أحكام بالسجن المشدد .. «الجنايات» تضع النهاية لتجار الأعضاء البشرية

تجار الأعضاء البشرية
تجار الأعضاء البشرية

مني ربيع

”استغلال الفقر والظروف المادية والإنسانية الصعبة هي الوسيلة الأساسية لتجار البشر وسماسرة الأعضاء البشرية، فهم أشخاص بلا قلب .. يحكمهم جحودهم وحبهم للمال الذي يريدون تحقيقه بأي وسيلة تكون.

 لا يهمهم نتيجة ما يقومون به من استغلال للعوز والفقر وتعريض حياة البسطاء للخطر مقابل أموال زهيدة ليس ذلك فقط بل يتم النصب على الضحايا  حيث يوعدونه بمبلغ مالى ثم بعد أن يأخذوا ما يريدونه يكتشف اختفاء التجار والسمسار ويجد نفسه وحيدًا.

أمام محكمة جنايات القاهرة دائرة الإتجار بالبشر برئاسة المستشار محمد الجندى وعضوية المستشارين ايمن عبد الخالق ومحمد احمد صبري يوسف كانت محاكمة سماسرة وتجار الأعضاء والتى أصدرت فيها احكامًا مشددة وغرامات مالية كبيرة

تفاصيل القضايا ترويها السطور التالية كما جاءت في الأوراق

القضية الأولى المجنى عليه فيها طفل في نظر القانون يبلغ من العمر 17 عاما يدعى محمد، ليس له أهل أو مأوى فهو طفل من أطفال الشوارع عاش حياته بائسًا بعد أن تخلى عنه ذويه، لم يكن يحلم سوى بالاستقرار في مكان يعيش فيه ويأويه، وبسبب تلك الظروف وقع فريسة سهلة لتجار الأعضاء .

القضية اكتشفت بعدما اغلقت كل الأبواب في وجهه ليتقدم ببلاغ إلى نجدة الطفل ليروي ماحدث له من قبل سماسرة الأعضاء أنه استدرج من قبل أحد الاطفال والذى استغل احتياجه للمال كونه ليس له مأوى وأقنعه ببيع كليته مقابل 15 الف جنيه وسلمه للمتهمة الرابعة في القضية وشهرتها «ام جنا « وزوجها واحتجزوه بشقة سكنية بمنطقة عين شمس وقاموا بإجراء الفحوصات الطبية له ثم سلموه للمتهم الاول ويدعى «التليانى « ونظرًا لصغرسن المجنى عليه استخرجوا بطاقة مزورة له ليحرر بها محضرًا للتبرع وبعدها اصطحبوه بعد أن قاموا بتعصيب عينيه ومكث في المستشفى ثلاثة ايام وهناك تم استئصال الكلية اليمنى وبعد العملية وتعافيه بشكل جزئي قاموا بتعصيب عينيه ونقلوه في سيارة إلى محطة قطار رمسيس واعطوه المبلغ المتفق عليه إلا أنه شعر بالاعياء والتعب مما جعله يتقدم بالبلاغ.

ليتم القبض على المتهمين جميعًا وتقديمهم للمحاكمة والتى اصدرت حكمها بالسجن المشدد للمتهمين عشر سنوات وتغريم كل منهم 100 ألف جنيه.

تزوير 

في الجيزة كانت  بداية سقوط عصابة الإتجار في الأعضاء البشرية في الجيزة  وتحديدًا في مكتب توثيق الجيزة  والذى تقدم ببلاغ بحضور المجنى عليه « س .ع « لعمل إقرار بالتبرع بإحدى كليتيه لـ « ا.ع «  في أحد المستشفيات الخاصة وللتصديق على الإقرار قدم بطاقة شخصية بنزع غلافها تبين احتمالية تزويرها.

