خارج النص

أخطر من الطابور الخامس

 د.أسامة السعيد
د.أسامة السعيد

 د.أسامة السعيد

ليس جديدا أن تقرأ أو تسمع تحذيرا من المخاطر المحدقة بمصر، سواء من داخلها او من خارجها، ابتداء من الطابور الخامس الذى يعيش بيننا وهو يضمر الشر لأبناء وطنه، مرورا بالتنظيمات المتطرفة والإرهابية، ووصولا إلى سد النهضة.
تخيل، كل هذه المخاطر لا تخيفنى ولا تقلقني، بقدر ما يقلقنى تراجع المستوى الثقافى والفكرى لدى شبابنا، إلا فيما ندر، فبحكم تعاملى مع قطاعات واسعة من الشباب الجامعي، أجد الأمر وقد تجاوز حدود الخطر، وبلغ ذروة الأزمة، بل وحد المأساة.
ولك أن تتخيل حجم الصدمة وخيبة الأمل، وأنت تلتقى جمعا كبيرا من شباب الجامعات، وتسألهم كم واحدا منهم يقرأ جريدة، أو حتى يطالعها إلكترونيا، أو من منهم سمع - مجرد سماع- عن كتاب شخصية مصر، أو حتى قرأ رواية لنجيب محفوظ؟، فإذا بالصمت يصفع سؤالك، مخلفا ألما يعتصرك على تلك الأجيال التى ستقود مصر فى المستقبل.
وأعلم تماما أن البعض ربما يتعلل بأن تلك المشكلة كانت دوما قائمة، وأن التحذير منها متكرر لدرجة اعتباره كأذان فى مالطا!، لكن عندما يصل الأمر إلى كليات ما يسمى بالقمة، التى يفترض أنها نخبة الشباب المصرى، وسيكون بعض خريجيها مسئولا عن صناعة الوعى وتشكيل العقول، فأعتقد أن الأمر يدعو إلى التوقف، وأن نبدأ تحركا سريعا وشاملا. شبابنا لا تستهويه مصادر المعرفة التقليدية، ولا يستخدم من مصادر المعرفة الإلكترونية سوى منصات التواصل الاجتماعى ومواقع الفيديوهات، فلماذا لا نذهب إليهم نحن، عبر قيام مؤسساتنا الثقافية بتقديم محتواها بشكل جديد ومختلف يناسب ذوق ونمط استخدام هؤلاء الشباب، ولماذا لا نطلق مشروعا للقراءة منذ الصغر، وأن تكون حصة معتبرة من مجموع درجات الطالب قائمة على القراءة والثقافة العامة.
إعادة بناء عقول شبابنا ووعيهم هو جوهر مشروع بناء الإنسان المصري، والضمانة الحقيقية لكل ما تنجزه الدولة من بناء فى مختلف المجالات، فما يبنى فى سنوات يمكن للجهل وعدم الوعى أن يهدمه - للأسف الشديد - فى لحظات.