بيزنس مراكز التخاطب| معالجون بدرجة «نصابون».. والحضانات الخيرية «كلمة السر»

بيزنس مراكز التخاطب| معالجون بدرجة «نصابون».. والحضانات الخيرية «كلمة السر»
بيزنس مراكز التخاطب| معالجون بدرجة «نصابون».. والحضانات الخيرية «كلمة السر»

- استشاري أمراض تخاطب: فقط «طب عين شمس» و«طب الإسكندرية» ومعهد السمع والكلام يمنحون شهادات معتمدة

- مراكز وهمية تمنح دورات التخاطب بـ500 جنيه.. والحاصلون عليها يمارسون مهنة الطب دون ترخيص

- حضانات المعاقين باب خلفي لمراكز التخاطب.. والمسئولية «حائرة» بين «الصحة» و«التضامن»

- عزة سامي تروي كوارث الأخطاء الطبية من غير المؤهلين.. وتكشف طرق العلاج السليمة

- عقوبة مزاولة مهنة الطب دون ترخيص الحبس سنتين أو غرامة 200 جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين

 

لا سعادة تعادل سماع الكلمات الأولى التي ينطقها الطفل، وتنتظرها الأسرة بترقبٍ وأمل، فَرِحّة بكل كلمةٍ جديدة تُضاف إلى قاموسه اللغوي، لكن ذاك الأمل قد ينطفئ في عيون آخرين وهم يقفون عاجزين أمام تأخر نطق أطفالهم، ممن يعانون من مشكلاتٍ في السمع وتأخر الكلام أو عيوب النطق، ليطرقوا أبواب مراكز التخاطب الخاصة التي تنتشر في كافة أنحاء الجمهورية، غير مدركين أن جلسات التأهيل التخاطبي التي يخضع لها أبناؤهم تتم على أيدي أشخاص غير مؤهلين، مع انتشار المراكز غير المُرخصة التي يفتحها «نصابون»، دون أن تخضع لأي إشراف طبي.

 

فتحوّلت مراكز التخاطب الخاصة إلى «بيزنس» يستنزف جيوب الأهالي، ويستغل عدم وجود الوعي الكافي لديهم، وهي الظاهرة التي تزداد حدتها في ظل ضعف الرقابة من جانب وزارة الصحة، وتصل خطورة تشخيص غير المؤهلين لأمراض التخاطب حسبما يُشير خبراء إلى تدهور حالة المرضى، والتأثير على قدرة الأطفال على الكلام، بل والتسبب في كوارث صحية على حالة هؤلاء الأطفال.

 

إعلانات الإنترنت

 

على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت تنتشر إعلانات عن دورات تأهيل أخصائيين التخاطب ومساعدة أطفال التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلم وقياس الذكاء والنمو والتنمية اللغوية وعلاج الضعف السمعي والتلعثم واضطراب فرط الحركة، كل ذلك بـ500 جنيه فقط، في مراكز غير معتمدة تحمل أسماء وهمية حولت الطب لـ«سبوبة» يدرس في أماكن «بير السلم».

 

3 أماكن معتمدة للتأهيل

 

في البداية تقول الدكتورة عزة سامي، رئيس قسم التخاطب بمعهد السمع والكلام واستشاري أمراض التخاطب، في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، إن كثير من مراكز التخاطب الخاصة المنتشرة في القاهرة والمحافظات يعمل بها أشخاصا ليسوا أطباء وإنما يحصلون على دورات من مراكز غير معتمدة لمدة شهر مثلا ويدعون أنهم أخصائيون تخاطب، وليس لديهم خبرة في التعامل مع الأطفال، ولم يتعاملوا مسبقا مع مرضى أو حالات، وإنما يفتحون تلك المراكز كـ«سبوبة» يحصلون منها على الأموال.

 

وتابعت د. «عزة» حديثها، قائلة: «لدينا الجمعية المصرية لأمراض التخاطب والتي تشترط منح العضوية لمعالج اللغة والنطق بأن يكون تخرج من ثلاث أماكن تمنح دورات معتمدة، وهي؛ كلية الطب جامعة عين شمس "الدمرداش"، طب الإسكندرية ولكنها متوقفة حاليا، ومعهد السمع والكلام بإمبابة، وهذه الأماكن الثلاثة فقط من تمنح دورات معتمدة لمدة سنتين تُسمى «دبلومة»، ويتابع معالجين اللغة والنطق أثناء تعاملهم مع الأطفال وتدريبات عملية ونظرية ويتخرجوا مؤهلين».   

