الحكم على رئيس حى السلام ومهندس التنظيم بالحبس والعزل.. الأجهزة الرقابية تتصدى للفساد في الأحياء

صورة تعبرية
صورة تعبرية

شريف‭ ‬عبدالله

لا تتوقف الأجهزة الرقابية عن التصدي للفاسدين في كل المواقع والضرب بيد من حديد على رأس كل من يستحل لنفسه الاستيلاء على المال العام والتربح من ورائه؛ حيث تشن الجهات الامنية والرقابية حملات مستمرة وتبذل جهودًا كبيرة للقضاء على الفساد والفاسدين ونجحت الحملات التى تقوم بها أجهزة الدولة المختلفة فى ضبط عدد من المسئولين ورؤساء الأحياء فى السنوات الاخيرة.

«اخبار الحوادث» وهي تستعرض القضية الأخيرة وغيرها من القضايا الأخرى، تناقش في السطور التالية مع خبراء القانون جرائم الرشوة والفساد والعقوبات المنصوص عليها في القانون الحالي وما إذا كانت كافية ورادعة؟

الاسبوع الماضي كانت محكمة جنايات القاهرة على موعد مع حكم جديد ضد أحد رؤساء الاحياء فى واقعة الرشوة التى كشفتها الاجهزة الرقابية منذ فترة، وأصدرت المحكمة برئاسة المستشار إسماعيل عوض إسماعيل حكمها بمعاقبة رئيس حى السلام ثان السابق ومهندس بالسجن المشدد 5 سنوات وغرامة مالية قدرها 100 ألف والعزل من الوظيفة؛ وذلك لاتهامهما بتلقى رشوة مالية من رجل أعمال مقابل التجاوز عن مخالفات بناء وتضمن أمر إحالة المتهمين رئيس حي السلام ثان ومهندس التنظيم برئاسة حي السلام ثان؛ أن المتهمين طلبا وتلقيا رشوة مالية قدرها 200 ألف جنيه مقابل التغاضي عن مخالفات بناء بقطعة أرض بنطاق رئاسة حي السلام ثان، حيث تغاضى الاثنان عن هذه المخالفات وقررت جهات التحقيق المختصة إحالة رئيس حي السلام ثان ومسؤول بالحي إلى المحاكمة في تورطهما بقضية فساد وتلقيهما رشوة مالية من مواطن مقابل التجاوز عن مخالفات بناء في إحدى الأراضي بنطاق حي السلام، وتضمن أمر الإحالة اتهامات رئيس الحي ومسؤول الحي.

حيث كشفت التحقيقات التي أجرتها جهات التحقيق اتهام رئيس حي السلام ثان ومهندس تنظيم رئاسة الحي بصفتهما موظفين عموميين؛ بأن طلبا وأخذا لنفسيهما عطية على سبيل الرشوة مقابل الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهما نتج عنه الإخلال بواجباتهما المهنية؛ حيث تلقيا رشوة مقابل التغاضي عن مخالفات بناء، وتبين من التحقيقات أن رئيس حي السلام ثان ومسئول التنظيم بالحي، طلبا وأخذا لنفسيهما من مواطن، رشوة بلغت 200 ألف جنيه مقابل عدم تحرير محاضر بمخالفات بناء وإزالة السور المعدني المحيط بقطعة أرض مملوكة له بجمعية 6 أكتوبر بنطاق حي السلام ثان، وكذا التغاضى عن إقامته لسور مباني يحيط بقطعة الأرض بدون اتخاذ الإجراءات القانونية المتبعة في ذلك. ولم تكن هذه القضية هي الوحيدة فقد سبقتها قضية أخرى؛ حيث تمكنت الرقابة الإدارية من إلقاء القبض على رئيس حى المستثمرين الشمالي والرحاب التابع لجهاز مدينة القاهرة الجديدة الاسبق ومحامى بالشئون القانونية بجهاز مدينة الرحاب عقب حصول الأول بوساطة الثانى على مبلغ 200 ألف جنيه على سبيل الرشوة من أحد ملاك العقارات بمدينة الرحاب مقابل غض الطرف عن المخالفات البنائية بالعقار الذى يملكه، وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالها بإزالتها وواجهت النيابة المتهم الأول بأقوال الشهود وبالتحريات الأمنية حوله والوقائع المتورط فيها والتسجيلات الصوتية وأقوال الشهود بالقضية والتى أنكرها، واعتراف المتهم الثانى فى الواقعة الذى تضمن وساطته للمتهم الأول مقابل استغلال سلطته والإخلال بواجبات الوظيفة وإيقاف وتعطيل تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة لمبانى أقيمت بدون ترخيص أو على أرض ملك الدولة بالمخالفة للقانون وإعفائهم من سداد الغرامات المقررة عن تلك المخالفات مما أضر بالمال العام، وبإحالة القضية لمحكمة جنايات القاهرة أصدرت حكمها بالسجن المشدد 5 سنوات وغرامة 10 آلاف جنيه لرئيس حى الرحاب ومحام فى الشئون القانونية لكل منهما صدر الحكم برئاسة المستشار مدبولي كساب، وعضوية المستشارين محمد رافت الطيب، وهيثم محمود،بأمانة سر وائل عبد المقصود، وجورج ماهر.

