الديانات السماوية تتعانق في مصر| الكنيسة المعلقة.. رمز انتصار المسيحية على الاضطهاد الروماني

 الكنيسة المعلقة
الكنيسة المعلقة

سُميت معلقة لأنها بنيت فوق الأبراج القديمة للحصن الرومانى «بابليون»، لتعبر عن انتصار المسيحية المصرية على الاضطهاد الرومانى.. وتعتبر الكنيسة المعلقة من أقدم الكنائس الموجودة فى مصر، ويقال إنها بنيت على أنقاض مكان احتمت فيه العائلة المقدسة أثناء الثلاث سنوات التى قضوها فى مصر هروبا من هيرودس.

وقال د. مختار الكسبانى أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، إن الكنيسة المعلقة تعتبر من أهم الكنائس الموجودة فى مصر، حيث إن عمارة الكنائس فى مصر لا تميز من الخارج، إلا الكنيسة المعلقة التى بنيت على برجين من أبراج حصن «بابليون» الذى يمثل فترة الاضطهاد الرومانى للمسيحيين فى مصر، وتعود الكنيسة إلى القرن الخامس أو السادس الميلادى.

وأوضح الكسبانى أن الكنيسة بدأت بمبنى صغير بناه راهب إثيوبى هو «نخلة الباراتى» وكان ناظر أوقاف الكنيسة المصرية، وبيته موجود فى حرم الكنيسة، ثم توسعت عن طريق إدارة الأوقاف القبطية، مشيرا إلى أن الكنيسة تتميز بوجود عناصر من العصر الطولونى والفاطمى والعثمانى، حيث تم تجديدها فى العصر الإسلامى من قبل بعض الولاة المسلمين الذين حكموا مصر، فقاموا بعمل إضافات لها أثناء ترميمها.

وأشار الكسبانى إلى أن أهم حدث تاريخى مرت به الكنيسة المعلقة هو انتقال الكرسى الباباوى من بطريركية الإسكندرية إليها، مضيفا أن كل المعابد المصرية القديمة كانت توجد بها كنائس إلا المعابد التى بناها الرومان، حيث اعتبروها نجسا بسبب اضطهادهم للمسيحية، كما أن الفكر المصرى كان له تأثير كبير على المسيحية، وسنجد أن كل ما يتعلق بالمسيح يشابه ما يتعلق بحورس المصرى الذى تقول الاسطورة إنه ولد دون أب. وأوضح الكسبانى أن مجمع الأديان الذى توجد به الكنيسة المعلقة يعد أقدم مكان تتجمع فيه الأديان السماوية الثلاثة على وجه الأرض، كما أنه أول منطقة تشهد ظهور ديانة قبل الديانات السماوية أيضا، حيث إن حصن «بابليون» بنى على رصيف ميناء مدينة «أون» التى تعتبر أول مدينة علمية ظهرت فيها عبادة الشمس وكان بها معاهد علمية لبحث أمور الديانة فى العالم القديم.

وكانت الآثار قد قامت بترميم الكنيسة المعلقة بمنطقة مصر القديمة وتم افتتاحها فى عام 2014، وشمل المشروع ترميم الكنيسة معمارياً وإنشائيا، حيث تمت معالجة الآثار الناتجة عن زيادة منسوب المياه الجوفية أسفلها عن طريق مشروع شامل لخفض منسوب المياه تحت الأرض، كما تضمن المشروع ترميم الرسوم الجدارية والأيقونات وتطوير منظومة التأمين عن طريق تزويد الكنيسة بكاميرات مراقبة وتأمين مداخلها، وكذلك تركيب تكييف مركزى لتثبيت درجة الحرارة والرطوبة النسبية بالكنيسة، بالإضافة إلى صيانة وتنسيق المداخل والموقع العام لإعادته لما كان عليه طبقا ً للأصول الأثرية.

ويعود تاريخ بناء الكنيسة المعلقة إلى أواخر القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلادي، وهو ما يتضح من أخشـاب العمارة الأولى الموجودة بالمتحف القبطى وتمثل دخول السيد المسيح إلى أورشليم، وللكنيسة أهمية دينية كبيرة حيث شهدت فى فترات كثيرة من العصر الإسلامى رسامة البطاركة، كما كانت تعقد بها كثير من الاحتفالات الدينية المسيحية الكبرى، وحوكم فيها بعض الخارجين على الطقوس الكنسية، وقد تجددت عمارتها على مر العصور الإسلامية حيث أعيد تجديدها فى نهاية القرن 12 هـ / 18م على يد المعلم عبيد أبى خزام  سنة 1189هـ/ 1775م كما هو مدون على حجاب معمودية الكنيسة، وتشتهر الكنيسة بالأيقونات الموزعة على جدرانها والتى تبلغ حوالى تسعين أيقونة يرجع أقدمها إلى القرن الخامس عشر الميلادى لكن أغلبها يعود إلى نهاية القرن الثامن عشر الميلادى.