وعلى الفور انتقل مقدم من مباحث الأموال العامة إلى مكتب توثيق الجيزة وتقابل مع المجنى عليه « س.ج « واطلع على بطاقة الرقم القومى المشكوك فى صحتها وبسؤاله قرر بأنه تقابل مع شخص وهو المتهم الاول في القضية ويدعى « س.ع « وهو الذى منحه تلك البطاقة بعد أن تقابل معه فى موقف سيارات اوسيم وطلب منه التبرع بكليته مقابل عشرين ألف جنيه وطلب منه بطاقة الرقم القومى الخاصة به ثم أعطاه البطاقة المتحفظ عليها بعد تغيير تاريخ الميلاد  حتى يصبح عمره  21 بدلا من 17 عاما لكون شرط من شروط التبرع أن يكون سن المتبرع واحد وعشرون عاما وذلك لاستخدامها فى مكتب التوثيق واضاف أن المتهم الثانى « ن.س» هو مندوب من قبل المتهم الاول ومكلف بإنهاء الإجراءات الخاصة بالتبرع وعمل الفحوصات الطبية للمجنى عليه وبقيام ضابط الواقعة بتفتيشه عثر معه على مبلغ ألف وستون جنيهًا و بمواجهته بالمبلغ المضبوط قرر أنه مصاريف التنقلات تحصل عليها من المتهم الاول ويقومون بتوصيل الضحية للمستشفى.

لتصدر المحكمة حكمها على سماسرة الأعضاء بالسجن عشر سنوات وتغريم كل منهم 100 ألف جنيه.

طبيب بيطرى

القضية رقم 4614جنايات كلي شمال القاهرة اتهمت فيها النيابة العامة المتهم الاول فيها يدعى وليد .ا  طبيب بيطرى والمتهم الثانى رامي . س عاطل والمتهم االثالث ايمن .ا مخلص بالجمارك والمتهم الرابع سيد .ا عاطل  بالإتجار بالبشر بأن تعاملوا في أشخاص طبيعيين وهم المجنى عليهم محمد فتحى واحمد رمضان وسعد سعد حيث قام المتهمون باستقطابهم بعدما استغلوا ظروفهم المادية وحاجتهم ووعدوهم بشراء كليتهم لزراعتها في أشخاص مجهولين مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين عشرين وخمسين ألف جنيه.

وقد اكدت النيابة العامة في قرار إحالتها للمتهمين لمحكمة الجنايات أن المتهمين الاربعة تعاملوا في عضو من أعضاء جسم الإنسان وهو عضوالكلى للمجنى عليهم وكان ذلك مقابل مبالغ مالية وبهذا يكون المتهمون جميعا قد ارتكبوا الجناية المؤثمة بالمواد رقم 2 و3 و4و5و 12 من القانون رقم 64 لسنة 2010بشأن مكافحة الإتجار بالبشر والمادة رقم 1 من القرار رقم2028 لسنة 2010والخاص بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون المذكور والمواد رقم 6 و20 و22 بشأن تنظيم زراعة الأعضاء البشرية والمادة رقم 6/2 من قرار رئيس مجلس الوزراء لسنة 2010 باللائحة التنفيذية للقانون الأخير.

قرار إحالة المتهمين الاربعة وأدلة الثبوت تحمل الكثير من التفاصيل الهامة والمؤلمة في القضية بذات الوقت حيث كان المتهمون الاربعة يصطادون من تقع عليهم اعينهم من المحتاجين للمال والذين يمرون بضائقة مالية ويوهمونهم بأنهم سيحققون أحلامهم وذلك مقابل  مبلغ مالى يساعدهم في عمل مشروع يدر عليهم بالربح الوفير وذلك مقابل بيع كليتهم.

وأمام جهات التحقيق اكد الشاهد الاول  محمد فتحى ويعمل نقاش قائلا : إنه اثناء تواجده برفقة صديقه حضر اليه احد الأشخاص وعرفهم بنفسه انه اسمه عصام وبدأ يتحدث معهم عن طريق الوصول إلى المال بطريقة سهلة دون عناء أو مجهود وذلك عن طريق بيع كليتهم ونظرًا لحالتهم المادية وحاجتهم للمال وافقوا على طربه

واستطرد محمد في حديثه قائلا: بعدها قام هذا الشخص بتوصيلهم للمتهمين ولم يروا ذلك الشخص مرة ثانية، وعند مقابلتهم للمتهمين والذين اقنعوه بسهولة اجراء تلك الجراحة واجروا له التحاليل تمهيدًا لاستئصال كليته وانهم كانوا يعطونه مبلغا ماليا بشكل يومى يتراوح مابين 50 و100 جنيه كمصروف يومي حتى يجري الجراحة.

فيما أكدت الشاهدة الرابعة وتدعى صباح وهي عاملة نظافة بأنها زوجة إحدى ضحايا العصابة وانها علمت بضبطه من قبل رجال المباحث مؤكدة أن هي وزوجها كان يعانيان من ظروف اقتصادية وعوز طاحنين حيث لم يكن لهما مأوى سوى غرفة واحدة لها حمام مشترك بعدما تم بيع منزل وراثة كان له نصيب فيه وذلك بواسطة اخوته.

