خالد محمود يكتب: الملف الغائب لوزارة الثقافة 

خالد محمود
خالد محمود

فور‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬الحكومة‭ ‬استقالتها،‭ ‬وتكليف‭ ‬الدكتور‭ ‬مصطفى‭ ‬مدبولي‭ ‬بتشكيل‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة،‭ ‬تبارت‭ ‬برامج‭ ‬الـ”توك‭  ‬شو”‭ ‬في‭ ‬فتح‭ ‬ملفات‭ ‬عديدة‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬مأمول‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬القادمين‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة،‭ ‬وكان‭ ‬اللافت‭ ‬للنظر،‭ ‬عدم‭ ‬التطرق‭ ‬لملف‭ ‬الثقافة‭ ‬رغم‭ ‬أهميته‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬المواطن‭ ‬والوطن،‭ ‬ولا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والخبز،‭ ‬بل‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يشكل‭ ‬قوام‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الأمة‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬بناء‭ ‬الفرد‭ ‬وتشكيل‭ ‬وعيه‭.‬‮ ‬

والسؤال‭ ‬“هل‭ ‬قدمت‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬منها‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الماضية؟”‭.‬

الإجابة‭ ‬بالطبع‭ ‬لا‭.. ‬فما‭ ‬زالت‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬تطلعات‭ ‬وأحلام‭ ‬وآمال‭ ‬المبدعين‭ ‬لم‭ ‬تقترب‭ ‬منها‭ ‬مشروعات‭ ‬وخطط‭ ‬وفكر‭ ‬الوزارة‭.‬

نعم‭ ‬ندرك‭ ‬جميعا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وسياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬كبيرة،‭ ‬ينبغي‭ ‬الوقوف‭ ‬أمامها،‮ ‬لتخطيها‭ ‬وتجاوزها،‭ ‬لكن‭ ‬دعم‭ ‬صروح‭ ‬المنتج‭ ‬الثقافي‭ ‬والفني‭ ‬له‭ ‬أيضا‭ ‬قيمته‭ ‬وأهميته‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬أدوار‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬مصر‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬ننشدها‭ ‬جميعا‭.‬

أول‭ ‬هذه‭ ‬الصروح‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬مهرجان‭ ‬القاهرة‭ ‬السينمائي‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬حقيقي‭ ‬يوازي‭ ‬مكانته‭ ‬الدولية،‭ ‬حتى‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬بشكل‭ ‬ملموس‭ ‬أمام‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬تجهيز‭ ‬قاعات‭ ‬عرض‭ ‬حديثة‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬تقني،‭ ‬ورفع‭ ‬ميزانيته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬دعوة‭ ‬نجوم‭ ‬كبار،‭ ‬إحضار‭ ‬أفلام‭ ‬عالمية‭ ‬للمشاركة‭ ‬دون‭ ‬عبئ‭ ‬نفسي،‭ ‬ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬جميعا‭ ‬حجم‭ ‬المنافسة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬النقطة‭ ‬تحديدا‭ ‬في‭ ‬صراع‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الأفلام‭ ‬مع‭ ‬المهرجانات‭ ‬الأخرى،‭ ‬ورفع‭ ‬قيمة‭ ‬جوائز‭ ‬المشاريع‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬حتى‭ ‬نضمن‭ ‬ولاءها‭ ‬الكامل‭ ‬لتقديم‭ ‬عروضهم‭ ‬الأولى‭ ‬بالمهرجان‭.‬

النقطة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬نتوقف‭ ‬عندها‭ ‬هي‭ ‬ماذا‭ ‬قدمت‭ ‬الشركة‭ ‬القابضة للاستثمار‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الثقافية‭ ‬والسينمائية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تأسيسها‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬خطوة‭ ‬تجاه‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬والتي‭ ‬أعلن‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

