المكفوفون.. قـــــدرات مبهرة وأحلام مشروعة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

ليست العيون وحدها هى التى تبصر، الأنامل قد تقوم بالمهمة، الأذن ترى، والأحاسيس المختلفة تعرف مكان الأشياء والبشر، والعقل يدير المسألة بالكامل ليعوض المكفوف عن عينيه.

فاقد البصر مثله مثل أقرانه من أصحاب الإعاقة فى حاجة إلى من يتقبله، ويسهل عليه الأمور، ليثبت قدراته فى التعليم ويسهم بدوره فى بناء وتنمية المجتمع.

عدم دمج المكفوفين فى التعليم كارثة لا يمكن تصورها بعد مرور ٥٠ عامًا على وفاة طه حسين. إنها بمثابة حرمان كل طه حسين من التعليم.

«يا تكون قد الحياة.. يا تعيش وحيد وسط الدروب»، هكذا غنى مدحت صالح فى فيلم أمير الظلام، وهكذا اختارت المدارس الوحدة والضياع للأطفال المكفوفين.

لا يدركون أن هؤلاء فقدوا نعمة البصر لكن لديهم القدرة على تصور الأشياء بمجرد لمسها، يميزون الأشخاص من أصواتهم وروائحهم، يستطيعون السير والأكل والشرب بمفردهم، يمكنهم التعلم والقراءة والرسم والعزف.

الحكومة لا تتوقف عن التوعية بقدرات هذه الفئة من الأطفال إلا أن المجتمع ما يزال غير قادر على التعامل معهم وتقبلهم، مازالوا ممنوعين من الالتحاق بالمدارس أسوة بأقرانهم من الأصحاء!

كل ما يحلم به أولياء أمور المكفوفين «دمج أطفالنا من الصغر وسط المجتمع، قبولهم فى المدارس بجانب المبصرين، ليتبادلوا الخبرات بدلاً من أن يظلوا طوال حياتهم فى مدارس مخصصة لهم فقط وحين يكبرون ويضطرون للانخراط فى الجامعات يجدون صعوبة فى التعامل مع الآخرين لشعورهم بالغربة، ليظل المجتمع غير مدرك للطريقة الصحيحة فى التعامل مع فاقد البصر».

على الرغم من أن د. طارق شوقى وزير التربية والتعليم السابق أصدر القرار رقم 252 لسنة 2017 الذى يحمل امتيازات جديدة للطلاب متحدى الإعاقة، بينها أحقيتهم فى الدمج بالفصول النظامية بمدارس التعليم العام الحكومية والمدارس الخاصة ومدارس الفرصة الثانية والمدارس الرسمية للغات والمدارس التى تدرس مناهج خاصة فى جميع مراحل التعليم قبل الجامعى، كما نص القرار على أنه من حق الطالب من ذوى الهمم أن يدمج فى أقرب مدرسة لمحل إقامته-إلا أنه حتى الآن هناك صعوبة كبيرة فى قبول هؤلاء الأطفال فى المدارس الخاصة بحجة أن الإدارة غير مؤهلة لاستقبالهم، ما يضطر الآباء لخوض رحلة من العذاب فى شرح قدرات أطفالهم والتعهد بتوفير جميع الأدوات المطلوبة لهم على نفقتهم الخاصة لإلحاق أبنائهم بالمدارس، بل إنهم يعلنون استعدادهم لتوفير متخصصين لتأهيل المدرسين وتدريبهم على طريقة التعامل مع الأطفال بجانب تكفلهم بتحويل الكتب إلى طريقة برايل، إلا إنهم يجدون نفسهم أمام خيارين؛ إما أن يسجلوا أبناءهم ضمن مدارس حكومية تعج بالطلاب أو الذهاب إلى مدارس تبعد عن محل الإقامة عشرات الكيلو مترات.. «أنا نفسى أروح المدرسة.. بحب ألعب مع مؤمن وإيلا وحمزة» كانت تلك كلمات بسيطة تحدثت بها ليان على-أو «باربي» كما تناديها والدتها حيث إنها تشبهها فى لون الشعر وعينيها».

