أعداء الأسرة والحياة l خبراء وائمة فرنسيون : الإخوان والسلفيين.. شوهوا صورة الإسلام فى أوروبا

حفيد حسن البنا
حفيد حسن البنا

مي السيد

كشف خبراء فرنسيون لأخبار الحوادث، عن أن العامل الأسرى سبب رئيسى فى الأحوال التى وصل إليها شباب الجيل الثانى والثالث من المسلمين فى فرنسا وأوروبا، خاصة أبناء المهاجرين، حيث تأثروا بالاستقطاب السلفى والإخوانى، ومن ثم الانضمام للتنظيمات التكفيرية والعمليات الإرهابية، وكان لهم دور كبير فى تشويه صورة الإسلام والمسلمين وتغييب العقول.

ونفذت فرنسا وعدة دول أوروبية أخرى إجراءات وخطوات لمكافحة التطرف والإرهاب، عن طريق وضع قوانين تهدف إلى الحد من سيطرة المجموعات الإرهابية ميدانيًا، ومحاربة شبكات التمويل والشبكات الإنسانية واللوجستية والدعاية الإرهابية، وتجنب التطرف، بل وزيادة الصلاحيات الأمنية والمراقبة، وتشديد العقوبات ضد المتورطين فى أعمال إرهابية.

 

وتمتلئ أدراج المحاكم الأوروبية، بالقضايا والقصص التى تحكى عن الجرائم، التى ارتكبها الشباب المنتمون إلى الجماعات المتشددة والإرهابية، وكانت سبب فى تشويه صورة الإسلام في الخارج، كان منها القضية الشهيرة الخاصة باغتيال المدرس الفرنسي صامويل باتى التى أثارت صدمة فى المجتمع الفرنسى، حيث تعرض مدرس التاريخ والجغرافيا للطعن ثم الذبح على يد متطرف عام 2020، قرب المدرسة التى يقوم بالتدريس فيها، وجرت محاكمة خمسة من المراهقين، الذين كانت أعمارهم تتراوح بين 14 و15 عاما آنذاك، بتهمة التآمر لارتكاب أعمال عنف مشددة.

لم تكن الجرائم المخلة بالشرف أيضا بعيدة عن تلك العائلات، كان من أشهرهم حفيد حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان، طارق رمضان، والذى حوكم بتهمة ارتكاب ثلاث عمليات اغتصاب فى فرنسا وسويسرا، فضلا عن «الإكراه الجنسى» بين العامين 2009 و 2016 وهى قضية تسببت بسقوطه عام 2017.

كما سيظل اسم صلاح عبد السلام، محفورًا فى ذاكرة الفرنسيين، كونه العقل المدبر لهجمات باريس الدموية، التى وقعت فى 13 نوفمبر 2015، وأودت بحياة 90 شخصًا فى مسرح باتاكلان فى باريس، و39 شخصا فى المقاهى المحيطة، وترك أكثر من 350 جريحًا، بالتزامن مع وقوع هجمات فى مواقع أخرى داخل العاصمة الفرنسية.

ويقضى عبد السلام عقوبة السجن مدى الحياة فى فرنسا، بجانب 19 آخرين أدينوا بتهم الإرهاب، لمشاركتهم فى هجمات بالأسلحة وتفجيرات بالقنابل أسفرت عن مقتل 130 شخصًا، وهى الواقعة التى أحدثت هزة كبيرة فى المجتمع الإسلامى الذى تعرض لضغوط كبيرة، بسبب الانفلات الأسرى الذى أفضى لمثل تلك الأحداث و انجرار الشباب إلى التيارات والأفكار المتطرفة فى البلدان الأوروبية.

الجيل الأول

فى البداية يرى الإمام حسن شلجومى إمام مدينة درانسى ورئيس منتدى ائمة فرنسا؛ لكي نفهم الحالة السائدة الآن، علينا العودة للجيل الأول من الفرنسيين المسلمين، وأغلبهم من المهاجرين من شمال إفريقيا والجزيرة العربية، فى الخمسينيات والستينيات، والذين حضروا على فطرتهم بالدين السمح وفكرة المواطنة.

