إنها مصر

تصوير الجنازات !

كرم جبر
كرم جبر

أشيد بالاتفاق الذى تم بين وزارة الأوقاف ونقابتى الصحفيين والإعلاميين، لتنظيم تصوير الجنازات فى دور العبادة، وهى خطوة مهمة ومشجعة ولكنها مجرد بداية.

الصحافة والإعلام جهات منضبطة، تحكمها قوانين وتقاليد راسخة للممارسة، من المفيد نشرها وإدارة حوارات لنشر الوعى والتنبيه بخطورة الأمر.

المشكلة الأكبر فى الأعداد الكبيرة التى تحمل فى يدها الموبايلات، وتطارد المشاهير والشخصيات العامة والفنانين وغيرهم، ليس فى دور العبادة فقط، ولكن فى المقابر والأفراح والأماكن العامة، وأصبحت ظاهرة مزعجة.

أصبح عادياً أن يتزاحم العشرات حول أى حادث يقع فى الشارع، لتصويره بالموبايلات، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الأمر مخالف للقوانين والأعراف، وينتهك الحريات الشخصية للمواطنين.

شاهدنا فوضى عشرات الشباب بالموبايلات يطاردون الفنان محمد رمضان أثناء حضوره أحد الأفراح، وعشرات آخرين بالموبايلات يسيرون وراء عمرو دياب أثناء ذهابه لدورة المياه فى أحد الفنادق، وتؤدى مثل هذه التصرفات المشينة إلى مشاجرات وخناقات.

حسناً فعلت نقابتا الصحفيين والإعلاميين بإقرار ضوابط لأعضائهما، للالتزام بالقواعد المهنية فى تغطية الجنازات فى دور العبادة، ويمكن الانطلاق من ذلك إلى مجالات أخرى.

فالحياة الخاصة لها الحماية القانونية، فليس معقولاً ولا مقبولاً أن يكون شخص ما فى نادٍ أو مقهى أو فندق، فيجد صوره منشورة على مواقع التواصل الاجتماعى.. والحل السريع فى هذه الحالة هو اللجوء إلى النيابة والقضاء، وتصدر فى الفترة الأخيرة أحكاماً رادعة وقوية.

وتمتد الأزمة إلى وسائل التواصل الاجتماعى التى يتم البث من خلالها، سواء على الصفحات أو المنصات أو البث المباشر وغيرها وكل يوم يظهر جديد، والحل الحاسم لذلك هو العقوبات القضائية بجانب نشر الوعى بين الناس خصوصاً الشباب.

وفى ظل التطورات التكنولوجية المذهلة التى تحدث كل يوم أصبح الإغلاق والمنع أمرا شديد الصعوبة، ومن تُغلق له صفحة يفتح غيرها بعد لحظات، وتزداد الصعوبة مع الأعداد الكبيرة التى تصل إلى الملايين.

حرمة دور العبادة ضرورية، وبجانبها حرمة الحياة الخاصة للناس، وألا يكونوا عرضة للابتزاز الإليكترونى الذى تتعدد صوره وأشكاله، ويؤدى لحوادث كارثية فى بعض الأحيان.

وحفاظاً على مساحة الحرية المكفولة للجميع، بما لا يتعارض مع حماية الحريات الخاصة المكفولة بالدستور والقانون وحرمة الجنازات والمتوفين، تأتى أهمية ضوابط ومعايير التغطية الإعلامية لهذه النوعية من الأخبار:

تغطية الجنازات تأتى فى إطار الحفاظ على قيم وأخلاق ومبادئ وتقاليد المجتمع وعلى النظام العام والآداب العامة، والتزام وسائل الإعلام فى أدائها المهنى بالمبادئ والقيم التى يتضمنها الدستور وقانون تنظيم الصحافة والإعلام وميثاق الشرف المهنى، وبآداب المهنة وتقاليدها بما لا ينتهك حقًا من حقوق المواطنين أو يمس حرياتهم.

انتهاك خصوصية الناس مُجرم قانوناً ولا سبيل لمقاومة هذه الظاهرة إلا بالردع والوعى.