رؤى مصرية

معنى الوفاء

نادر غازى
نادر غازى

حينما نتحدث عن فلسطين الحبيبة، لا ينطق اللسان فقط ولا تكتب اليد حروفاً مرصوصة فحسب، وإنما القلب هو المتحكم الرئيسى فى الكلمات؛ تجسيداً لمعنى الوفاء.. فالسلام عليكى يا أرض الأنبياء والشهداء، يا مهد الحضارات وموطن المقدسات، سلام على وطن وقضية وحق لم يتذوقوا يوماً طعم السلام..

بنظرة متأنية للأوضاع الحالية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، نجد أننا أمام أمرين، الأول مُحتل إسرائيلى بغيض مغتصب للأرض الطاهرة منذ ستة وسبعين عاماً، يواصل عدوانه السافر على غزة الجريحة لليوم المئتين وسبعة وأربعين، وضحاياه أكثر من مائة وعشرين ألف شهيد ومصاب من الفلسطينيين الأبرياء..

مُحتل فاق الشيطان فى أفعاله ومستمر فى جرائمه ومجازره بحق المدنيين العُزّل لحماية مستقبله السياسي، ضارباً بعرض الحائط كافة القوانين الدولية والإنسانية، وكأنه فوق شرعية العالم برمته.

أما الأمر الثاني، فنحن أمام استفاقة دولية جاءت بعد طول انتظار، وتحديداً من البيت الأبيض حامى المُحتل وصاحب اليد العليا عليه، من خلال ورقة تفاوضية أعلنها الرئيس الأمريكى جو بايدن منذ أيام لوقف العدوان.. ونال مقترح واشنطن (القديم - الجديد) دعماً كبيراً من عدد من الدول العظمى، فى مقدمتهم بريطانيا المتسببة الرئيسية فى معاناة الفلسطينيين منذ أكثر من قرن من الزمان وصاحبة فكرة تأسيس الكيان الإسرائيلي.

وبين هذا وذاك، تبذل الدولة المصرية كل غالٍ ونفيس لإنهاء العدوان على الأشقاء الفلسطينيين، متسلحة بقوة دبلوماسيتها المحنكة.. وتقود القاهرة مساعى المفاوضات مع كافة الأطراف منذ انطلاق شرارة الأحداث، وطرحت خارطة طريق لحلحلة الأزمة عبر عدة مراحل وصولاً لحل الدولتين كسبيل أوحد لإنهاء الصراع الإسرائيلى الفلسطينى وإقامة دولة فلسطين المستقلة، تلك الخارطة هى الأساس للورقة الأمريكية المطروحة حالياً.

ما يحدث الآن من مماطلة ومراوغة إسرائيلية فى القبول بالمقترح الأمريكي، ما هى إلا مناورة سياسية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب بين الحلفاء، ليبقى القول الفصل إن واشنطن لن تترك الحرب مفتوحة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر المقبل، ويسعى بايدن بكل قوته لتحريك مياه السلام الراقدة بالمنطقة، وتعزيز فُرَصه فى السباق الانتخابي، قبل فوات الأوان..

أما عن النتيجة، أيا كانت الدوافع الغربية، فنتمنى جميعاً أن يتنفس الفلسطينيون الحرية من جديد، ويعود الإقليم التعيس إلى دائرة الاستقرار..