فى الفكر والسياسة

السيد محافظ القاهرة: هل تسمعنا؟

د. محمد السعدنى
د. محمد السعدنى

السيد محافظ القاهرة مع بداية عام جديد فى عمر الوطن، أتمنى عليك أن تقرأ بعين السياسة ما تقرأه بعين الأمن، إذ مع نهاية عام مضى شاع خطاب عام يشى بانصراف إرادة الدولة وتوجهها نحو إصلاح سياسى، تقوم رؤيته على ضرورة تلبية الجهاز التنفيذى للدولة لحاجات الجماهير فى الحصول على خدمات سياسية ومحلية وتنموية أفضل مما كان، أو على الأقل هذا ما وصلنى من تصريحات رئيس الجمهورية وتكليفاته للحكومة والمحافظين ونوابهم، فى الأسابيع الأخيرة الماضية. وهو أمر فى ذاته يشير إذا ما تحقق لتغيير جوهرى يعيد للمواطن اعتباره وتقديره وربما سلطته، كشريك فى معادلة السياسة ومنظومة المواطنة، وهو أمر لا يصح معه تجاهل الجهاز التنفيذى لشكاوى المواطنين مما يرونه تقصيراً يحول دون حصولهم على خدماتهم المحلية بعدالة وشفافية فى إطار الدستور والقانون.
إذن القراءة المسئولة لمستجدات السياسة المرتقبة تستوجب النظر للمواطن بعين الاعتبار التى كلفكم بها السيد رئيس الجمهورية. لكن للأسف هذا لم يحدث، إذ فى هذا المكان بتاريخ 6 ديسمبر الجارى كتبت عن تضرر مواطنى زهراء المعادى من الفوضى والمخالفات، وتقصير أجهزة الإدارة المحلية فى حماية حقهم أن يعيشوا فى هدوء وسكينة وأمان لا يفتئت عليها موظف عام أو يهددها الواصلون من الكبار الذين يتجاوزون القانون تحت سمع وبصر نائب المحافظ ورئيس الحى وفى نطاق تواجد مكاتبهم. كتبت هذا مشفوعاً بالتفاصيل تحت عنوان «زهراء المعادى: هل من نهاية للفوضى والمخالفات؟» وشرحت كيف تغول أحد النوادى على حقوق سكان المنطقة، واستباح لرواده ما ليس من حقهم، وبينما كيف تتقاعس أجهزة المحافظة، التنظيم والبيئة والمرور وإشغال الطريق والتخطيط العمرانى وهيئة الطرق عن تطبيق القانون، ولم نسمع رداً، أو نلق استجابة، وكأنه لا حياة لمن تنادى.. الأخطر أننا طالبنا حمايتكم للرئة الطبيعية التى تتنفس من خلالها المنطقة الواقعة تحت غبار كثيف من «محاجر شق التعبان» بالتصدى لمن يقومون بقطع الأشجار، وإذا بنا نفاجأ بأن المحافظة هى التى تقوم الأسبوع الماضى بمجزرة كبرى ضد الأشجار التى كانت وارفة فى الحديقة العامة بالمنطقة، بحجة تقليم الأشجار.
سيادة المحافظ ما قامت به أجهزتكم جريمة بيئية تشكل كارثة، إذ التقليم يعنى تخفيف بعض الأغصان والفروع الصغيرة لتحفيز الأشجار على النمو والتوريق، لكن ما حدث هو قطع جذوع الأشجار الكبيرة الوارفة حتى لم يبق منها إلا ما يصل لنصف متر ارتفاعاً عن الأرض. هذه مذبحة للخضرة واغتيال للبيئة، وليس تقليماً جائراً. الغريب أن هذا يحدث بينما دول العالم حتى الفقيرة منها تتبنى مبادرات لزراعة ملايين الأشجار. يحدث هذا فى رواندا وإثيوبيا وأوغندا وجنوب إفريقيا، وموزمبيق وتشاد وموريشيوس، ناهيك عن دول كبرى أكثر تقدماً تحافظ على أشجارها، وتقوم بتصنيفها واستخراج شهادات متابعة لها. وأذكر أثناء مشاركتى فى أحد المؤتمرات بموسكو، كنت أقيم فى أحد الفنادق بالدور الثامن، وكانت الأشجار الوارفة تصل حتى شباك غرفتى، وعشت هذه التجربة أيضاً فى روما، وفيينا وباريس، ومونبلييه وموريشيوس وسان دييجو وواشنطون وبون وبرشلونة وغيرها. ولا أدرى هل مجزرة الأشجار حدثت فى زهراء المعادى لأن سكانها تجرأوا على الشكوى، فقررت أجهزة المحافظة عقابهم؟ أم هو الارتجال والعشوائية؟
قد تكون شكوانا فيما كتبناه هنا منذ قرابة شهر لم تصلكم، وهنا يتوجب أن تقوموا بمحاسبة من تجاهلنا واستهزأ بنا، ومن لم يعرض الأمر عليكم وسيادتك المسئول الأول عما يقوم به رجالك فى أحياء وأجهزة المحافظة.. ثم هل من حق نادى «وادى دجلة» أن يستغل الشوارع جراجاً مفتوحاً لمئات السيارات الفارهة التى تسد علينا الشوارع وتستغل كل المساحات أمام بيوتنا حتى فى الشوارع الجانبية فى صف ثانٍ وثالث، بينما ينبغى إلزام النادى بعمل جراج متعدد الطوابق داخله، فلا يعوق المرور بالمنطقة، ويسود عيشة السكان الذين لا يجدون مكانا لسياراتهم إلا على بعد أكثر من كيلومتر، الأمر الذى يرحل المشكلة على سكان الأحياء الأخرى.
سيادة المحافظ رجاء التدخل وتصحيح الأوضاع ورد الاعتبار للمواطنين الذين أساء إليهم تجاهل أجهزتكم، وأنقل لكم عزمهم ألا يتركوا هذا الأمر يمر دون إجراء، فهل تسمعنا؟