في عالم يمتلئ بالأكاذيب عن عمد.. في عالم تختفي فيه الحقائق عن عمد.. لا تسلم نفسك إلى ذئاب الإعلام، ولا تثق في مغرض.. في عالم يعرف قيمة الشائعات ويصرف على ترويجها ميزانيات دول، لا تنساق وراء خبر مضلل، ولا تضع نفسك في موقف تندم عليه، حسن النية في معارك الإعلام ربما لا يحمد عقباه.. في مثل هذه الظروف ألجأ إلى القنوات الآمنة، لا تتسرع ولا تشارك في جريمة “الشير” والـ”لايك”، لا تكن جزء من اللعبة، ولا تكن أداة في أيد من يديرون المعركة بدون شرف، تمهل لا هو سبق، ولا هي مسابقة، من حقك أن تعرف وأن تحصل على المعلومة، لكن من حق بلدك أن تتمهل ولا تتعجل، من حقها ومن مصلحتها أن تعرف الحقيقة الكاملة، الحقيقة المجردة.. في الأيام الماضية كانت هناك محاولات - وهي في الحقيقة محاولات متكررة - للنيل من منجز مصرى نفخر به، فشن البعض حملة على مطار القاهرة، واتهم كذبا رجال الأمن هناك بما ليس فيهم، وبدأت اللعبة بكل تفاصيلها المعتادة، أخذت “جماعات الشيطان” الفيديو الذي بثه مدعي يؤكد أنه تم سرقته في المطار، ونسجت حوله العديد من الأكاذيب بحبكات درامية متنوعة، وللأسف تسرع البعض وقام بفعل الـ”شير” والـ”لايك”، وراح البعض الآخر ليبني آراء مختلفة، ويفتي بما هو غير حقيقي، وانتشر الفيديو انتشار النار في الهشيم، وتناقله البعض من مدعي الإعلام دون اللجوء إلى مصدر مسئول.. ثم.. ثم يحدث ما هو متوقع، تخرج وزارة الداخلية ببيان مفصل مصور من كاميرات المراقبة ليكشف كذب الادعاء لمزدوج الجنسية أحادي الأفكار، ثم.. ثم ماذا حدث؟، هل تراجع من قام بنشر فيديو المدعي؟، لا لم يحدث، ومر الأمر مرور الكرام.
تقرير خبيث بثته قناة أخبث لا يمت للمهنية بشيء، ادعت فيه الـ”CNN” إنها عالمة ببواطن الأمور، وادعت أشياء لم تحدث في التفاوض بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي.. سارع كلا الطرفين لتكذيبه، لكن أصحاب المصلحة وأصحاب الضمائر الخربة تبنوا وجهة النظر المعيبة التي تفتقد للمصداقية والمهنية، ولم يهتموا بالرد الحقيقي كالعادة..
منذ أيام وقع حادث مأساوي راح ضحيته بطل من أبطالنا على الحدود الأبطال الذين يؤدون واجبهم بعيدا عن الـ”فيس بوك” و”تويتر” و”تيك توك”، الأبطال الحقيقيين المخلصين للأرض بعقيدة راسخة ثابتة موجودة عند كل أبطال الجيش المصري.. ثم حدثت اللعبة مرة أخرى.. سيل من التحليلات والأخبار والإنفرادات الوهمية، حدث ذلك قبل أن يصدر تصريحا رسميا وكأنها مسابقة، حتى أن البعض ممن يحتسبون على مهنة الصحافة المعنية بالتدقيق سارع بنشر صورا مختلفة للبطل على غير الحقيقة، صورا مؤكد سوف تؤلم أصحابها وذويهم، واتضح أنها صورا غير حقيقية، واتضح إن روايتهم كلها كذب، وعندما صدر التصريح من المصدر الأمني راحو يمارسون فعلتهم وإدعاءاتهم بالتصيد لكلمة وسط البيان، وهم لا يعرفون أصول الحديث المسئول، ولا يفرقون بين البيانات الرسمية والبيانات العاطفية.
لعبة الإعلام القذر ربما تجدها اللعبة الأكثر رواجا على وسائل التواصل الاجتماعي، الذي في حقيقة الأمر لا هو “تواصل”، ولا علاقة له بـ”الاجتماعيات”، والحقيقة أن هناك شعرة صغيرة بين الوقوع في براثن الحاقدين والمغرضين، وبين البقاء في المنطقة الآمنة.. هذه الشعرة هي كل ما أطلبه منك.. اللجوء للقنوات الآمنة في الأمور الخاصة بالوطن ليس ترفا ولا تحيزا حتى.. هو فرض عين على الجميع، وهو عين الحقيقة التي يجب أن تلجأ لها.. انتظر قليلا لترى الصورة كاملة، انتظر الرواية الرسمية التي سبق وأثبتت شفافيتها وصحتها، فليس من مصلحة أحد إخفاء الحقيقة.
أثبتت الأيام أن لدينا قنوات آمنة.. نجحت “القاهرة الإخبارية” بشهادة الجميع في تخطي حدود النجاح المحلي، تنقل عنها كبريات المحطات والشبكات بفضل ولادها المخلصين الذين يعملون ليلا ونهارا من وسط الأحداث وعلى الأرض، نجحت “إكسترا نيوز” وتنجح الـ”نيل للأخبار”، تثبت قنواتنا المحلية كل يوم أن هناك شيء جديد على الإعلام فيما يخص متابعة الأخبار وتنقل بشفافية وحيادية منقطعة النظير، تثبت المصادر الرسمية كل يوم أنها تؤدي دورها على أكمل وجه، تخرج البيانات فور حدوث الخبر، فلا حاجة إذا للتعجل الذي ربما يؤدي إلى الهلاك.
تعيش المنطقة بأكملها في حالة من حالات الهوس والحرب وتتابع الأخبار لحظة بلحظة، منها الحقيقي، ومنها المزيف، فلا تكن فريسة لمن يسعون بكل ما أوتو من قوة للنيل من الوطن الذي يقاوم كل هذه التحديات، لا تكن أداة في أيدي هؤلاء الذين يمكن أن يختلفوا معك على نتيجة مباراة انتهت وربما يقنعونك بنتيجة غير التي حدثت، هم يملكون النية الخبيثة والأدوات التي تمكنهم من ذلك وأنت تظن أنك وحيدا، وهو غير حقيقي هناك من يقف معك ويحاول جاهدا أن تصلك الحقيقة، هناك قنوات كثيرة آمنة، وهناك مصادر رسمية.. كل ما عليك من أجل الوطن هو أن تنتظر وأن تثق.