«الأخضر يحب الربيع» قصة قصيرة للكاتب الدكتور فراج أبو الليل

صورة أريشفية
صورة أريشفية

 

 

أزحت التراب بكف يدي.. مسحت أثارالسنين المتسخة بلون الطين .. جذبة بسيطة كانت كفيلة بفتح القفل حيث أكله الصدأ فبات مهترئ .. ورقة باهتة وصفراء تفتت أطرافها ..  الخط غير واضح ومبعثر بلا نظام .. الحروف ضعيفة وبالكاد لمست الورقة وكتبت بعض الكلمات .. كنت صغيراً حين تركت أمي رسالتها .. احتفظت بها جدتي في صندوقها الخشبي.

 

أي بُني  .. أمك لم تكن مذنبة .. كيف يظل الربيع بلا أزهاره الملونة .. الأشجار الخضراء لا تحب الخريف.. كنت مجبرة علي المضي فى الطريق حتي النهاية .. لم أكن أتوقع أن تتسرسب قوته بسهولة ..كنت في عمر النضارة .. ثمرة كمثري طازجة تحترق علي فرع شجرته الجافة

 

.. تذكرت كيف خذلته عضلاته ذات مساء .. وكيف سرقت محفظته عنوة .. أعطاها لهم طواعية بلا مقاومة .. خطفني بعضلاته البارزة .. تكورت بين زراعيه .. عادت للجسد نبضاته .. ارتدي فى ذلك اليوم ثوب شلال مندفعة مياهه بدفء .. مر شتاء العام الماضي بسلام .. كان آخر شتاء شاهداً علي بعض الأوراق الخضراء في جسده .. ذبل جسده سريعاً وتساقطت بقدوم الخريف .. كان يتمني أن يراك شاباً .. لماذا أتي الخريف بلا ميعاد .. وكيف تسللت الهزيمة لعائلتنا الصغيرة ..

سمع همساتي ذات يوم .. لا تغضبوه فالخريف أتاه كطعنة مباغتة .. تمتم بالدعاء بشفتيه الجافتين .. سقطت دمعته مع سقوط تلك الشعيرات المتبقية في جانبي رأسه الصلعاء مع آخر قطرة في علاجه الكيماوي.