منتدى الإعلام العربي بدبي: 81% من الأمريكيين لا يعرفون موقع العالم العربي

اختتم منتدى الإعلام العربي بدبي فعالياته مساء أمس بعد يومين من المناقشات الجادة لقضايا الحوار الحضاري بين كل المختلفين سياسيا ودينيا ومذهبيا، وقد أفرد المنتدى جلسة بعنوان "حال صورة العرب" تناول خلالها ناثان تك، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية للشرق الأوسط والخليج العربي، مارك دونفريد، المدير التنفيذي ومؤسس معهد الدبلوماسية الثقافية في برلين، وهادلي جامبل، مراسلة محطة "سي ان بي سي" في الشرق الأوسط، الطرق الكفيلة بتغيير الصورة السلبية للعالم العربي في الإعلام الأمريكي من خلال تطوير وسائل مبتكرة تسهم في إقامة حوار حضاري وثقافي يحقق التقارب بين الشعوب.


وتطرّق المشاركون في الجلسة إلى مخرجات تقرير "نظرة الشعب الأمريكي إلى العالم العربي"، بهدف تحليل وفهم آراء وانطباعات المواطن الأمريكي حيال المنطقة العربية وما تشهده من أحداث، وكيف يتقبل ما يأتي منها من أخبار.


وناقشت الجلسة التي أدراها الإعلامي السعودي فيصل عباس، رئيس تحرير صحيفة "عرب نيوز" السعودية، القصور الذي يلازم صورة العالم العربي في الإعلام الأمريكي، حيث أشار المتحدثون إلى أن 65% من الأمريكيين لا يعلمون الكثير عن العالم العربي، كما أن 81% منهم غير قادر على تحديد موقع العالم العربي على خريطة العالم، إلا أن المبشر أن 52% يعتقدون في قدرة الإعلام الإيجابية على إحداث تغيير جوهري بوصفة وسيلة للتواصل الفعال.


وأكد ناثان تك أن العلاقات العربية الأمريكية بدأت منذ فترة طويلة وشهدت تطوراً كبيراً على مر السنين، وذكر تك أن أول دولة اعترفت بالولايات المتحدة كانت المملكة المغربية، كما أن معظم الدول العالم العربي ترتبط بعلاقات وثيقة بالولايات المتحدة سياسياً واقتصادياً وأمنياً. 


وعلى مستوى القوة الناعمة، لفت المسؤول الأمريكي إلى وجود مجموعة كبيرة من فروع الجامعة الأمريكية في المدن العربية باعتبارها إحدى الوسائل التي تسهم في إيجاد حالة من التقارب بين الثقافتين العربية والأمريكية.


أثر التعليم 

وعن أسباب القصور التي ترتبط بصورة العرب في الغرب، أكدت هادلي جامبل أن المشكلة لا تكمن في طريقة تعاطي المواطن الأمريكي مع منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، ودرجة معرفته بها، ولكن الأمر يرتبط في المقام الأول بالمستوى التعليمي والثقافي في الغرب.


الدبلوماسية الثقافية 
وبدوره أكد مارك دونفريد أن تصويب التصورات الخاطئة يحتاج إلى ما يعرف باسم "الدبلوماسية الثقافية" عوضاً عن الدبلوماسية السياسية، مشيراً إلى التجربة الناجحة لألمانيا الغربية قامت الإدارة الألمانية بتغيير السلبيات التي اقترنت باسم بلادها بُعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث عملت على إظهار ألمانيا كشريك علمي واقتصادي وقوي، وكدولة مؤثرة في عملية التطور البشري بكما أسهمت به من جهود بحثية في مختلف المجالات بعد أن كان ينظر لها بوصفها محور من محاور الشر.
وأشار دونفريد أن الدبلوماسية الثقافية يمكنها أن تسهم في نقل الحوار الحضاري بين العرب والغرب إلى افاق أرحب إذا ما تم استخدامها على النحو الأمثل.
وكان تقرير "نظرة الشعب الأمريكي إلى العالم العربي" قد تم تطويره في ضوء نتائج استطلاع رأي أُجري عبر شبكة الإنترنت وشمل أكثر من 2000 مشارك، وذلك للإجابة على 24 سؤالاً حول مدى اهتمام من شملتهم الدراسة بأخبار المنطقة العربية في الفترة الراهنة العربي، وثقتهم في وسائل الإعلام المختلفة، وإذا ما كانت لديهم رغبة في زيارة بلد عربي، بالإضافة إلى التعرف لآراء وانطباعات المشاركين حول موضوعات مثل الإسلاموفوبيا، والمهاجرين العرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية،  والتحالفات العسكرية المحاربة للإرهاب، ودور الإعلام في توضيح الصورة الحقيقية للعالم العربي.


