يوميات الأخبار

ألعاب و حيل نفسية ٢ / ٢

سارة الذهبي
سارة الذهبي

الشخص المُتلاعب بيشكك دائماً فى القدرات العقلية والنفسية والحالة السلوكية للشخص اللى قدامه وأحياناً بينصحه إنه محتاج يتعالج

انهارده هنستكمل الحديث عن أنواع الألعاب و الحيل النفسية
اللى بيلجأ لها معظم البشر فى العلاقات عن وعى أو بدون وعى منهم، للشعور بالمزيد من الأمان و السيطرة فى العلاقات..

انهارده هنستكمل باقى الألعاب النفسية المذكورة فى كتاب دكتور إيريك بيرن ، طبيب نفسى أمريكى مشهور و مؤلف كتاب «games that people play» .. وهنضيف أنواع أخرى من الألعاب النفسية المنتشرة فى العلاقات الإنسانية.

- فى لعبة نفسية اسمها : « الطبيب الساحر » الشخص بيتقمص دور الطبيب المعالج، حلال المشاكل، الساحر اللى فى ايده فك شفرة كل الألغاز» و بيتلذذ الشخص فى تحويل من حوله لأشخاص اتكالية و اعتمادية، مش بيعرفوا يعملوا أى حاجة من غيره، لازم يلجأوا اليه عشان يلاقيلهم حل لمشاكلهم.. الشخص ده بيقنع كل اللى حواليه إنهم من غيره يغرقوا فى شبر مياه، و ده بيعزز جواه الشعور بالأمان و أنه هو المُسيطر و ماسك فى ايده زمام كل الأمور.. و ده بيضمنله إن محدش يقدر يهجره أو يبعد عنه.. الشخص ده بيطمس شخصية من حوله بحثاً عن الظهور، هو بيحب يكون نجم الحدث..المُنقذ اللى كل الناس بتتهافت لسماع رأيه و تنفيذ مشورته..

- فى لعبة نفسية تانية مشهورة جداً «الإيهام بأنك موهوم gaslighting » : ودى لعبة نفسية مرعبة، الشخص بيعتمد على التشكيك فى الذات و الخداع .. يوهمك ان أحداثا معينة حصلت و هى من وحى خياله و يشكك الشخص اللى قدامه ان العيب فيه..

لدرجة ان ممكن يتلاعب بيه و يظن الشخص الضحية انه وصل لمرحلة الجنون أو ان فيه خللا و علة ! 

الشخص المُتلاعب بيشكك دائماً فى القدرات العقلية والنفسية والحالة السلوكية للشخص اللى قدامه وأحياناً بينصحه إنه محتاج يتعالج لأنه خرج عن السيطرة ، ده غير تحريفه للأحداث، ورفضه التام للاستماع للطرف الثانى لأنه بالنسباله شخص مُختل فا هيسمعه إزاي!

وللأسف اللعبة دى ممكن تسبب أمراضا عقلية و نفسية للشخص المتلاعب بيه إذا استمرت لفترة طويلة، و دائماً بيحس بالذنب و بيكون فى حالة دفاع مستمر عن نفسه وبيبرر كل تصرفاته لأنه علطول مُلام و متهم..

الطريقة دى منتشرة بين الأزواج والأصدقاء لفرض السيطرة والتحكم فى الطرف الآخر عن طريق إيهامه بأنه شخص غير طبيعى و غير متزن ، بيخلقوا الشكوك بداخل الأشخاص و بيزيفوا الحقايق لتدمير ثقتهم بنفسه عشان يقدروا يحكموا سيطرتهم عليهم و يكسروهم و ميكونش ليهم رأى و يسلبوا منهم حقوقهم بالكامل.

- لعبة « الباب الموارب» : بتظهر وقت انهاء العلاقات، وله جمل شهيرة محفوظة « احنا هنسيب بعض بس هنفضل صحاب .. احنا هنفسخ الخطوبة بس لو احتاجتى حاجة كلميني» .. احنا لازم منتكلمش تانى عشان لو مراتى عرفت، بيتى هيتخرب بس خلينا على تواصل» ..