لم يكن غالبيتهم، كما يقول الإمام الفرنسى والباحث، يهتم بالعيش فى فرنسا والبقاء، بل اعتمدوا على فكرة المكوث 10 أو 20 عاما، ثم العودة إلى أوطانهم، فغالبيتهم من الايدي العاملة والمستوى الثقافى متوسط جدا وهذا كان له دور مهم فى تشكيل الأحداث فيما بعد وحدوث الفجوات بين الأسر المسلمة وأبنائهم.

مع مرور الوقت، اصدرت الدولة تصاريح ورخص لإقامة الأبناء فى فرنسا على سبيل المثال، وبسبب مشكلة اللغة والمستوى الثقافى صارت فكرة صعبة، ولم تكن الدولة الفرنسية جاهزة لاستيعابهم، ومع مرور الوقت سعى الجيل الثانى إلى الاندماج فى المجتمع، وفقد اللغة الأم شيئا فشيئا، والكثير منهم ذهب لتحصيل الدراسة فى الخارج فى أمريكا وكندا على سبيل المثال.

وأضاف الإمام شلجومى؛ وكما أشرت لم تكن المؤسسات جاهزة لحماية هؤلاء وتعليمهم مع فكرة الاندماج والمواطنة، لذلك أصبح استقطابهم سهلا جدا فى فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات أيضا، عندما حضر الإخوان والسلفيون وبدأوا الاستقرار فى الدول الأوروبية باستخدام ورقة اللاجئ وبالفعل استطاعوا بداية من هذه الفترة السيطرة على الشباب باسم الدين.

الراديكالية الإخوانية

للأسف كما يشير شلجومى، كان هؤلاء أكثر تنظيمًا ونشطاء بصورة كبيرة، وتحركوا من خلال المراكز والتجمعات والجمعيات، وعملوا على نشر أفكارهم، وظهرت القنوات المتشددة والتمويل المنتظم، وهو الأمر الذى مهد فكرة الراديكالية الإخوانية المستدامة، وأيضا السلفية فى عقول الجيل الثانى والثالث.

وبذلك، بدأت الأفكار السلفية مثل التشدد فى اللباس والمعاملة ومواجهة ما يسمونه بالبدع، وأنشأوا حائطًا بينهم وآبائهم الذين جاءوا بالإسلام السمح الذى لا يتعارض مع فكرة الوطن ولا يريدون نشر الفتن بين الناس ويحبون النصيحة لا الفضيحة، إلى ان خرب الفكر الإخوانى والسلفى عقول تلك الفئة من الشباب.

ووصل الأمر كما يقول إمام مدينة درانسى فى فرنسا، إلى أن الابن صار يكفر والده، بحجة أنه على عقيدة ضالة، حتى البنت باتت تتهم والدها بأنه ظالم، كونه يساند نظام كذا الكافر، وبسبب المستوى الثقافى لهذا الجيل الأول، فكان من لديه حجة منهم وعلم استطاع أن يعيد أبناءه إلى الطريق، بينما استسلم آباء آخرون لأفكار أولادهم، بحجة أنه طالما لم يخرج عن الدين ولم يصبح تاجر مخدرات أو قاتل لا مانع، وبات البعض منهم يسير على خطى أبنائهم.

وشدد شلجومى على أن هؤلاء الآباء الذين لم يحافظوا على أسرهم من التفكك، لم يعرفوا أن الخطر قادم عليهم لا محالة وبدأوا يدفعون الثمن، حيث تحول جزء كبير من أبنائهم إلى التيار الإخوانى والسلفى، خاصة بعد ثورة سوريا المزعومة، والتى دعا خلالها قادة الإخوان علنًا الشباب فى فرنسا وألمانيا وجندوا آلاف الشباب وذهبوا لسوريا والعراق، وبالتالى انضموا لداعش.