 

مشروع قانون لمنع غير المعتمدين

 

وذكرت رئيس قسم التخاطب بمعهد السمع والكلام، أن القضاء على الظاهرة يكون عن طريق إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، مضيفة أنهم تقدموا بشكاوى لنقابة الأطباء وتقدمنا بمشروع قانون لمنع مراكز التخاطب التي تعمل دون وجود طبيب مؤهل بماجستير أمراض تخاطب وتم مناقشته في البرلمان لكن توقف المشروع».

 

وطالبت بإقرار مشروع القانون وضرورة وجود طبيب مشرف على تلك المراكز ويعمل معه كمساعدين من حصلوا على دورات معتمدة.

 

وحدات التخاطب بالمستشفيات

 

وأوضحت أن أصحاب مراكز التخاطب غير المؤهلين يستغلون طيبة وبساطة الأهالي ويصعب اكتشافهم، ناصحة أهالي المرضى بالذهاب للمراكز الكبرى الحكومية والكشف على مرضاهم سواء في الإسكندرية أو الزقازيق أو سوهاج وأسوان وكل تلك المستشفيات بها وحدة تخاطب فيها أطباء متخصصون.

 

وأضافت د. عزة سامي، أن حالات كثيرة تأتي من المحافظات لمعهد السمع والكلام وننصحهم بأن يتابعوا معنا كل شهرين على الأقل للتأكد من العلاج الذي يتناوله المرضى مع صعوبة السفر للقاهرة باستمرار.

 

كوارث صحية على المرضى  

 

وتابعت حديثها، قائلة: «مراكز التخاطب الخاصة من غير المؤهلين تتسبب في كوارث للمرضى فمثلا طفلتين كانوا يتدربوا لغة ونطق عند غير المؤهلين لمدة 3 سنوات دون تحسن، ولما قمنا بالكشف عليهم وعملنا تقييم سمعي لهم؛ وجدنا أن لديهم ضعف سمعي، ويحتاجون سماعات، وضاع عليهم 3 سنوات من عمرهم، كانوا من المفترض أن يتعالجوا ويتدربوا بالسماعات، بالإضافة إلى يأس ذويهم منهم طوال تلك المدة، كما تزداد المشكلة عند إصابة الأطفال بضعف سمعي متوسط فبعض الأصوات يسمعها والبعض الآخر لا؛ ما يصعب على الأهالي اكتشاف حالة الطفل دون تقييم سمعي من الطبيب».

 

واستطردت: «التشخيص الخاطئ والعلاج والتدريب الخاطئ للطفل قد يفوت فرصة النطق على الطفل بعد 8 سنوات لأن المخ يكتسب اللغة حتى 8 سنوات».

 

ولفتت إلى أن من بعض الأخطاء أن طفل مُصاب بطيف مرض التوحد كان يتم علاجه بجلسات كهربية على الحلق – وهذا علاج غير علمي على الإطلاق ونصب.  

 

الجمعيات الخيرية باب خلفي

 

وأشارت د. عزة سامي، إلى أن أصحاب المراكز يتحايلون على القانون من خلال الترخيص كجمعية خيرية من وزارة التضامن الاجتماعي لرعاية الأطفال المعاقين، وفي الحقيقة يمارسون مهنة الطب ويقومون بالكشف على المرضى، ولا يدفعون ضرائب للدولة.

 

العلاج السليم للمرضى

 

وأوضحت أن العلاج السليم للمرضى يكون بالتقييم اللغوي للطفل من خلال الأطباء، وإجراء أبحاث واختبارات ذكاء للطفل ومقياس للسمع، وتشخيص أسباب التأخر في النطق، وعلى أساس التشخيص يتم التدريب، كما يتم عرضه على أخصائيين نفسيين ومعالجين لغة ونطق، لكن المراكز الخاصة تقوم بكل شيء من تعديل السلوك وعلاج اللغة والنطق وتخلط بين التخصصات المختلفة، مشددة على أن الأطفال «أمانة» لأنه لو مرت أول 8 سنوات من عمر الطفل من الصعب أن يتكلم.