فور أن التقينا بليان انطلقت لتستكشف المكان من خلال أناملها الصغيرة، ليان لم تكمل عامها الرابع وعندما كان عمرها ثلاثة أشهر شعرت الأم بأن ابنتها تحرك عينيها بشكل أسرع من المعتاد، وسرعان ما بدأت رحلة الكشف وتشخيص الحالة ومعظم الأطباء أفادوا بأن البنت لا تعانى من مرض عضوى وظلت تتنقل بين التخصصات إلى أن علمت أنها تعانى من مرض وراثى يأتى للذكور بنسبة ضئيلة جدًا وعلاجه فى لندن بتكلفة 550 ألف جنيه إسترلينى للعين الواحدة.



اقرأ أيضًا | «دقوا الشماسى» ..رسميًا.. بداية الصيف ويوليو وأغسطس الأسخن

ولأن الوالدين يبذلان أقصى جهدهما تجاه أطفالهما، لم تستسلم الأم عائشة وقررت أن تدمج طفلتها وسط المجتمع مثل كل الأطفال، كما أنها استمعت لنصيحة أحد الأطباء بالتوجه إلى مؤسسة بصيرة لتأهيل المكفوفين، وبالفعل حصلت على استفادة كبيرة فى طريقة التعامل مع ليان وكيفية منحها الخبرات والمهارات اليومية إلى أن حان موعد تقديم أوراق ليان للالتحاق بالمدرسة فى منطقة السادس من أكتوبر محل إقامتهم، حينها توقعت أنه سيتم قبولها وفقاً لقانون الدمج، لكن كانت الصدمة حين أغلقت جميع الأبواب فى وجهها، على الرغم من الأم كانت تشرح لهم طرق التعامل وتعهدت بتوفير كل الوسائل والأدوات المطلوبة، فلم يعد أمامها سوى مدرسة فى منطقة العبور التى تعمل بنظام الدمج، ويبقى السؤال هل تقبل أن تقطع طفلتها تلك المشقة يومياً فى الذهاب والإياب لتشعر بأنها مقبولة من المجتمع؟!

أما مليكة ذات التسع سنوات صاحبة البشرة السمراء فهى تملؤها الحيوية، ولدت فى الشهر السابع وكانت تعانى من عدة مشاكل صحية أهمها عدم اكتمال الرئتين وبالطبع تم وضعها فى الحضانة لمدة شهرين على أجهزة الأكسجين لحين اكتمال الرئة، وعند خروجها من الحضانة جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، فتم تشخيصها بانفصال فى شبكية العين نتيجة نقص أو زيادة ضخ الأكسجين، وتم إجراء أكثر من عملية جراحية على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه ولكن إرادة الله أن تفقد مليكة بصرها.. تقول والدتها هبة إنها «ظللت فترة غير متقبلة فكرة أنها ستعيش تلك الحياة المظلمة، لذا سرعان ما ذهبت إلى مؤسسة بصيرة لتنظم خطواتنا، وكانت أول نصيحة هى الاشتراك لها فى حضانة لتندمج وسط المجتمع وتدرك أن الحياة بها أشخاص آخرون غير العائلة.

وفى البداية وجدت علامات استفهام وكان دائمًا يتم سؤالى «هنتعامل معاها إزاى؟» رغم أنها لم تتجاوز عامها الأول وكل ما تحتاج إليه الرعاية مثل بقية الأطفال».. وتستكمل: «عندما وصلت مليكة عمر الأربع سنوات حصلنا على منحة دراسية لمدة عام فى لندن وحينها قررنا إلحاقها بالمدرسة، لكننا وصلنا بعد موعد بدء الدراسة وتوقعنا أن يتم رفض أوراقها، لكننا فوجئنا بأن ذوى الاحتياجات الخاصة لهم أماكن مخصصة فى كل مدرسة بل هم من لهم أولوية القبول فى أقرب مدرسة للسكن، كما أنهم وضعوا الخطة الدراسية المناسبة لقدراتهم، وتكفلهم بجميع الأدوات الدراسية التى يحتاجها الطالب، وعند عودتنا إلى مصر حاولنا التقديم فى العديد من المدارس الخاصة والدولية ودائمًا كانت الإجابة «نحن غير مؤهلين لاستقبالها» أو «نحن مستعدون لاستقبال حالات الإعاقة باستثناء الإعاقة البصرية»، إلى أن وجدت الترحاب من مدرسة وحيدة أخذت القرار بفكرة التحدى وكانت بالفعل مليكة أول طفلة مكفوفة يتم إلحاقها فى تلك المدرسة التى طورت من سلوك مليكة بنسبة كبيرة بل أيضًا جعلت بقية الأطفال مدركين فكرة أننا مختلفون ويوجد بيننا أشخاص ذوو احتياجات خاصة ولهم طريقة محددة فى التعامل».



