد إجمالى خريجى الجامعات الخاصة بمقدار 33.4% وهو فرق كبير ويدل على تسارع النمو. ورغم أننى لم أستطع الحصول على نسب من يحصلون على وظائف من الجانبين، إلا أننى أزعم (فقط عن طريق الملاحظة) أن خريجى الجامعات الخاصة يحصلون على وظائف معقولة إذا لم يسافروا للخارج.
بصرف النظر عن كل هذا الجدال، فيجب أن يعلم المسئولون أنه عند الحديث عن الجامعات، لا يجب أبداً التمييز بينهم، بل يجب أن تتواجد كجامعة ينطبق عليها مواصفات الجامعات كمؤسسات أكاديمية توفر مستوى معينا من الدراسة والبحث الذى من غيره لا تسمى جامعة، وهى مسئوليتهم الأولى أن يضمنوا أن تمتلك كل المؤسسات الجامعية تلك المواصفات. لذلك قلت فى البداية إن قرارا مثل هذا الذى صدر يدين المسئولين قبل أى شخص آخر، فإذا كنّا بالفعل نسعى لتطوير البحث العلمي، فتجديده وتطويره لن يتم بدون تطوير النظرة للجامعات وتقويتها مؤسسياً، وهو ما نحتاجه بشدة فى مصر بسبب الزيادة الكبيرة فى عدد السكان. أما الطلاب والأهالى فيجب أن يتم تثقيفهم بمعنى المؤسسات الأكاديمية ولهم هم حرية الاختيار بما يناسب ميولهم التعليمية وقدراتهم المادية.
< استاذ بالجامعة البريطانية