 

وذكرت أن معهد السمع والكلام يوجد به أكثر من 10 معالجين لغة ونطق ويعملون تحت إشراف الأطباء المتخصصيين، ويقوم الأطباء بتشخيص المرضى ومتابعتهم.

 

شروط الترخيص

 

بحثت «بوابة أخبار اليوم» في شروط تراخيص مراكز التخاطب بشكل قانوني، وطرق تحايل النصابين على القانون وافتتاح مراكز تخاطب غير مرخصة بها أشخاصا غير مؤهلين؛ وبحسب إدارة العلاج الحر التابعة لوزارة الصحة فيجب أن يكون الطبيب متخصصاً في طب السمعيات أو الأنف والأذن، وتخضع لقانون المنشآت الطبية الخاصة رقم 51 لسنة 1981 والمعدل بقانون 153 لسنة 2004، والذي يشترط تسجيل الطبيب صاحب المركز في نقابة الأطباء وأن يكون موقع المركز مخصصا إدارياً وليس سكانياً وشروطاً أخرى تتعلق بالدفاع المدني وتداول النفايات.

 

أما المنشآت التي يصدر عنها أي مخالفات تتخذ ضدها إجراءات أولية مثل الإنذار، وإذا كانت المخالفات جسيمة فيتم الغلق الإداري.

 

حضانات خيرية تابعة لـ«التضامن»

 

أما الباب الخلفي لبيزنس مراكز التخاطب هو دور الحضانة التي تعمل تحت مظلة الحصول على ترخيص من الشئون الاجتماعية لإنشاء دار حضانة للأطفال المعاقين، حيث يسمح لهم وفقاً للقرار رقم 98 لسنة 2006 بتقديم الرعاية الطبية والاجتماعية والنفسية للأبناء المعاقين، وكذلك الإعداد الأكاديمي والمهني للطفل المعاق.

 

واشترط القرار حصول مدير الحضانة على مؤهل عال مناسب في مجال الخدمة الاجتماعية أو غيره من المؤهلات التربوية وخبرة في ميدان العمل مع الطفولة مدة لا تقل عن 5 سنوات، والحصول على دورة تدريبية في مجال التأهيل والإعاقة والخدمة الاجتماعية للعمل مع الأطفال.

 

كما اشترط القرار في أخصائي التدريب اللغوي الحصول على مؤهل عال مناسب، أو دبلوم متخصص في التخاطب أو دورة تدريبية متخصصة ومعتمدة في مجال التخاطب ويفضل وجود خبرة مناسبة.

 

بموجب هذا القرار تحصل هذه المراكز على التصاريح والتراخيص اللازمة، ويمارس مهنة الطب غير المختصين ويعالجون الأطفال ممن يتأخر لديهم النطق والكلام، ولكن يبدو أن هذا المجال تغيب عنه الرقابة التي تشتت بين العديد من الجهات سواء وزارتي الصحة أو التضامن الاجتماعي، وتستمر أزمة استنزاف جيوب المرضى وذويهم، والأخطاء الطبية الجسيمة.

 

عقوبة ممارسة الطب دون ترخيص

 

أما عقوبة انتحال صفة طبيب أو مزاولة مهنة الطب دون ترخيص، فبحسب القانون رقم 415 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهنة الطب، تنص المادة 10؛ أن يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين و بغرامة لا تزيد على مائتي جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من زاول مهنة الطب على وجه يخالف أحكام هذا القانون وفي حالة العودة يحاكم بالعقوبتين معا، وفي جميع الأحوال يأمر القاضي بإغلاق العيادة مع نزع اللوحات واللافتات ومصادرة الأشياء المتعلقة بالمهنة، ويأمر آنذاك بنشر الحكم مرة أو أكثر من مرة في جريدتين على نفقة المحكوم عليه.

 

أما المادة 11 فنصت على أن يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة، كل شخص غير مرخص له في مزاولة مهنة الطب يستعمل نشرات أو لوحات أو لافتات أو أية وسيلة أخرى من وسائل النشر ويحمل الجمهور على الاعتقاد بأن له الحق في مزاولة مهنة الطب وينتحل لنفسه لقب طبيب أو غيره من الألقاب التي تطلق على الأشخاص المرخص لهم في مزاولة مهنة الطب.