12 ساعة
وجدنا عائشة سيد غارقة فى رسم لوحاتها باستخدام ألوان المياه، تبلغ من العمر اثنى عشر عامًا، وتقول والدتها فى البداية كانت تتعامل مع إعاقة عائشة بمجهودها إلى أن تمت عامها الثالث، لأنها كانت لا تعلم بوجود مؤسسات للتأهيل، وأضافت أن تلك كانت أصعب فترة زمنية مرت بها، خلالها قامت بتجربة العديد من الطرق لتكتسب ابنتها جميع المهارات اليومية من أكل وشرب وحركة والذهاب إلى الحمام وتعلم الأصوات والحروف والأرقام حتى تصبح قادرة على الاعتماد على نفسها دون الحاجة إلى مساعدة أحد، لكن مؤسسة بصيرة سهلت عليها أمورًا عديدة، وطورت من مهارات عائشة وتم اكتشاف قدراتها فى الرسم والتلوين، والآن هى تشارك فى معارض بلوحاتها، ولأن المؤسسة دائمًا تشجعنا على دمج أبنائهم فى المجتمع.

تمسكت بإلحاق عائشة فى مدرسة للمبصرين، بحثت فى فيصل محل إقامتها ووسعت دائرة البحث فى المناطق المحيطة ولكن للأسف النتيجة واحدة، لم تجد سوى مدرسة فى منطقة العبور، حينها قررت تضحى ببعد المسافة ووافقت على أن تخرج من باب المنزل فى السادسة صباحاً وتعود فى السادسة مساء ولكن فى المقابل يتم دمجها منذ الصغر، لكن كانت تتمنى أن يتم دمجها فى مدرسة بجوار المنزل.

وتتحدث سمر عن نجلها عمر قائلة: «عمر أول فرحتى جاء بعد خمس سنوات من الزواج، ولد فى الشهر السادس ولأن من ضمن الأعراض الجانبية للولادة المبكرة هو حدوث انفصال فى شبكية العين تم تشخيص عمر بأنه طفل كفيف».

واستكملت: حينها لم تكن تعلم بوجود مراكز تأهيل للأطفال المكفوفين، لذا قامت بالبحث والقراءة عن حالات تشبه حالات عمر، إلى أن رشح لها أحد الأطباء مركز بصيرة وبالفعل توجهت لهم، وعلمت أن أول أهدافهم هو دمج الأطفال فى المجتمع من الصغر، حينها انتابها الخوف من فكرة الدمج والتعرض لصعوبات أو تنمر أو من الأفضل بقاؤهم فى المدارس المخصصة لهم، لذا قررت الالتقاء وسماع أشخاص كانوا فى مدارس النور والأمل للمكفوفين وعلمت منهم أنه حان وقت الالتحاق بالجامعة كانت الصدمة فى عدم قدرتهم التعامل مع المجتمع.

وبدأت سمر البحث على حضانات تقبل حالة عمر وخلال فترة قصيرة تم الانتقال من أربع حضانات، إلى أن جاء موعد التقديم فى المدارس بدأت التقديم فى العديد من المدارس محل سكنهم فى منطقة الهرم والأماكن المحيطة لكنهم لم يجدوا سوى مدرسة فى منطقة التجمع الخامس وبالطبع نظراً لبعد المسافة فكروا فى بيع شقتهم والانتقال إلى السكن بجوار المدرسة إلا أنه تم قبوله فى مدرسة بمنطقة المريوطية.



