سهام فودة تكتب: لا تكن «شمعة تحترق»

الكاتبة الصحفية سهام فودة
الكاتبة الصحفية سهام فودة

بقلم / سهام فودة 

بينما كنت في طريقي إلي البحث عن مكان هادئ لألملم أفكاري المبعثرة وأريح ذهني الحائر، عبرت على إحدى المدارس فقرأت على جدارها عبارة بالخط العريض" كن كالشمعة تضيء لمن حولها " ورغم اعتيادية العبارة فهي حكمة تعلمناها منذ نعومة أظافرنا، إلا  أنها ولا أعرف السبب لذلك،  صدمتني بصورة مفاجأة .. هل يجب على المرء منا أن يشتعل ذاتيا (حتي ولو ذهنيًا أو بدنيًا ) لينير حياة من حوله !! حسنًا وماذا عن هذه الشمعة التي تدفع ثمن هذه الإضاءة التي تشع منها، من كيانها، فتظل تتآكل حتى لا يبقي لها سوى الخيط المشتعل حتى يخمد هو الآخر وتصبح لا شيء ... أدرك جيدًا المقصود من هذه الحكمة وأن مغزاها أن نكون سببًا في توفير الحكمة والمعرفة والعلم لتحقيق الاستفادة المجتمعية ككل ولتنوير عقول المجتمع حولنا ... ولكن ما اكتشفته لأول وهلة عند قراءتي الحكمة أننا نطبقها حرفيًا في حياتنا، نحن نستنزف طاقتنا كل يوم لمحاولة الإضاءة لمن حولنا غير مكترثين بما كانت تلك الطاقة ستجدد أم لا ..نبذل قصارى الجهد لإسعاد من حولنا وهو أمر محمود بالطبع، شريطة أن يكون متبادل بمعنى أن لا أنهك نفسي لإرضاء من حولي وهم في المقابل لا يأبهون حتى لشكري بكلمة أو محاولة إرضائي .. 


أدركت الآن أنه لا ينبغي لأحد أن ينير حياة غيره ما دام لن يجد من ينير الطريق له حين يفقد ذلك الوهج الذي طالما اهتدى به المحيطون..


أدركت أنني أستطيع أن أنير لمن حولي بعلمي ثقافتي وفكري دون أن أنهك جسدي بما يفوق قوته أو أضغط على عقلي بما يشوشه ويجعله مليء بالضوضاء..


أستطيع أن أضيء لمن حولي ببثي الأمل في النفوس المكتئبة.. ببثي الحب للنفوس المضطهدة .. بتقديم الحنان لمن عانى من قسوة الحياة.. أستطيع أن أخدم المجتمع بكل ما منحني الله من ميزات دون الإضرار بسلامتي النفسية أو البدنية.

أدركت أني لو كنت شمعة تضيء لمن حولي بالمعنى الحرفي لانتهى بي المطاف كبقايا ذائبة تقبع في الظلام .. فاخترت بكامل إرادتي أن أضيء ما بداخلي أولًا حتي أنير لنفسي حين يخيم الظلام حولي.. أن أضيء داخلي حتي ينير وهجي لي ولمن حولي لا أن أستنزف كل قدراتي وأبقى خائرة القوة لا حاجة لي .