قلم ووطن

أكثر اتساعاً وأكثر نوراً

لواء أ.ح. سيد غنيم
لواء أ.ح. سيد غنيم

التآمر هو اتفاق غير معلن بين طرفين أو أكثر للإيقاع بطرف آخر أو إحداث الضرر به. والتآمر موجود فى كل مكان، سواء فى حبك الجرائم أو فى مجالات العمل أو فى حياتنا الاجتماعية اليومية، وحتى على المستوى الدبلوماسى بين الدول نجد التآمر الإقليمى والدولى.


ولكن هناك بعض الأمور أيضاً التى ندركها جميعاً مثل أن الأضعف هو من يتآمر، أما الأقوى فيأمر وهو ما يتضح بين الدول فى حالات كثيرة، فنجد أن الدولة الأضعف تلبى معظم مطالب الدولة الأقوى وإن رفضت تجد العقوبات والضغوط بأنواعها والحرمان من المساعدات وغير ذلك، فالقوى يرى أن الضعيف لا يستحق ما يتم بذله للتآمر عليه.


كل ما سبق واقع ومعروف ولا خلاف كبير عليه، أما المشكلة الحقيقية فتكمن فيمن يعلق كل فشل تتعرض له بلاده على فكرة إن سبب الفشل هو نتيجة للتآمر الخارجى عليها.. ففشل أو هشاشة أى دولة وطبقاً لما هو معروف علمياً له أسباب عديدة معظمها داخلية، أما الأسباب الخارجية فعادة ما تمثل النسبة الأقل.


فكرة أن الغرب هم من يتحدثون دائماً عن التصدى لفكرة المؤامرة وتعليق الفشل عليها غير صحيحة، ففى دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية فضلاً عن الصين وإقليمى تايوان وهونج كونج وجميعها واقعة فى أقصى شرق آسيا، نجد أن الخبراء وصناع القرار بها قد كتبوا مجلدات حول ظاهرة شكوى شعوب وحكومات الدول الفاشلة والدول الهشة من المؤامرات الواقعة على بلادهم أكثر مما كتب فيه نظراؤهم فى الدول الغربية.


إذن ليس الموضوع فكرا غربيا بحتا ولا تأثرا بالغرب أو ما شابه، ولكنه واقع يتناوله الشرق والغرب وكل العالم المتحضر بصورة علمية جادة وبحث أمين مستفيض.


كإنسان طموح يهمنى أن أتطور وأرتقى وبلدى معى، لا تشغلنى إن كان هناك مؤامرة عليّ أو على بلادى أم لا خاصة مع تقدم عمرى. ولكن أتعجب ممن يُصر على غرس فكرتها فى رأسى كمحرك لحياتى كمواطن عادى، وكأننى من المفروض أن أعيش فى غياهب مبررات المشكلة دون السعى لإيجاد حلول علمية لها.


ومن ثم، لكى ننعم بالتحضر والقدرة على التطور علينا أن نعمل بجد على تفهم مشاكلنا والبحث العلمى المنضبط عن الحلول الممكنة لها. وجب علينا القيام بمواجهات حقيقية مع الآخر سواء كان رأيا شخصيا أو فكرا عاما أو ثقافة دولة أو حضارة مختلفة وأن نتفهمها. وجب علينا الانفتاح على العالم بخطوات مدروسة ومساعٍ حقيقية للتفهم والقبول والاختلاف والقدرة على التوافق والتعاون بدلا من التنافر، بدءًا من الخلاف وصولاً إلى الصراع. انفتاح دون خوف أو تخوين دائم لكل ما لا نفهمه أو ما يختلف مع أفكارنا أو ثقافاتنا.


وقتها ستختلف طبيعة رؤيانا للأمور، لأن زاوياها ستكون أكثر إتساعاً وأكثر نوراً.