وهنا كما يقول الإمام الفرنسى، نفهم ارتباط فكرة التكفير التى يقوم بها الإخوان والمتسلفة، اللذان جعلا الشباب لا يندمج فى المجتمع، لذلك كانت القرارات التى نسمعها فى فرنسا ودول أوروبية بمنع النقاب مثلا ومراقبة المساجد والأنشطة الدينية، التى تدخل فى نطاق مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الإمام الفرنسي على أن النظرة السيئة عن الإسلام فى أوروبا وجزء كبير من أمريكا، جاء من مفهوم عدم المواطنة وعدم الاندماج والتصرفات الفقهية السلفية فى مجتمعات علمانية، التى مارسها أبناء الجيل الثانى والثالث، وقسموا المسلمين الى نصفين مسلم وكافر، فى الماضي كان يقال لفظ الذئاب المنفردة على مرتكبى العمليات الإرهابية، أما الآن فوجدنا مثلا 7 آلاف أوروبى سلفى ذهبوا ليقتلوا العراقيين والسوريين، لافتا إلى أن فرنسا وحدها تضم 5 آلاف من هؤلاء.

هذا الاستقطاب الإخواني والسلفى للشباب الأوروبى، على شباب لا يعرف الكثير من دينه، نجم عنه أكثر من ألف شخص توفوا فى أوروبا خلال آخر 10 سنوات بسبب العمليات الإرهابية، ومرتكبيها تسببوا فى تشويه الدين الإسلامى، وللأسف يصعب استعادتهم مرة أخرى إلى حضن الدولة، كما يقول إمام مدينة درانسى فى فرنسا.

يجب حظرها

كل ذلك دفع المفكر والباحث السياسى الفرنسى رولاند لومباردى إلى المطالبة كما يقول: بحظر جماعة الإخوان المسلمين فى فرنسا، التى لا تزال تتمتع بنفوذ كبير فى أوروبا، باستثناء النمسا، وهم المسؤولون عن الصورة السيئة للمسلمين فى القارة من خلال دفعهم إلى العدوانية من أجل فرض أيديولوجيتهم.

ولفت استاذ التاريخ إلى أنهم يريدون كسر المجتمع الفرنسى وتقسيم الفرنسيين بين المسلمين وغيرهم بأيديولوجيتهم، والذين ساعدهم فى ذلك كما يؤكد هم اليساريون اليسار وحزب LFI الذى يتزعمه ميلانشون، وهذا أمر خطير للغاية على تماسك المجتمع الفرنسى.

أما السلفيون فلم يعد لهم تأثير وفقا للكاتب الفرنسى المتخصص فى شؤون الشرق الأوسط، ومراكز  السلفيين التى لم تعد لها تأثير بعد قطع التمويلات عنها، مشيرًا إلى أنه ليس لدى الفرنسيين مشكلة مع الإسلام بشكل عام، ولكن مشكلتنا مع الإرهاب الجهادى والإسلام السياسى لجماعة الإخوان المسلمين وجمعياتهم التى تريد فرض قواعدها السياسية والدينية أو حتى الشريعة التى تتعارض مع التقاليد الفرنسية والعلمانية.

وأبدى المفكر الفرنسى استغرابه من أن هذا التنظيم محظور اليوم فى كثير من الدول العربية أو المعزولة مثل مصر والإمارات العربية المتحدة وسوريا والبحرين والسعودية، ومستبعد فى المغرب والأردن وتونس، ولكنه ليس محظورًا فى أوروبا.

زحف إخوانى سلفى

ومن ناحيته أكد صالح فرهود رئيس رابطة الجالية المصرية بباريس ورئيس مسجد الروضة قائلا: إن الإخوان المسلمين كتلة مترابطة متماسكة ولهم الولاء الكامل للمرشد حتى الآن وهذا نابع من عقيدتهم وانتمائهم بطريقة قوية لتعليماتالمرشد، لذلك قمنا بتحذير فرنسا من الزحف الإخوانى والسلفى المتشدد وخطر هجومهم على فرنسا لذلك كان أسلم حل هو ترحيل بعض الأئمة لبلادهم منعًا لغسل عقول الشباب الذى ينساق وراء التطرف بأفكاره باسم الإسلام وحماية لسمعة الإسلام الأزهرى الوسطى المعتدل وهذا الترحيل يأتى من خلال إجراءات قانونية تتخذ على مراحل بداية من تتبع الإمام المتشدد الذى يقوم بإلقاء خطب متطرفة وحتى يتم ترحيله حفاظا على عقول الشباب المندفع الذى يكون فريسة لمثل هذه الخطابات لكى يستخدموا فى أعمال الإرهاب.

