بوضوح

التقارير المجهلة لشبكة cnn الأمريكية

د.حسام النحاس عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام جامعة بنها والخبير الإعلامى
د.حسام النحاس عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام جامعة بنها والخبير الإعلامى

دأبت شبكة cnn الأمريكية عبر قنواتها الإخبارية ومواقعها الإلكترونية الناطقة بالإنجليزبة والعربية على نشر تقارير مزيفة وأخبار كاذبة ومضللة ومقالات مدفوعة الأجر حول قضايا الصراع والنزاع والأزمات العالمية حتى صار ذلك نهجًا متعمدًا من جانب الشبكة الإخبارية وتحولت إلى بوق إعلامى ومنبر دعائى وترويجى لمن يدفع ومن يمول بغض النظرعن القيم والقواعد الإخبارية المتعارف عليها عالميا من الصدق والموضوعية والحيادية والتوازن وعدم الانحياز والتحقق من صدق ودقة الموضوعات والأخبار والمعلومات ومصادرها وهو ما أدى إلى انعدام ثقتها ومصداقيتها لدى قطاع كبير من الجمهور والمتابعين سواء فى الداخل الأمريكى أو للمواطن العربى فيما يخص قنواتها ومواقعها الناطقة بالعربية على حد سواء وذلك وفق آخر استطلاعات للرأى تخص نسب المشاهدة والتأثير والثقة لدى الشبكة.

وتعرضت cnn خلال العام الأخير فقط لتحديات وإشكاليات وأزمات كبرى جعلتها تحتل مرتبة متأخرة من حيث نسب المشاهدة والتأثير وذلك لحساب محطات أخرى أبرزها «فوكس» و»إم إس إن بى سى». وبسبب سياستها التحريرية المضللة تم إغلاق خدمة البث «سى إن إن بلس» بعد شهر واحد فقط من انطلاقها إضافة لغضب واسع بين صفوف صحفييها ومحرريها عقب إقالة مذيعين مشهورين مثل كريس كومو ودون ليمون، كما لا يخفى على أحد الفضيحة الجنسية الكبرى التى لاحقت القناة وأطاحت بمديرها الأسبق جيف زوكر بعد محاولته إخفاء علاقة جنسية بينه وبين مسئولة كبيرة بالشبكة وتعيين كريس ليخت مديرًا للقناة ليتم أيضا إقالته بعد تورطه فى سقطات مهنية وتحريرية تسببت بضربات قاسية هزت مصداقية الشبكة وأثرت على نسب مشاهديها وحجم إعلاناتها وابتعادها عن الحيادية فى تغطيتها للسياسة الداخلية الأمريكية لينصرف عنها المواطن والمشاهد الأمريكى وفيما يخص ربحية القناة، فقد خسرت فى عام واحد نحو 500 مليون دولار أمريكى لتحقق أكبر خسائرها خلال السنوات الماضية.

وحول أبرز سقطاتها المهنية خلال تغطيتها الإعلامية لحرب الإبادة الجماعية فى قطاع غزة، فقد كانت الشبكة صاحبة الخبر الكاذب الذى أذاعته حول قطع حماس لرؤوس الأطفال الإسرائيليين، حيث ذكرت مراسلة تابعة لسى إن إن أنه تم العثور فى مستوطنة كفار على جثامين أطفال «مقطوعة الرؤوس» وهى الرواية التى رددها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو والمتحدث باسم الجيش الإسرائيلى وتبناها البيت الأبيض والرئيس الأمريكى جو بايدن وهو الأمر الذى ثبت لاحقًا كذبه جملة وتفصيلًا وتم نفيه لاحقا وفى فيديو آخر مسرب لشبكة سى إن إن الأمريكية ظهر خلاله عدد من المراسلين المنتمين للقناة وفى الخلفية صوت المخرج وهو يوجه إحدى المراسلات ويطالبها بـ»إبداء الذعر» من صواريخ المقاومة أثناء عملها برغم ما بدا فى المشهد من هدوء وعدم تعرضهم أثناء حركتهم لأى أذى وهو ما يثبت تورط وتعمد الشبكة تضليل الرأى العام حول الأحداث الدائرة هناك، كما حرضت الشبكة فى تقرير لها على قصف المستشفى المعمدانى بالقطاع بزعم أنه مأوى للمسلحين من حركة حماس وهو ما أوقع مئات الشهداء والمصابين من النساء والأطفال وقدم الغطاء والمبرر للكيان الإسرائيلى لضرب المستشفى.

وتأتى السقطة الأخيرة الأكثر كذبًا وتضليلًا وتزييفًا لشبكة cnn عبر قناتها وموقعها الناطق بالعربية عبر نشرها تقريرًا كاذبًا بعنوان «مصادر تكشف لـCNN عن إجراء مفاجئ من مصر خلال المفاوضات بشأن غزة أغضب إسرائيل وأمريكا وقطر» تتهم فيه مصر بتغيير بنود مقترح وقف إطلاق النار الذى وقعت عليه إسرائيل، وبتحليل إعلامى متعمق لمضمون التقرير يتبين كذب وتضليل وزيف الموضوع برمته، حيث يتحدث العنوان عن مصادر وبمطالعة التقرير تبين خلوه من أى مصادر رسمية أو حتى غير رسمية والحديث عن مصادر مجهلة تحت اسم مطلعة وهو أمر يتنافى مع أبسط القواعد المهنية المنظمة للتغطية الإعلامية عالميًا والأدهى من ذلك أن التقرير نفسه يتحدث عن رفض المتحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية التعليق!!! 
كما تغافل التقرير عن ذكر أن الدور المصرى - الذى يمكن وصفه بأنه الدور الأكثر شرفًا فى القضية شاء من شاء وأبى من أبى - يأتى وفق طلب وإلحاح واتصالات مكثفة من كل أطراف الصراع خاصة الجانب الإسرائيلى والأمريكى للعب الدولة المصرية دور الوسيط بين الأطراف المتصارعة.

وعن دوافع الموقع لنشر هذا التقرير الكاذب جملة وتفصيلًا فنؤكد أن الدوافع قوية وحاضرة ولعل أبرزها رفض الجانب المصرى التنسيق مع الجانب الإسرائيلى بشأن معبر رفح البرى خاصة بعد العملية العسكرية التى يشنها الجانب الإسرائيلى على مدينة رفح الفلسطينية والتى يرفضها الجانب المصرى رفضًا قاطعًا وكذا رفض القيادة المصرية الاستجابة لمطالب الجانب الأمريكى بشأن عودة التنسيق بين الجانبين المصرى والإسرائيلى إلا بعد الاستجابة للمطالب المصرية العادلة خاصة فى ظل موافقة الجانب الأمريكى على عملية رفح وتقديم كل أوجه الدعم والحماية للجانب الإسرائيلى أضف لذلك موقف مصر القوى والحاسم والثابت والمعلن منذ بداية الأزمة برفض تصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكان قطاع غزة وعمليات الإبادة الجماعية والعقاب الجماعى الذى تمارسه إسرائيل بحق سكان قطاع غزة ورفض المساس بالأمن القومى المصرى وأخيرًا إعلان مصر التدخل رسميًا لدعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية خاصة بعد مطالبة المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية بضرورة إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه غالانت وهو الأمر الذى أثار ذعر ورعب الجانب الإسرائيلى وذراعه الإعلامية فى الخارج شبكة cnn الأمريكية لتقوم بدورها بنشر هذا التقرير الكاذب جملة وتفصيلا لمحاولة تشويه الدور المصرى وتضليل الرأى العام والتشويش على قرارات المحكمة الجنائية الدولية المرتقبة.