تم ضبط المتهمين ماعدا المتهم الاول والثانى ليتم عرض صورته على المجنى عليهم حيث تعرفوا عليه مؤكدين انه الطبيب الذى اقنعهم بسهولة الجراحة ليتم احالة المتهمين لمحكمة الجنايات دائرة الاتجار بالبشر لتصدر احكامها غيابيًا بالسجن 10 سنوات على الطبيب البيطرى والمتهم الثانى وتغريمهم 200 ألف جنيه والسجن ثلاث سنوات للمتهمين الثالث والرابع ليتم القبض بعد ذلك على المتهم الثانى رامي سيد والذى قام بإعادة إجراءات امام المحكمة لتصدر حكمها بسجنه ثلاث سنوات وتغريمه مائتي ألف جنيه .

ليست ظاهرة

وامام تلك الجرائم تواصلنا مع النائب البرلمانى الدكتور ايهاب رمزي استاذ القانون الجنائي وعضو اللجنة التشريعية والذى أكد لنا أن تجارة الاعضاء ليست ظاهرة ولكنها جرائم موجودة وأن العقوبات المقررة في القانون مناسبة تماما، وأن كل قضية لها ظروفها الخاصة فهناك من تعاقبه المحكمة بالمؤبد وهنا حيث نصت المادة رقم 240 من قانون العقوبات على: كل من أحدث بغيره جرحا أو ضربا نشأ عنه قطع أو انفصال عضو فقد منفعته، أو نشأ عنه كف البصر أو فقد إحدى العينين أو نشأ عنه أى عاهة مستديمة يستحيل برؤها، يعاقب بالسجن من 3 سنين إلى 5 سنين أما إذا كان الضرب أو الجرح صادر عن سبق إصرار أو ترصد أو تربص فيحكم بالأشغال الشاقة من 3 سنين إلى 10 سنين.

ويضاعف الحد الأقصى للعقوبات المقررة بالمادة 240 إذا ارتكبت الجريمة تنفيذًا لغرض إرهابى، وطبقا لنص المادة 17 من القانون 5 لسنة 2010 المعدل بالقانون 142 لسنة 2017 الذي تضمن تغليظ العقوبة الواردة بشأن حالات نقل وزراعة الأعضاء البشرية.

وعلى أن يعاقب بالسجن المشدد بغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه، ولا تزيد عن مليون جنيه كل من نقل عضوا بشريا أو جزء منه بقصد الزراعة، ونصت المادة 18على عدم الإخلال بالعقوبات المقررة من نص القانون.

ويعاقب بالسجن المشدد وغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد عن مليونى جنيه كل من أجرى أو ساعد فى إجراء عملية نقل أو زراعة وإذا ترتب على الفعل وفاة المتبرع تكون العقوبة السجن المؤبد.

فيما نصت المادة 19على معاقبة بالسجن المؤبد أو بغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على مليونى جنيه كل من نقل بقصد الزرع أو زرع عضو منقول بطريق التحايل أو الإكراه وتصل للسجن المشدد أو الإعدام.

كما نصت المادة «20» على أن يعاقب بالسجن المشدد بغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد عن مليون جنيه كل من خالف أحكام القانون ولا تزيد عن السجن.

فيما اكد مصدر قضائي أن قضايا الإتجار في الأعضاء البشرية يتوافر فيها الظروف المشددة نظرا لارتكابها من اكثر من شخص وهو ما يفسره القانون بالجريمة المنظمة، كذلك أن ينتج عن الجريمة عاهة مستديمة وهو نقل الكلى من المجنى عليه وهنا قد تصل العقوبة إلى السجن المؤبد

وأضاف ان بعض المتهمين في تلك القضايا بعد خروجهم من السجن يعودون إلى ممارسة نشاطهم الإجرامي مرة اخرى، وأنه تلاحظ أن بعض الكشافين « السماسرة» باعوا كليتهم في البداية ومن بعدها سلكوا هذا المسلك الإجرامي في استقطاب آخرين.

اقرأ  أيضا : أمام الجنايات.. محاكمة تجار الأعضاء البشرية بالمعصرة والأزبكية


 

;