«يقامر شعره» ديوان جديد للدكتور سيد عبدالرازق عن هيئة قصور الثقافة 

الدكتور سيد عبدالرازق ليتاح
الدكتور سيد عبدالرازق ليتاح

صدر حديثًا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ديوان "يقامر شعره" للشاعر الدكتور سيد عبدالرازق ليتاح في معرض القاهرة الدولي للكتاب المزمع نهاية يناير الجاري.

الديوان صدر ضمن سلسلة الفائزون وبمناسبة فوز الديوان بجائزة المسابقة المركزية، وبالمركز الأول على مستوى الجمهورية في شعر الفصحى عن عام 2019.

للشاعر الدكتور سيد عبدالرازق عضو نادي أدب أسيوط عدة دواوين شعرية منشورة، بالإضافة لفوزه بالعديد من الجوائز الهامة، ومنها جائزة البرده العالمية من الإمارات العربية المتحدة وذلك لدورتين، وبهذا يلقبه المثقفون بشاعر البرده، إلى جانب فوزه بعشرات الجوائز الأخرى ومنها جائزة الحرية للأسرى من دولة فلسطين، والجائزة التقديرية لمسابقة أحمد مفدى من المملكة المغربية، وجائزة وزارة الدفاع الأدبية، وغيرها الكثير.
يناقش ديوان "يقامر شعره" عدة قضايا هامة تشغل حيزًا في العقلية العربية منفتحا على المضمون الحداثي مع حفاظه على الشكل العمودي والتفعيلي للقصائد لكن أيضًا على مستوى التجديد في الشكل العام للديوان فقد قسم الديوان إلى عدة رهانات وهذا ما أكسب الديوان أسمه في محاولة لشكل مغاير لمناقشة القضايا التي يحتويها الديوان.
حيث جاء التقديم للديوان استشهادا بقول ماتشادو "ما أسهل الطيران، ما على الإنسان إلا أن يحرص على ألا تمس أقدامه الأرض" في محاولة لإبراز هوية الديوان التي تبحث عن التحليق والتفرد، ثم قدم لكل رهان بمقطوعة شعرية تشي باتجاه الرهان ولا تصرح به ليثير في القارئ فضوله لاكتشاف ماهية هذا الرهان، فكان الرهان الأول "السماء" الذي ناقش علاقة الأرضي بالسماوي، الصورة النقية التي ترفع الإنسان لمرتبة السماويين، وما يعلق به من أدران الإنسانية التي تشده مرة أخرى لطبيعته الأرضية، مما تخططه الأقدار للأمنيات التي يضعها الإنسان أمامه ليبلغها فكان للسماء رأيها الآخر ويرى أن الطين السماوى أنبل في إشارة إلى ما يجب أن يسود من قيم العدالة والسلام والمحبة.

وبطبيعة الحال لم يخل ديوانه من "المرأة" فكانت رهانه الثاني الذي يقامر عليه شعره فقدم قضاياها بشكل مغاير ليصور العلاقة بين الرجل والمرأة في لعبة "البلاك جاك" ويدعو المرأة للتجلي الكامل مجابهة الخفاء الذي فرض على أحاسيسها ومشاعرها فرسمها في صورة "مخطوطة" تحتاج للدراسة والمطالعة والبحث في إشارة إلى ضرورة التخلي عن الفهم السطحي لقضايا المرأة والغوص في أعماقها الإنسانية ثم هو كشاعر يخون يقينه في سبيل الإيمان الجديد ونظرته الجديدة للمرأة مجسدا حالة من الصراع الداخلي بين ما هو موروث ومعتاد وبين ما هو جديد وطارئ.

وكونه شاعرا يدفعه دفعا لأن يكون رهانه الثالث "القصيدة"، فالقصيدة محور حياة الشاعر ومعشوقته الأولى التي يفضي إليها بما لا يفضي به حتى لذاته، فهي التي تحل لوغاريتم المعنى وتجسد النقاء الذي كانت تلعبه الكاهنات في معابدهن القديمة وتمثل الخطايا التي يتحملها الشاعر، وتمثل السبيل لأن يعرف الشاعر كينونته وذاته، فجاءت قراءاته للشعراء في صورة الحواريين، ويناقش ما تتبعه حياة التعلق بالشعر حيث تلك الروح الحالمة المحلقة في اصطدامها بالواقع ومتطلبات الحياة ليكتب بحبر سري ما يتخلل تلك الحياة من قلق.

أما "الحرب" فقد أخذت مكانها في وسط هذا الجو الملبد من حولها بغيوم المعارك والثورات والخلافات الطائفية فجاءت "الحرب" رهانه الرابع ليصور معاناة اللاجئين والمقيمين تحت نير الحروب من عيون صبية صغيرة تحت الأنقاض حيث أخذوا منها نصف عالمها وهي ما تزال على أبواب الحياة ثم يتطرق إلى معاناة أسرى الحرية وأسرى الحروب ليجعل من الملح والماء محورا بما يحملانه من دلالات إنسانية لقضية الأسرى.
وجاء رهانه الخامس متجسدا في "الوطن" ذلك الذي يحتل من الشاعر مساحته الكلية فتناول صورة غده المنتظرة راسما طريقا للقادمين ينأى بهم عن مزالق الأقدمين فيصورهم بأطفال الشمس الذين يحتاجون إلى استعادة ذاكرة الضوء وينير لهم طريق السلام بسراج الزيتون ثم يهدي آماله إلى السودان في قصيدة "كنداكة" مشيرا إلى ما قد يقدمه المرء من تضحيات في قصيدة "الخوذة الناعمة".

ثم يصل إلى نهاية المقامرة مع شعره بعد أن طرح على طاولة الشعر رهاناته عن "السماء" و"المرأة" و"القصيدة" و"الحرب" و"الوطن" ليترك الباب مفتوحا أمام القارئ ليخمن الورقة الأخيرة ومن منهما سيفوز الشاعر أم شعره وهذه النهاية المفتوحة التي لم يضع لها حدا توحي بأن الرهان ما زال مستمرا.