وتضيف أن أطفالنا لديهم قدرات خارقة تظهر عندما يتم توفير الفرص المناسبة بالأدوات التى تلائم حالاتهم، والدليل على ذلك أن عمر مغرم بالتكنولوجيا وعاشق «البلايستيشن»، والكثيرون يصابون بحالة من التعجب عند سماع ذلك، لذا تتمنى عند دمج أطفالنا فى المجتمع والمدارس عدم الاكتفاء بالاستماع للشرح فقط، بل سؤالهم وسماع الإجابات منهم ليشعروا بأنهم منتجون.

ذوو الهمم.. أولوية استراتيجية ..دعم وحماية فى استراتيجية حقوق الإنسان والدستور منحهم مكاسب غير مسبوقة

«متحَدّو الإعاقة.. قادرون باختلاف.. ذوو الهمم»، جميعها مصطلحات بدأت الدولة إطلاقها خلال مبادرات ومنتديات شاهدناها الأعوام الماضية، عرضت خلالها نجاح نماذج عديدة من ذوى الاحتياجات الخاصة فى العديد من المجالات.. يلقى ملف حقوق ذوى الهمم فى مصر نصيبًا كبيرًا من اهتمام الدولة، حيث تهدف رؤية مصر 2030 والجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، إلى الارتقاء بكافة فئات المجتمع وأن تلحق مصر بركب الدول المتقدمة ويترجم ذلك من خلال اهتمامها بضمان دمجهم الكامل فى المجتمع، وتحقيق المساواة والعدالة لهم فى مختلف مجالات الحياة، لكى يتحقق مبدأ العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة لكافة أفراد المجتمع.

يُؤكّد الدكتور محمد ممدوح عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان المشرف على وحدة ذوى الإعاقة بالمجلس على أن «تعزيز حقوق الأطفال ذوى الإعاقة البصرية يُمثّل أحد أهمّ أولويات الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقتها الدولة المصرية، إيمانًا منها بضرورة توفير حياة كريمة لجميع المواطنين دون تمييز».

وسلط المشرف على وحدة ذوى الإعاقة، الضوء على جملة من الأهداف التى تُشكل جوهر هذه الاستراتيجية فى مجال حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، وتشمل التعليم وضمان حصول جميع الأطفال ذوى الإعاقة على تعليمٍ مُتّسعٍ وشاملٍ، وتوفير بيئة تعليميةٍ آمنةٍ ومُلائمةٍ لاحتياجاتهم، والرعاية وتوفير الأدوية والعلاجات اللازمة لهم، بالإضافة إلى توفير فرص عملٍ مناسبةٍ للأشخاص ذوى الإعاقة، والتى ستنعكس على زيادة إنتاجهم ويصبحون أعضاء فاعلين فى المجتمع وتمكينهم من المشاركة فى الحياة الاقتصادية بشكلٍ مؤثر، وتعزيز مشاركتهم فى مختلف الأنشطة والفعاليات العامة، وتمكينهم من اتخاذ القرارات التى تُؤثّر على حياتهم.

تحقيق مكتسبات
ويشير ممدوح إلى أنّ هذه الأهداف تُترجم إلى مجموعةٍ من المبادرات والبرامج التى تُنفّذها الدولة على أرض الواقع، ممّا يُسهم فى تحقيق التقدم فى مجال حقوق ذوى الهمم، ومن بين أهمّ المكتسبات التى تحقّقت فى هذا المجال؛ ازدياد معدّل دمج الطلاب ذوى الإعاقة سواء البصرية أو المركبة فى التعليم، حيث وصلت نسبة دمجهم فى المدارس الحكومية إلى نسب متقدمة مع توفير المعلمين المُؤهّلين والأدوات المُساعدة اللازمة، بالإضافة إلى تحسين نوعية الخدمات الصحية المقدّمة لهم، من خلال إنشاء وحداتٍ صحيةٍ مُخصّصةٍ لهم فى مختلف المستشفيات وتوفير الأدوية والعلاجات اللازمة، ومع ذلك يُقرّ «ممدوح» بأنّه لا تزال هناك بعض التحديات التى تواجه تحقيق الحقوق الكاملة لذوى الهمم فى مصر وهى تغيير النظرة المجتمعية للأطفال ذوى الإعاقة البصرية وكسر حاجز التمييز ضدهم والسعى لنشر الوعى بين أفراد المجتمع من أجل مساعدتهم فى الحصول على حقوقهم.. ويُؤكّد الدكتور ممدوح على أنّ الدولة تُدرك هذه التحديات وتعمل جاهدةً على التغلب عليها من خلال نشر الوعى بثقافة حقوق الإنسان بشكلٍ عام، وحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة بشكلٍ خاص من خلال مختلف وسائل الإعلام، فضلًا عن تعزيز التعاون بين جميع الجهات المعنية بما فى ذلك الحكومة ومنظمات المجتمع المدنى والقطاع الخاص، لضمان دمج الأطفال والأشخاص ذوى الإعاقة فى مختلف المجالات من أجل الوصول للجمهورية الجديدة التى يحلم بها ويستحقها جميع المصريين.