مخرجات التقرير
أظهر التقرير أن ما يقارب من ربع المشاركين يتابعون أخبار منطقة الشرق الأوسط لاسيما الفئات العمرية البالغة 30 عاماً فأكثر وهي نسبة عالية إذ ما قورنت بنسب متابعة الأخبار لمناطق أخرى في العالم، فيما أكد الأشخاص الذين لا يتابعون أخبار العالم العربي والبالغة نسبتهم 22% أن عزوفهم يعود للمحتوى السلبي والكئيب لأخبار المنطقة العربية.
 وأكد 59% من المشاركين أن محطات التلفزيون الإخبارية الأمريكية هي أكثر المنصات استخداماً للاطلاع ومتابعة الأخبار من قبل المهتمين بشؤون العالم العربي، فيما تصدرت الجرائد الناطقة بالإنكليزية ومحطات التلفزيون الإخبارية العالمية قائمة أكثر منصات وسائل الإعلام الإخبارية دقة في نقل الأخبار بين المهتمين بشؤون العالم العربي بنسبة 56%، وانقسمت الآراء حول ما إذا كان الإعلام الأمريكي يقوم بتغطية أخبار العالم العربي بشكل كافٍ.
وأظهر التقرير أن 65% من المشاركين لا تتوافر لديهم معرفة كبيرة بالعالم العربي حيث استطاع 19% فقط تمييز خارطة العالم العربي بالشكل الصحيح في حين فشل 34% في التعرف عليها حيث اتضح أن غالبية من نجح في التعرف على الخريطة الصحيحة هم من الحاصلين على الدرجات العلمية العليا مثل الماجستير والدكتوراه، وجاءت المملكة العربية السعودية والعراق كأكثر دولتين تم التعرف عليهما في العالم العربي بنسبة 85%، 81% على التوالي.
وفيما يتعلق بانطباعات المواطن الأمريكي نحو العرب والعالم العربي، أظهرت الأرقام أن 76% من المشاركين في الاستطلاع لا يرغب في السفر إلى المنطقة العربية حيث يعتقد 39% منهم أن الوضع في الشرق الأوسط جد خطير، في حين جاءت الإمارات في مقدمة الدول المرغوب بالسفر إليها. وكشفت مخرجات التقرير أن رغبة الأشخاص بالسفر إلى العالم العربي ارتبطت إيجابا بمعرفتهم المسبقة به حيث أن الأشخاص الذين لا يعرفون الكثير عن العالم العربي يعارضون فكرة السفر إليه مقارنة بالأشخاص الذين يعرفون شيئاً عنه، (84% و61%، على التوالي).
ويعتقد 63% من المشاركين في الاستطلاع أن العرب الذي هاجروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية قد قاموا فعلياً ببذل مجهود لدمج أنفسهم في المجتمع الأمريكي والغربي في حين يعتقد 37% بأنهم قد فشلوا في تحقيق ذلك. ويشعر 53% من المشاركين بالقلق حول ارتفاع نسبة الحديث عن الإسلاموفوبيا بين الشخصيات السياسية والأفراد ما قد يؤدي إلى ارتفاع نسبة جرائم الكراهية التي تستهدف المسلمين أو العرب في الولايات المتحدة. 
أستطاع نحو نصف المشاركين اختيار الإجابة الصحيحة عند سؤالهم عن الدولة التي أسست وتقود التحالف الإسلامي لمكافحة "داعش"، حيث اختار 45% المملكة العربية السعودية، واستطاع 20% من المشاركين معرفة الإجابة الصحيحة لسؤال ما هي الدولة التي لم يستهدفها تنظيم "داعش" حتى الآن، وكانت الإجابة هي إيران، وعلى الرغم من استهدافها أكثر من مره إلا أن 17% من المشاركين اختاروا المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية.
ويتضح من مخرجات التقرير أن المواطن الأمريكي تنقصه المعرفة والدراية بأوضاع العالم العربي، ما يدفعه إلى تبنّي بعض التصورات المسبقة التي تنافي الحقيقة مثل الاعتقاد السائد بأن منطقة الشرق الأوسط بأسرها منطقة خطرة، كما أن هناك حالة من عدم الوضوح حيال القضايا والأمور المتعلقة بالعالم العربي في الإعلام الأمريكي.