المشكلة هنا ان الطرفين بيضحكوا على بعض، بيوهموا نفسهم انهم قطعوا العلاقة وعملوا الصح عشان محدش يلومهم بس فى الحقيقة وبينهم و بين نفسهم هما سايبين الباب موارب.. ومشكلتها الحقيقية ان فيها خداعا وظلما لأطراف تانية معندهاش علم ان العلاقة دى لسه مكملة بطريقة ما .. و بتحرم الشخص من انه لو دخل فى علاقة جادة حقيقية انه يعيشها بشكل كامل لأن دماغه لسه مشغولة بالعلاقة اللى لسه متقفلتش..

- لعبة «المنّ و الأذى» أم مثلاً بتضغط على كل أفراد الأسرة بجمل مشهورة من نوع « أنا ضحيت بحياتى عشانكم.. أنا فنيت زهرة شبابى فى تربيتكم.. أنا سيبت شغلى و رميت مستقبلى وراء ضهرى عشان خاطر أربيكم» .. هى فعلاً بتتعب و بتبذل مجهود رهيب مع أولادها و تنازلت عن جزء من طموحاتها عشانهم و لكن هى بدون وعى بتلعب لعبة نفسية مع أسرتها.. بتحسسهم ان هما السبب فى أى تأخر مهنى فى حياتها و هما السبب فى ضياع أجمل سنين عمرها من بين ايديها و فى الحقيقة ان ده دورها كأم و ان هى اللى اختارت، حتى الظروف هى اللى دفعتها لاختيارات معينة فأولادها ملهمش ذنب ..

أب بيصرف كويس على بيته ومش مخليهم محتاجين حاجة و لكن مع كل جنيه بيتصرف بيقطّم مراته و أولاده بجمل كلنا حافظينها صم « هو أنا دورى فى البيت ده بنك وبس!.. 
أنا صحتى راحت من كتر ما بشتغل عشان ألاحق على مصاريفكم..» و فى الحقيقة هو ده دوره و مش ذنب الأولاد أن أبوهم اختزل دوره فى انه يصرف عليهم و بس، و تنازل عن باقى الأدوار.

- لعبة « وهم التغيير» و دى غالباً بتحصل بين المتزوجين.. الزوج يكون متعب وقاسى ومعيّش مراته فى جحيم وبعد ما مراته استحملت سنين وسنين، فاض بيها وقررت الانفصال بعد ما جربت كل حاجة تقدر عليها عشان تكمل فى العلاقة، و لما الزوج يتأكد ان قرارها نهائى و ان المرة دى مش زى كل مرة يقسم و يحلف انه هيتغير.. و ان كل اللى بيضايقها مش هيكرره تاني.. وطبعاً ده هيكون أفضل حل لاستمرار العلاقة لو صدق فى كلامه و لكن المشكلة لما يوهمها بالتغيير كمسكن و تهدئة ليها عشان تقبل تكمل معاه..الشخص فى اللعبة دى مش بتكون فى نيته يتغير و لكن عايز يضمن بقاء الشخص اللى معاه..و كل مرة هيحس فيها بالخطر هيلعب على اسطوانة التغيير لحد ما يضمن اللى قدامه..

- لعبة قلب الترابيزة: و دى مش محتاجين نشرحها.. 
ممكن نسميها «الاسقاط» ..
الشخص بدل ما يعترف بغلطته، يجيب اللى فيه فى الشخص اللى قدامه.. زوج عصبى مع زوجته علطول وبيسىء ليها يقولها ما انت السبب انتِ اللى تصرفاتك مستفزة بدل ما يعتذر ان هو اللى عصبى بزيادة..

