مجرد سؤال

قتل مع سبق الإصرار

صفاء نوار
صفاء نوار

أرجوكى يا ماما توافقى آخر مرة أروح رحلة قبل الدراسة.. وعشان تطمئنى حسيب العربية.. كانت هذه آخر كلمات يسمعها د. ممدوح ود. كريمان من ابنهما ياسر طالب الجامعة الذى انتزع السماح بالذهاب إلى العين السخنة مع أصدقائه، وكانت فعلا آخر مرة لشاب لم يتخط العشرين، قبل أن يخطفه الموت إلى رحمة الله هو وزميله خالد سويلم طالب الصيدلة فى طريق السويس، صدم سيارتهم أتوبيس يمشى عكس الاتجاه فيموت اثنان ويصاب آخران، وتتحطم أسرهم حزنا على زهرات العمر بعد أن أصبح فلذات أكبادهم ضمن الآلاف من ضحايا حوادث المرور هذا العام.
فرغم شبكة الطرق الحديثة والكبارى الجديدة التى تواكب أحدث التصميمات العالمية إلا أن الأرواح مازالت تزهق والدماء تسيل على الأسفلت.. ولا يمر يوم دون وقوع العشرات من حوادث الطرق!.
كوارث إنسانية وأحلام شباب تتبدد وتتبخر بسبب الاستهتار فى تطبيق قواعد السير، فالجانى هنا سائق أتوبيس «كسل» يمشى فى السليم وقرر أن يسير عكس الاتجاه خطوتين تلاتة، ليقضى على مستقبل 4 شباب فى مقتبل العمر ومثله كثير من المستهترين الذين يطلقون على أنفسهم ملوك الطريق، يسيرون بمزاجهم وبقواعدهم التى تخالف كل الأعراف والقوانين!.
صحيح هناك أمل فى تراجع الحوادث وفقا لتقريرالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء،  لكن الصحيح أيضا ورغم تراجع العدد بنسبة حوالى 20%، لكن حصيلة الضحايا مرتفعة يإجمالى ٣٠٨٧ متوفى و11803 مصابين، ولغة الإحصاءات الرسمية لا تكذب والحقائق مفزعة وتستحق الدراسة منها أن نسبة الحوادث بسبب أخطاء بشرية بـ 75.7%، والأعطال الفنية 17.1%، أما الحوادث بسبب سوء حالة الطرق وصيانتها فلم تتعد 2.9% فقط، وهو ما يشير إلى أن جهود الدولة فى تحسين أحوال الطرق ومد طرق جديدة لربط ربوع الوطن وخدمة الاقتصاد القومى تسير بسرعة الصاروخ بينما الحزم فى ردع المخالفين وقواعد الأمان ومخالفات السرعة والاتجاه والحمولة واللياقة الذهنية تسير بسرعة السلحفاة وربما تسير عكس الاتجاه وترجع إلى الخلف!.
فالمشى عكس الاتجاه ليس مجرد خطأ بشرى ولكنه يعد جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار تستوجب الشرب من كأس الحسرة والحرمان من الحياة!.