اتذكر‭ ‬أن‭ ‬الدكتورة‭ ‬نيفين‭ ‬الكيلاني،‭ ‬وزيرة‭ ‬الثقافة‭ ‬ترأست اجتماعي‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬العادية،‭ ‬وغير‭ ‬العادية،‭ ‬للشركة‭ ‬القابضة‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الثقافية‭ ‬والسينمائية،‭ ‬وذلك‭ ‬بمقر‭ ‬الوزارة‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الإدارية‭ ‬الجديدة،‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬عرض‭ ‬مقترح‭ ‬الخطة‭ ‬المستقبلية‭ ‬للجنة‭ ‬الاستثمار‭ ‬للشركة‭ ‬القابضة‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2023‭ ‬–‭ ‬2028،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬بعرض‭ ‬ما‭ ‬تملكه‭ ‬الشركة‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬محافظات‭ ‬هي‭ ‬“القاهرة،‭ ‬الجيزة،‭ ‬الإسكندرية،‭ ‬القليوبية،‭ ‬البحيرة،‭ ‬بورسعيد،‭ ‬دمياط”،‭ ‬حيث‭ ‬تتنوع‭ ‬هذه‭ ‬الأصول‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬“دور‭ ‬العرض‭ ‬السينمائية،‭ ‬استوديوهات،‭ ‬أراضي”،‭ ‬وشمل‭ ‬المقترح‭ ‬تقسيم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬4‭ ‬محاور‭ ‬رئيسة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الأراضي‭ ‬الفضاء‭ ‬التي‭ ‬تملكها‭ ‬الشركة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أكبر‭ ‬استفادة،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬توظيفها‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬الثقافية‭ ‬للجمهور‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭.‬

وهنا‭ ‬اقول‭ ‬أن‭ ‬ذاك‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬قصور‭ ‬الثقافة‭ ‬الموجودة‭ ‬بالفعل‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تطور‭ ‬قاعاتها‭ ‬السينمائية والمسرحية‭ ‬لتشكل‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الزخم‭ ‬الفني‭ ‬والإبداعي‭.‬

أيضا‭ ‬طرح‭ ‬الاجتماع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬وترميم‭ ‬كافة‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬تملكها‭ ‬الشركة‭ ‬لتعظيم‭ ‬القيمة‭ ‬من‭ ‬توزيعها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الشركة‭ ‬التابعة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬مدينة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الإعلامي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬توزيع‭ ‬أفلام‭ ‬أخرى‭ ‬خاصة،‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬نشاط‭ ‬التوزيع‭ ‬للغير،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬دراسة‭ ‬إمكانية‭ ‬إنشاء‭ ‬منصة‭ ‬إلكترونية‭ ‬لعرض‭ ‬الأفلام‭ ‬ذاتيًا‭ ‬أو‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬المنصات‭ ‬الوطنية‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬التطوير‭ ‬الذاتي‭ ‬لدور‭ ‬العرض‭ ‬السينمائي‭ ‬وتشغيلها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الشركة‭ ‬التابعة،‭ ‬وتطويرها‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬الاستديوهات‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬ودراسة‭ ‬إمكانية‭ ‬التعاقد‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬العاصمة‭ ‬الإدارية‭ ‬لبناء‭ ‬استديوهات‭ ‬جديدة‭ ‬وفق‭ ‬أحدث‭ ‬النظم‭ ‬العالمية،‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الإدارية‭ ‬الجديدة‭ ‬وبالشراكة‭ ‬مع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بناء‭ ‬متحف‭ ‬فني‭ ‬خاص‭ ‬لكل‭ ‬مقتنيات‭ ‬الاستديوهات‭ ‬التاريخية‭ ‬القائمة‭ ‬ويحتوي‭ ‬على‭ ‬إرث‭ ‬كبار‭ ‬نجومنا‭ .‬

تلك‭ ‬نقاط‭ ‬مهمة‭ ‬كانت‭ ‬تحتاج‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬مناقشة‭ ‬ومحاسبة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬تطوير‭ ‬دور‭ ‬العرض‭ ‬وبناء‭ ‬دور‭ ‬عرض‭ ‬جديدة‭ ‬وتطوير‭ ‬الاستديوهات‭ ‬بأحدث‭ ‬الوسائل‭ ‬التكنولوجية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬ستديو‭ ‬“الأهرام”‭.‬

النقطة‭ ‬الأخرى،‭ ‬إعادة‭ ‬الروح‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬أسابيع‭ ‬التبادل‭ ‬الفني‭ ‬والثقافي‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لزيادة‭ ‬الخبرات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬توقف‭ ‬تقريبا‭.‬‮ ‬

;