فرنسا دولة محبة للإسلام بها ٢٦٢٠ مسجدًا مبنيًا على الطراز الإسلامى وهى تسمح ببناء المساجد، ومن يقوم بتشويه صورة الإسلام هم يفتون فيما لا يفقهون شيئا، فالمتشددون هم المتسببون فى تشويه صورة الإسلام والمسلمين فى فرنسا وأوروبا وهم أساس التفكك الأسرى فهم ينشغلون فقط بإلقاء الخطابات المحرضة المتشددة ولا يهتمون بتربية أبنائهم تربية سليمة والحفاظ عليهم وبالتالي صاروا قنبلة موقوتة داخل المجتمعات الأوروبية تنفجر وتشوه صورة الإسلام.

طرد المتشددين

ومن ناحيتها أكدت فابيولا بدوى الكاتبة التى تقيم بفرنسا قائلة؛ إن فكرة طرد الأئمة المتشددين فكرة سليمة ففرنسا تقف على مسافة واحدة من الجميع تسمح بمعبد لليهود وبكنيسة للمسيحيين ومسجد للمسلمين ولأن عدد المسلمين يزداد من سنين توجهوا لهؤلاء البلديات بفكرة بناء المساجد لأن المساحة غير كافية فالدولة وافقت فأحيانا يتم استضافة بعض الأئمة مثلا فى شهر رمضان أو لندوات ويتم عمل إقامة لهم إلا اذا كان الشخص المقيم لا يحترم قيم الجمهورية فيتم طرده، وإذا كان هناك شخص متجنس فهو يقسم على احترام قيم الجمهورية والتى تعنى العلمانية وحرية المرأة ونبذ العنصرية وعلى المساواة والإخاء والحرية فإذا كان هناك خطاب مخالف لذلك يتم طرده فيجب الالتزام بقوانين البلد، ومن ينشر خطاب الكراهية يتم ترحيله ليكون عبرة للآخرين.

المسلمون المتشددون الذين يحملون الفكر السلفى والإخوانى بسببهم صورة الإسلام صارت مهزوزة واصبح الفرنسيون يتعاملون مع الإسلام بشك وحذر إلا من عاشر المسلم إن كان جاره وزميله ويتعامل معه جيدًا ورآه مثلا طيبًا للإسلام لكن فى النهاية يعتبر استثناء، فهناك الكثير من يشوه العقيدة بالكامل وبالتالي اصبح التعيين فى الوظائف محل شك فلا أعلم إن كنت من المعتدلين أم من المتشددين، فالملتزمون بالسلوك الجيد يتم التعامل معهم بصورة جيدة، وهذا الحذر نابع من معايشة فرنسا الكثير من الحوادث الإرهابية، فالسلفيون المتشددون وجماعة الاخوان هم المتسببون فى المشكلات وأحداث الإرهاب.

وهل ننسى حفيد حسن البنا طارق رمضان وقضيته التى تفجرت أمام العالم بسبب قيامه باغتصاب النساء وأشارت احداهن مثلا أنه لم يرحم إعاقتها في قدمها، فالتحقيقات فى فرنسا وسويسرا كشفت الكثير من الفضائح، فهذا الرجل الذى يتظاهر بأنه عصرى وحضارى مسلم ممنوع من دخول فرنسا.

وتضيف فابيولا أخيرا؛ الإخوان والسلفيون حاولوا أخونة المجتمع الفرنسى وتم كشف الكثير من التمويلات كانت تتم داخل المساجد والمراكز الثقافية.

اقرأ أيضا : مصطفى بكري: أهالي سيناء دفعوا الضريبة «دم» في محاربة الإرهاب


 

 

 

;