مبادرات رئاسية
أما د. نهى بكر عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، فأشادت بحرص الدولة فى دستور عام 2014 على ضم مجموعة من المواد التى تؤسس الإطار التشريعى لتمكين الأشخاص ذوى الهمم، وتم ترجمة ذلك من خلال إنشاء «المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة» بقرار الرئيس السيسى رقم 11 لسنة 2019، الذى يهدف لتعزيز وتنمية وحماية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة وإصدار القانون رقم 200 لسنة 2020 بشأن إنشاء «صندوق دعم الأشخاص ذوى الإعاقة» برئاسة رئيس مجلس الوزراء.. وأشارت إلى أن إطلاق الدولة المبادرة الرئاسية «دمج.. تمكين.. مشاركة» لدعم وتمكين الأشخاص ذوى الهمم وإعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى تخصيص عام 2018 ليكون عام ذوى الاحتياجات الخاصة فى مصر، يعد منبعثًا من إيمان الدولة وقيادتها السياسية بأهمية الالتفات إلى متطلبات ذوى الهمم والسعى للارتقاء بهم.

وتفعيلًا لهذا الملف خصصت الدولة لذوى الاحتياجات الخاصة نسبًا لتمثيلهم الدائم داخل مجلس النواب، واستخدام طريقة برايل للتيسير على ذوى الإعاقة البصرية فى إبداء آرائهم فى التعديلات الدستورية لعام 2019، كذلك إنشاء صندوق «قادرون باختلاف» لدعم الأشخاص ذوى الإعاقة الصادر بالقانون رقم 200 لسنة 2020، وأوضحت أن منتديات شباب العالم شهدت مشاركة واسعة من الأطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة وتوجيه الرئيس السيسى بتقديم الدعم لموارد صندوق «عطاء» لرعاية ذوى الاحتياجات الخاصة بمقدار 100 مليون جنيه والذى يعد خطوة جادة فى اتجاه دمجهم فى المجتمع.

وأضافت أن الدولة عملت على تطبيق معايير «كود الإتاحة» لتسهيل الطرق وحركة السير لذوى الهمم والعمل على الخطة الوطنية للأشخاص ذوى الإعاقة»، والتى تشمل جوانب صحية وتعليمية وثقافية تتكامل مع ما جاء فى «الإطار الاستراتيجى والخطة الوطنية للطفولة والأمومة وهو ما يؤكد تكافل وتعاون كافة المؤسسات من أجل الوصول لنفس الهدف.

الخبراء: أمهاتهم «بطلات» ..تأهيل المدرسين ضرورة للحفاظ على الصحة النفسية لأصحاب القدرات الخاصة وتنمية مهاراتهم

التعامل النفسى الجيد من قبل أفراد المجتمع الأصحاء تجاه الأفراد أو الأطفال ذوى الهمم، من أهم ركائز الإنسانية والمجتمعات المتحضرة والتى تساعد الأطفال المعاقين بصريًا على سرعة الاندماج فى المجتمع والتعامل بشكل طبيعى فى كافة الأجواء والظروف، ما يحتاجه الأفراد ذوو الهمم وتحديدًا الأطفال من ذوى الإعاقة البصرية.

أكدت د. رحاب العوضى أستاذ علم النفس أن الإعاقة البصرية أو الجسدية هى اختبار إنسانى صعب، وللأسف أحيانًا يحدث تقصير وصعوبة بالمجتمع ومازال هناك بعض من ذوى الهمم يعانون كثيراً سواء بشكل فردى فى التعامل مع المؤسسات أو الشوارع غير المهيأة أو المدارس.

