أصل الحكاية | مئذنة قوصون.. جوهرة العهد المملوكي تتألق من جديد

 جامع قوصون
جامع قوصون

أصبحت مئذنة قوصون الأثرية مثار تساؤلات على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تداول العديد من الأشخاص تساؤلات حول قرار الآثار بشأن هدمها وما يجري بخصوصها، في ظل هذه التساؤلات، قررت وزارة الآثار توضيح الموقف وشرح الإجراءات المتخذة للحفاظ على هذا المعلم التاريخي الهام.

تعود مئذنة قوصون إلى العهد المملوكي، وتعد واحدة من أبرز المعالم الأثرية في القاهرة. نتيجة لتعرضها لتلفيات خطيرة على مر السنين، باتت المئذنة في حالة تستدعي تدخلاً عاجلاً للحفاظ عليها. نفت وزارة الآثار بشكل قاطع أي نية لهدم المئذنة، مؤكدة أن الإجراءات الحالية تركز على الترميم والصيانة لضمان سلامتها واستدامتها.

تجري حالياً عمليات دقيقة لفك بعض الأجزاء المهددة بالسقوط بهدف إعادة ترميمها بطرق تضمن الحفاظ على طابعها الأصلي. وقد أوضحت الوزارة أن هذه الخطوات تأتي ضمن مشروع شامل لترميم العديد من الآثار الإسلامية في القاهرة، بهدف صون التراث الثقافي والحضاري لمصر.

يأتي هذا الترميم في إطار الجهود المستمرة للحفاظ على المعالم التاريخية، حيث يشارك فريق من الخبراء والمتخصصين في عملية الترميم لضمان إتمامها بأعلى معايير الدقة والجودة. كما تعمل الوزارة على رفع الوعي بأهمية هذه المعالم التاريخية من خلال حملات توعوية على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة التزامها بالحفاظ على التراث الوطني للأجيال القادمة.

** مئذنة قوصون بين الفك والترميم: تعرف على حكايتها

وأجابت وزارة الآثار أنَّ مئذنة الأمير قوصون الساقي الناصري تجري بها أعمال رصد وصلب وتأمين وفك وإعادة تركيب، نظرًا لوجود شروخ رأسية وأفقية ببدن المئذنة، ما يؤثر على توازنها إنشائيًا، وفقًا للتقارير الهندسية التي جرى إعدادها. بناءً على تقرير الحالة المعمارية والإنشائية للمئذنة، أوضحت تقارير الرصد وجود ميل واضح ظاهر بالعين المجردة.

ويشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار إلى أن مئذنة قوصون الناصري الساقي هى أثر رقم 290 ، أنشأها الأمير المملوكي البحري الأمير سيف الدين قوصون الساقي الناصري، عام 736هـ/ 1336م، وتقع في شارع سيدي جلال؛ القادرية بالسيدة عائشة بحي الخليفة .

أمّا جامع قوصون فيقع في شارع القلعة خارج باب زويلة، حيث بدأ عمارته الأمير قوصون عام 730 هـ، وكان موضعه دارًا بجوار حارة المصامدة، تعرف بدار أفوش نميلة، ثم عرفت بدار الأمير جمال الدين قتال السبع الموصلى، فأخذها من والده وهدمها وتولى بناءه، وأول خطبة أقيمت فيه يوم الجمعة من شهر رمضان سنة 730 هـ وخطب يومئذ قاضى القضاة جلال الدين القزوينى بحضور السلطان.

وعقب فتح شارع محمد على، وضع على باشا مبارك، تصميمًا لتجديده شرعت وزارة الأوقاف فى تنفيذه ولم تتم عمارته إلا فى عصر الخديوى عباس حلمى الثانى عام 1893م.

** مئذنة قوصون: تحفة معمارية بين الترميم والصيانة

بنى المسجد بالحجر من الداخل والخارج ويتكون من أربعة إيوانات يتوسطها صحن مغطى بقبة من الخشب منقوشة، كما يعلو المحراب قبة. والمحراب مزخرف بالبوية الملونة، يجاوره مبنى من الخشب المجمع بأشكال هندسية. في الإيوان الغربي توجد دكة المبلغ المصنوعة من الرخام. غير أن تصميمه وتفاصيله المعمارية لا تمت من الناحية الفنية بأية صلة إلى الجامع القديم.

ولم يبق من المسجد القديم إلا الباب البحرى، وهو مع ضخامته تسوده البساطة وتجاوره بقايا الزخارف والشبابيك الجصية التى تلاصق المسجد الجديد من بحرية، ولعلها جزء من الإيوان الشرقى للجامع القديم، وتدل هذه الزخارف على أن الزخارف الجصية  كانت شائعة فى المسجد القديم.

 وقد ذكر الجبرتى أنه فى آخر شعبان عام 1215 هـ ـ 1801م سقطت منارة جامع قوصون، سقط نصفها الأعلى فهدم جانبًا من بوائك الجامع ونصفها الأسفل مال على الأماكن المقابلة له بعطة الدرب النافذ لدرب الأغوات ويرجح الجبرتى أن السبب فى سقوط هذه المئذنة يرجع إلى مدافع الفرنسيين عندما قصفوا مدينة القاهرة فى ثورة القاهرة الأولى ويكمل على مبارك قصة المنارة فيقول إن بقية المنارة قد اندثر عند فتح شارع محمد على سنة 1290 هـ - 1873 م.

وقد اندثر معظم أجزاء جامع قوصون ولم يبق منه إلى اليوم إلا الأجزاء الآتية: بوابته الشرقية التى تقع فى شارع السروجية وقد نقش عليها اسم المنشئ وكذا تاريخ الإنشاء عام 730 هـ، كذلك لاتزال بقايا الباب الذى يقع فى الضلع الشمالى الذي يقع فى درب الأغوات، كما يحتفظ الجدار الشمالى بنوافذ ملئت بزخارف جصية جميلة أما باقى مبانى الجامع الحالى فكلها جديدة.

ويشير المهندس محمد أبو العمايم خبير الترميم إلى أن مئذنة قوصون كانت سليمة، والترميم لو حدث سوف يكون ترميم آثار الفك والنقل والتشوين للأحجار، لأن عملية الفك لابد وأنها قد أتلفت كثيرًا من الأحجارويأمل أن تعود المنارة الى أصلها وبنفس اتجاهات فتحات أبواب الدورات، وأن تبني في نفس موقعها الأصلي بالضبط لأنها كانت على ناصية الخانقاه.