زوجة بتنقل أدق أسرار بيتها لصاحباتها وبدل ما تعتذر ان تصرفها غلط تقول لجوزها ما انت اللى وصلتنى لكده مع انه كويس معاها بس هى طبعها كده من زمان وبتكابر..
واللعبة دى بنشوفها كتير فى مجتمعنا.. لو بنت حد ضايقها فى الشارع بكلمة، معظم الناس هتجيب العيب على لبس البنت أو مشيتها وهيتجاهلوا تصرف الشاب وقلة أدبه..
«ما هى لو كانت محترمة.. مكنش حد قالها حاجة» .. المشكلة ان بسبب انتشار هذا النوع من الألعاب النفسية انقلبت الأدوار.. الجانى أصبح المجنى عليه وأصبح فى تشوهات أخلاقية و نفسية و اختلط الصح بالغلط..

- لعبة «الأمل المزيف» اللعبة دى مرعبة ومؤذية لأبعد حد.. و لها صور كتير فى المجتمع أشهرها شابة قررت ترتبط بواحد مؤذى ومُعقد وموريها الويل، كل الناس بتحذرها من الارتباط بيه و بينصحوها تنفد بجلدها قبل الجواز وهى مصممة تكمّل معاه ومتخيلة ان فى أمل انه يتغير معاها، مع انه لا عمرها وعدها بالتغيير و لا عايز يتغير من الأساس.. هى بتجرى وراء أمل كداب هى خلقته جواها ومصدقاه.. خصوصاً ان الشخص المؤذى اللى فى حياتها بيلاعبها نفسياً؛ مرة بأنه يحسسها بالذنب لو فكرت تسيبه، مرة بأنه ممكن يبكى و يبوس إيدها عشان يصعب عليها وتكمّل معاه، مرة بالبُعد والهجر عشان تحرّم تشتكى من أذاه مرة تانية.. و رغم كل الوجع والايذاء اللى هى بتعيشه تلاقيها متمسكة بيه و شارياه وعندها أمل يتغير..

الأمل مهم و مفيد لما بيكون واقعى و عقلاني..مش لما يكون أمل كله كذب و وهم و خداع..

انا عارفة ان هييجى فى بالك سؤال.. هل كده كل شخص فيه عيوب نبعد عنه؟ أكيد لأ، لإن كلنا فينا عيوب ومميزات ولكن الشخص اللى بتطغى عيوبه على مميزاته ويؤذى بيها اللى حواليه بإصرار منه ووعى كامل بدون أى احساس بالذنب أو رغبة منه فى التغيير، ده شخص لازم نبعد عنه.. شخص لازم يتعالج، مش نكمل معاه حياتنا وندعى ان حاله يتصلح..
الألعاب النفسية ملهاش عدد و لا تنتهى، و كل يوم البشر بيتفننوا فى ابتكار المزيد منها بشكل واع وبشكل لا واعى..بيبتكروها للدفاع عن نفسهم وحماية مكانتهم والإحساس بالأمان والثقة، مش كل مرة هتتلعب عليك لعبة نفسية، أحياناً انت اللى هتلعبها، بس فى لعب للمبتدئين ولعب نفسية مستواها احترافى.. ودورك انك لو اكتشفت انك بتلعب لعبة نفسية تتدارك الأمر وتوقفه وتعتذر وتصلّح اللى أفسدته، ولو فوقت فى يوم واكتشفت انك كنت ضحية لعبة نفسية تاخد القرار ومتكملش لأن فى لعب نفسية الاستمرار فيها مُدمر للبنى آدم وهيحتاج للتعافى منها سنوات طويلة من العلاج و الجلسات النفسية..

افتكر ان مش دورك تعالج شخص مريض وحالته تتطلب علاجا من طبيب.. دورك تدعم وتقدم المساعدة اذا اتطلبت منك، لكن دور المنقذ هيخليك تغرس فى علاقة ممكن تدفع تمنها من صحتك و نفسيتك لآخر العمر..
دورك أنك تعيش بوعى عشان لا تأذى و لا تتأذي..