وأضافت: لكن يجب التنويه أن مدارس الدمج لها دور أساسى يعجز البعض عن فهمه أو التعامل معه، حيث إنه ليست كل المدارس أو هيئات التدريس التى تعمل بها على دراية جيدة مع التعامل مع طلبة وطالبات الإعاقة البصرية، وهو ما يتطلب دائمًا زيادة وعى وقدرة وكفاءة المدرسين والمشرفين على كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات من الطلبة.

وأشارت العوضى إلى أهمية نشر الوعى المجتمعى بين الأفراد بكيفية التعامل مع الأطفال أو الأفراد ذوى الإعاقة البصرية أو ذوى الهمم بشكل عام، وأن ذلك يبدأ فى الأساس من وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وصورها لكى يتم ترسيخ مبادئ الإنسانية والتعامل بين الأفراد داخل نسيج المجتمع الواحد الذى يتسم بالرقى والإنسانية، وعلى شيوخ وعلماء الدين التوعية بأن تكون أم الطفل المعاق راضية بما قسم الله لها، واشارت إلى أن امهات الاطفال المعوقين بصريا هن بمثابة «بطلات».



فى السياق، أكد د. وليد هندى أستاذ علم الاجتماع أن الإعاقة البصرية تعتبر من أصعب أنواع الإعاقات التى يصاب بها الإنسان وترجع لعدة أسباب منها الوراثة من الوالدين أو الأهل والأقارب، بالإضافة إلى العوامل البيئية أثناء الحمل، وهناك أمراض وخاصة الحصبة الألمانية والتى قد تتسبب فى الإعاقة البصرية للطفل.

وأوضح أن هناك أهمية قصوى لتقديم الدعم الخاص بطريقة التعامل الخاصة مع الطفل ذى الاحتياج البصرى، لأنها سيكولوجيا ذات طبيعة تعامل مختلفة، وبالفعل تم عمل مراكز على مستوى الجمهورية بالإضافة إلى تنفيذ عملية الدمج لهم بالمدارس المختلفة، ولكن لابد أن يتم عمل ذلك وتنفيذه بآليات جيدة وفعالة وبأسلوب دقيق لكى تكون عملية الدمج عملية ناجحة ومكتملة الأركان بما يتيح للطالب سلاسة فى التعامل والتعلم، حيث إنه فى البداية لابد أن تكون المدرسة التى يتم قبول الطفل بها أقرب مدرسة لمكان سكن الطفل لكى لا يتكبد عناء المواصلات ولا يتحمل مشقة ومتاعب الطريق وهى ما يشكل عبئًا على الطفل وأسرته.

وأضاف هندى: لا يوجد وعى كافٍ بكيفية تطبيق عملية دمج الأطفال ذوى الإعاقة البصرية فى العملية التعليمية، فهناك فرق كبير بين المكفوف وبين الكفيف، فهناك عدد كبير لا يفهم الفرق بينهما وكل واحد منهم له متطلبات مختلفة عن الآخر، بالإضافة إلى أن هناك اختلافًا بين درجات ضعف البصر وهو ما يختلف عن الضعف الشديد والكفيف وكل واحد منهم له سيكولوجية خاصة فى التعامل، ويجب مراعاة التدرج فى درجة الكف البصرى، ولابد من عمل تشخيص طبى كهربائى ومتابعة مستمرة من أجل مراعاة نفسيته أثناء العملية التعليمية والتعامل بين زملائه وأساتذته.

ويؤكد أنه لابد أن يتم توفير كافة الآليات والأدوات التى يحتاجها الطالب والكتب الناطقة والأجهزة الإلكترونية الناطقة والتى تعتبر مهمة بالنسبة لهم للغاية فى عملية التعلم، بالإضافة إلى توفير أجهزة «كيرزويل» والتى تحول المادة المكتوبة للمادة المسموعة.