كما تمكنت منذ شهور قليلة مضت هيئة الرقابة الإدارية من إلقاء القبض على كل من رئيس حي مصر القديمة وأحد متعهدي جمع القمامة العاملين في نطاق الحي عقب تقاضى المتهم الأول لمبلغ 400 ألف جنيه على سبيل الرشوة من الثاني الذي جمعها له من متعهدي القمامة المتعاقدين مع الحي مقابل قيام رئيس الحي بالإخلال بواجبات وظيفته وعدم إلغاء التعاقدات الخاصة بالمتعهدين وتمكينهم من صرف مستحقاتهم المالية المتأخرة لدى الحي، وتوصلت تحريات الهيئة إلى اعتياده ذلك الإجراء مستغلا سلطات وظيفته وعقب اتخاذ كل الإجراءات القانونية القى القبض عليه متلبسا بتقاضي المبلغ المالي من متعهد القمامة وبعرض المتهمين على نيابة أمن الدولة العليا التي باشرت تحقيقاتها قررت حبسهما على ذمة التحقيقات وبعد انتهاء التحقيقات بالقضية، أمرت النيابة العامة بإحالة رئيس حي مصر القديمة السابق و8 أشخاص آخرين للمحاكمة أمام الجنايات بتهمة ارتكاب جريمة الرشوة، وفى النهاية قضت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس برئاسة المستشار ممدوح طبوشة بمعاقبة رئيس حي مصر القديمة الاسبق بالحبس سنتين وغرامة 5 آلاف جنيه وعزل من الوظيفة وإعفاء باقي المتهمين من العقوبة بتهمة الرشوة والتحصل على مبالغ مالية للإخلال بواجبات الوظيفة.

ايضا سقط رئيس حي الموسكي أثناء تقاضيه 100 ألف جنيه على سبيل الرشوة  بمكتبه من أحد تجار منطقة الموسكى، وتبين أن رئيس الحي حصل على الرشوة مقابل منح التاجر ترخيصًا لممارسة نشاط تجارة الملابس، وكشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا برئاسة المستشار خالد ضياء المحامي العام الأول في القضية رقم ٣٠٦٧ جنايات الموسكي والمتهم فيها رئيس حي الموسكي بتهمة طلب وتلقي رشوة مالية 100 ألف جنيه، وأن المتهم بصفته موظف عمومي طلب وأخذ لنفسه عطية على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها بأن طلب لنفسه مبلغ مائة ألف جنيه وأخذ خمسون ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل إنهاء إجراءات استصدار ترخيص لتغيير نشاط محل للإعلان عنه بالمخالفة لقرار رئاسة الوزراء والصادر بجلسة رقم ٩٥ المنعقدة بتاريخ ١ / ١١ / ٢٠١٧ بعدم  التصريح بإعلانات جديدة على النحو المبين بالتحقيقات، وباحالته لمحكمة جنايات القاهرة المنعقدة بالتجمع الخامس قضت بمعاقبة رئيس حي الموسكي الاسبق بالسجن المشدد 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه وعزله من الوظيفة في اتهامه بتلقي رشوة مقدارها 100 ألف جنيه مقابل تغيير نشاط محل، صدر الحكم برئاسة المستشار أبو بكر عوض الله، وعضوية المستشارين مصطفى معوض، ومحمد عمارة، وهشام الدرندلى، بأمانة سر محمد طه وتامر حماد.

