الخروج عن الصمت

حلاوة الانتصار

محمد عبد الواحد
محمد عبد الواحد

محمد عبد الواحد

ما أحلاك وانت تأتينا كل عام حتى تعود إلينا النشوى فنغسل بفرحتك همومنا وأحزاننا.
أتدرون من هو؟ إنه أكتوبر شهر العزة والكرامة والانتصار والثأر لدماء سالت غدرا قبل أن تدرك ساحة الميدان، أقولها لكم وأنتم بالطبع لا تدركون هذا المعنى بعد أن غابت بهجته وزينته عن أجيال. أقولها لكم ونحن أبناؤه كيف كان يأتينا، كانت مصر كلها فى أعياده تلبس حليتها العسكرية تستعرض خلاله بطولات رجال سطروا بدمائهم أروع الانتصارات، كنا نشعر وكأن أبناءنا عائدون لتوهم من الجبهة يزفون لنا البشرى بأنهم كسروا حاجز الخوف الذى زرعه الأعداء، كانت فرحتهم تزيح عن صدورنا جبال الهزيمة ومرارة الانكسار، كنا كلما تابعنا عروض رجالنا العسكرية أدركنا قوتهم وعاد إلينا المشهد من جديد وهم يجرون خلفهم سربا من أسراهم واضعين أكف أيديهم فوق رءوسهم، دليلا على الذل والانكسار بعد أن أذاقوهم درسا من دروس الرجال. كنا كلما رأينا مانعهم الذى تحصنوا به وهو ينهار أدركنا عبقرية أبنائنا وهم يهيلون فوق رءوس أعدائهم التراب. فمهما وصفت لكم لا تشعرون بما نشعر لأننا عشنا أياما لا نرى فيها ولا نسمع إلا خطبا عنترية أننا سنهلك إسرائيل ومن وراءها، كانت البيانات العسكرية تتلى علينا وكأننا فى عمق تل أبيب، وفجأة تسمع حناجر تشدو بالألحان الوطنية التى تلهب صدورنا وتزيد من حماسنا، وما هى إلا أيام وكانت مرارة الهزيمة والانكسار، جدران البيوت توشحت بالسواد بعد أن علت تلك الجدران صور الشهداء، كنا نبكيهم من خيبة الأمل لأننا لم نحارب بل انتظرنا حتى يهال فوق رءوسنا الركام، كنا كلما رأينا أبناء القنال وهم يشدون فى سامرهم بالليل غربة ومروحين كانت تتقطع القلوب حزنا وهم يشعرون بغربتهم وهم فى أحضان إخوانهم، أتعرفون لماذا؟، لأن مدنهم تحولت لتلال تسكنها الأشباح.
واليوم أقولها بأعلى صوت تحية للشهداء، تحية لكل قطرة دم سالت على أرض هذا الوطن، تحية للبطل السادات القائد الأب المعلم الذى جعل من ملحمة الانتصار فخرا لكل الأبناء، تحية للرجل الذى رتب صفوف أبنائه وجعلهم على قلب رجل واحد شعارهم التوحيد وأركانهم التكبير فزلزلوا قلوب الأعداء. اعيدوا احتفالات أكتوبر كما كان يحتفل بها السادات حتى نزرع فى أبنائنا حلاوة الانتصار.