وأشار إلى أن هناك برامج خاصة للأطفال فى مدارس الدمج وأولها غرفة المصادر والتى تتضمن كافة الأجهزة والآليات التى يحتاجها الطفل ذو الإعاقة البصرية والتى تكون متوفرة بشكل دائم من أجل التدريب والاستخدام، كما أن نظام المعلم المستشار والمتجول وهو الذى يقوم بالمرور على مدارس الدمج من أجل التحقق من أن الطفل المعاق بصريًا يتمتع بكافة سبل الرعاية والتعليم والترفيه الكافية له.

النور مكانه فى «بصيرة» ..دمج الطفل فاقد البصر منذ الصغر يدعم ثقته فى نفسه

البصيرة أقوى من البصر.. من هنا جاء اسم مؤسسة «بصيرة» لذوى الاحتياجات البصرية، ذهبنا إلى مقر المؤسسة فى الدقى وسعدنا بلقاء مديرة التأهيل والتدريب بالمؤسسة «سامية سرى» من أجل التعرف على أنشطة المؤسسة ودورها فى تأهيل الأطفال ذوى الإعاقة البصرية للاندماج فى المجتمع بشكل عام وللاندماج فى العملية التعليمية والمدارس بشكل خاص.

أوضحت أن المؤسسة تم إنشاؤها عام 2004 إيمانًا من جميع المقيمين عليها بأن كل شخص بإمكانه تحقيق طموحاته إذا تم توفير الدعم اللازم والموارد الصحيحة التى تساعده.

وأشارت إلى أن المؤسسة تعمل على تطوير ذوى الاحتياجات البصرية فى مصر ليتمكنوا من إدراك قدراتهم ويصبحوا أشخاصًا مستقلين ومنتجين يرحب بهم المجتمع ويتقبلهم، لذا تقوم بتوفير كافة الخدمات بدءاً من الاكتشاف المبكر، التأهيل والخدمات التعليمية، كما تهتم المؤسسة بتدريب المحيطين لذوى الإعاقة البصرية مثل الأهل والمعلمين والأصدقاء بالطريقة الصحيحة للتعامل معهم.



وأكدت «سرى» أن أغلب الأنشطة والبرامج لديهم تعمل على تنمية حاستى السمع واللمس، حتى يتسنى للطفل استغلالها بشكل أفضل فى مراحل نموه فى سنوات عمره الأولى، فمن المعروف أن هاتين الحاستين هما بمثابة النظر لديهم، كما أن برنامج التأهيل يعمل على مساعدة الأطفال فى التطور اللغوى وأساليب التواصل، بالإضافة إلى تطوير المهارات الحركية مثل «الحبو» والمشى والتقاط الأشياء واكتشافها عن طريق الأيدى، فضلًا عن تنمية المهارات الحياتية اليومية مثل تناول الطعام وارتداء الملابس والعناية بالنظافة الشخصية 

حرصت المؤسسة على دمج أعضائها الطلاب فى المدارس نظراً لأن ذلك يسهم بشكل كبير فى تعزيز ثقتهم بقدراتهم واكتساب خبرات جديدة، كما يوجد فريق متخصص يضمن لهؤلاء الطلاب الحصول على نفس المستوى التعليمى الذى يحصل عليه أقرانهم، عن طريق تكييف المناهج الدراسية وطرق تدريسها بالشكل الملائم مع احتياج كل طفل، خاصة فى المواد الدراسية التى تعتمد على النظر مثل الجغرافيا والعلوم والرياضيات، بالإضافة إلى عمل تقييم شامل لكل النواحى المتعلقة بالتعليم للطلاب ذوى الإعاقة البصرية، وتحديد نقاط الضعف ونقاط القوة والنواحى التى تحتاج إلى تطوير.

واختتمت حديثها بأن المؤسسة تعمل مع عدة جهات حكومية ووزارات لدعم الأشخاص ذوى الاحتياجات البصرية فى الحصول على حقوقهم، وهذا يشمل الدمج الشامل فى نظام التعليم العام وتعديل السياسات والقوانين، كما يتم تنظيم عدة حملات لمختلف فئات المجتمع فى الأماكن والمؤسسات والهيئات المختلفة لتوعيتهم بالصعوبات والتحديات التى تواجه المكفوفين، لنشر الوعى وتهيئة المجتمع لتقبلهم والتعامل معهم بشكل صحيح وسليم.