تعديل قانوني

الخبير الأمني الأسبق اللواء فاروق المقرحى عضو مجلس الشيوخ أوضح قائلا: إن الرشوة والفساد ذكرا فى القرآن وسيستمر وجودهما مع وجود الفاسدين، وتابع أن مكافحة الفساد تتطلب جهودًا غير عادية ورؤية للتطوير فى قانون مكافحة جرائم الرشوة والتى يجب أن ينص القانون على أن جريمة الرشوة تكون سابقة للراشى والوسيط وإن كان هناك اعفاء من العقاب فيجب أن يكون هذا الاعفاء ليس مانعًا من أن تكون سابقة تسجل فى السجل الجنائى للراشى والوسيط لانه مالم يكن هناك راشيا ووسيطا فلن يكون هناك مرتشيا، وعلى المواطنين الذين يدفعون الرشاوى أن يلجأوا للأجهزة الرقابية بدلا من ذلك، وقانون الشباك الواحد لم يطبق  وكان هذا القانون سيحد كثيرا من الرشوة كما يرى اللواء فاروق المقرحى، وأن ميكنة الخدمات الحكومية سوف يحد أيضا من الظاهرة.

وأضاف؛ يجب أن يطبق نظام الشباك الواحد وأن تكون هناك بيانات واضحة غير قابلة للبس عن البيانات المطلوبة وتعلق فى مكان ظاهر فى الجهة الحكومية.

واكد المقرحى؛ لابد من تغليظ عقوبة جريمة الرشوة وأن تكون سابقة توضع فى صحيفة الحالة الجنائية وبالتالى تحول دون تعيينه فى الوظائف العامة وغيرها من الممارسات فى المجتمع ولا تسقط بالتقادم بالنسبة للراشى والوسيط والمرتشى.

معيار النزاهة

ايمن محفوظ المحامى بالنقض قال: إن كنا سنتحدث عن تلك الجرائم ومنها الاهمال والتزوير واستغلال النفوذ وتسهيل تبوير وبناء الاراضي الزراعية للمكاسب الشخصية ونظرا لأن القانون يعتبر أن الوظيفة الحكومية اصحابها لابد ان يتمتعوا بقدر عظيم من النزاهة فجعل جرائم الاعتداء على المال العام بكافة صورها جرائم مخلة بالشرف؛ فوضع عقوبات في منتهى القسوة تصل إلى السجن المشدد أو المؤبد في مواد تبدأ من المادة 103 وحتى المادة 111 من قانون العقوبات تجرم كافة صور الإتجار بالوظيفة ووضع أقسى عقوبة ممكنة على تلك الجريمه كما وضع شكلا من الإعفاء على أي من الجناة سواء من الموظفين أو الغير إذا ابلغوا عن الجناه بمعلومات تؤدي إلى الكشف عن أدلة الجريمة وإدانة المجرمين؛ فقد يضحي القانون ببعض العقوبات لبعض المتهمين من أجل ضبط الجناه المتورطين في الجريمة وايضا تصل العقوبة للسجن المؤبد في جرائم الاختلاس او بيع الخدمة الحكومية بأكثر من ثمنها بما يسمى بالغدر على المال العام في المواد من 112 عقوبات وحتى المادة 115 وكذلك يعاقب القانون على إهمال الموظف العام فالإهمال الذي يتسبب من الموظف الحكومي في إهدار المال العام جاء في عدة مواد تجريمية، ويحكم في جميع الاحوال بالعزل من الوظيفة للموظف العام الذي تثبت إدانته والحكم عليه بتعويض المؤسسة المضرورة جراء افعاله الإجرامية مع دفع غرامة تعادل الضرر او ما عاد عليه من نفع ايهما اكبر مع حق الجهه الإدارية التي يعمل بها الموظف في توقيع كافه انواع العقوبات الإدارية الملائمة لحجم الخطأ الذي ارتكبه الموظف المخالف وبالطبع توجد العديد من الاجهزة الشرطية والرقابية التي تراقب اعمال الموظفين، وهناك جرائم تكون عقوبة الموظف اكبر من عقوبه الشخص غير الموظف وذلك للافتراض أن الثقة المتلازمة للوظيفة العامة تستحق عقاب الموظف بعقوبات اكبر واقسى.

 واخيرا وجه محفوظ نصيحة لكل موظف؛أن المال العام هو أمانة قد تسلمها بواقع عمله ولابد أن يحافظ على تلك الأمانة ولايكون من الخائنين لها وإلا سيكون مصيره السجن والعزل من الوظيفة. 

اقرأ أيضا : هيئة الدواء: تفتيش 20 ألف صيدلية وضبط مخالفات بـ 60 مليون جنيه

 

 

;