لظنه أنه فشل فى علاجه .. مريض نفسى يطعن شيخًا فى الدقهلية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

محمود‭ ‬صالح

  بينما كان الشيخ حسن يسير في شارع من شوارع قريته، كان أحدهما يتبرص له، يراقبه، وما أن حانت اللحظة حتى ظفر به، وخرج عليه فجأة وفي يديه سلاح أبيض، ودون أن ينتبه الشيخ منه عاجله هذا الشخص وطعنه طعنتين، إحداهما كانت في ظهره والطعنة الأخرى في كتفه الأيسر، وبينما يحاول الناس الذين اجتمعوا على صراخ الشيخ إمساك من طعنه كان قد هرب. تفاصيل أكثر عن تلك الواقعة في السطور التالية.

في قرية أبو داود السباخ، إحدى قرى مركز تمى الأمديد، في محافظة الدقهلية، كان الشيخ حسن، صاحب الـ 58 عامًا، والأزهري الذي يعمل مدرسًا في معهد القرية، والذي يحمل نفس اسمها، معهد أبو داود السباخ، من الأشخاص المعروفين بالورع والتقوى، وحب الجميع له.

كان الشيخ حسن من الشخصيات الحريصة على أن يعامل الجميع بود وقرب، دون جفاء ودون تأخير، يلبي نداء من يحتاجه لو كان في وسعه أن يقدم الخدمة، وحتى ولو لم يكن في وسعه كان حريصًا على النصيحة، حتى يكون قد أتم رسالته على أكمل وجه.

الرقية الشرعية

هذا الموقف الذي كان عليه الشيخ بين أهالي قريته، إضافة إلى ورعه وتقواه وقراءته القرآن وإمامة الناس في الصلاة، إلى جانب كونه حافظ لكتاب الله ويعمل مدرسًا في المعهد، جعلت من جميع من يعرفه يحاول التقرب منه، خاصة الحريصون على أن يقرأ عليهم الشيخ القرآن أو الرقية الشرعية ظنا منهم أنه يخفف  من وطأة ما بهم من آلام نفسية.

حتى يساق الأمر بشكل أفضل، الشيخ كان يستدعيه البعض في عدة مهمات، أبرز هذه المهمات هو علاج الناس بالقرآن، هذا العلاج كان عبارة عن أن الشخص يذهب للشيخ أو يأتي إليه الشيخ في منزله ويقرأ عليه القرآن، أو يقرأ الرقية الشرعية، محاولا من وراء ذلك تخفيف ما يعاني منه المريض من بعض الآلام النفسية والعصبية التي تعصف به.

وحتى لا نكرر أن علاج المرضى دائما وابدا داخل العيادة النفسية وليس بإطلاق البخور وكلمات تقال، كان على الجانب الآخر، شخص يدعى أحمد، يبلغ من العمر 39 عامًا، متعلم وعمل محاسبًا لفترة، وحاصل على بكالوريوس تجارة قسم محاسبة، متزوج ولديه أسرة، ومقيم بقرية أبو قراميط، التابعة لمركز السنبلاوين في محافظة الدقهلية.

هذا الشخص كانت حياته مستقرة من الناحية المادية والوظيفية، لكنه مؤخرًا أوقعته بعض الضغوط في صفها، فتعرض للكثير من المشكلات، التي تقريبًا عصفت به وبمستقبله الوظيفي، خاصة وأنه في الأيام الأخيرة فقد الأمان الوظيفي وأصابه ما أصابه من اكتئاب ووحدة، جعلته يفضل أن يكون وحيدًا، بعيدًا عن الاحتكاك بأحد حتى لو كان من أفراد أسرته.

علاج بالقرآن

كان الرجل الذي عرف بحرصه وإقباله على الحياة يعيش في الأيام الأخيرة معيشة أثقلت كاهله وأصابته بالكآبة، هذه الكآبة مرض نفسي، علاجه الذهاب إلى طبيب نفسي يشخص حالته الصحية والنفسية ثم يعالجه.

لكن أحدا من معارف أحمد، والذي كان يعتصر ألمًا من رؤية قريبه على هذا الحال، والذي كان قد سمع عن الشيخ حسن الأزهري ابن قرية أبو داود السباخ، وأنه يعالج الناس بالقرآن وبالرقية الشرعية، نصحه بأن يذهب إليه، فقد يكون هذا الشيخ عنده الدواء لحالته.

في هذه الفترة كان حالة أحمد النفسية تسوء أكثر، وهذا كان واضحا عليه، لذلك بمجرد ما أن سمع عن الشيخ تلقف الفكرة وكأنها طوق النجاة له، وفعلا تواصل أحد أفراد أسرة أحمد مع الشيخ هاتفيا وشرح له حالته النفسية وما يتعرض له.

حينها أبدى الشيخ استعداده لمعالجة أحمد بالقرآن، وبالفعل في الميعاد المحدد، ذهب الشيخ إلى قرية أحمد وبحث عن بيته، ووصل له، وفي غضون ساعة واحدة جمعت الشيخ حسن بـ أحمد، على علاقة المريض بالمعالج له، قرأ عليه الشيخ ما تيسر من القرآن الكريم، ثم قرأ عليه الرقية الشرعية، وتركه وخرج معربًا أنه انتهى من علاجه وأنه سيكون في حالة أفضل بعد ذلك.

مرت ساعة وأخرى، بعده يوم وآخر، وحالة أحمد كما هي، دون جديد يذكر، هو نفسه رأى أن حضور الشيخ لم يكن له أي فائدة على الإطلاق، ولم يعد بالنفع على حالته النفسية، والتي كعادتها لم تهدأ ولم تعد إلى طبيعتها، هذا الأمر جعله يظن أنه تعرض لمحاولة من محاولات النصب على يد الشيخ، هذه الظنون جعلت حالته النفسية والعصبية تتحول عنده إلى هواجس وتسوء اكثر، تملكت منه الأوهام والظنون، فأقسم على الانتقام من الشيخ.

طعنتان

هذا الانتقام لم يكن جزافًا، وهذا القسم الذي قطعه أحمد على نفسه لم يحنث به؛إذ أنه من وقتها وهو يسأل عن الشيخ، ووصل إلى عنوان بيته، وموعد ذهابه إلى المعهد وموعد عودته، ومتى يخرج عصرًا وفيما يذهب، ومتى يعود إلى البيت في آخر اليوم.

وعليه، ظل يراقبه فترة، وما أن عرف تفاصيل حياة الشيخ، عرف أن الموعد المحدد للظفر به هو انتظار عودته في نهاية اليوم، في المساء، الليل دامس والظلام ساتر، وبالفعل أحضر بين ملابسه «سكين»، وفي اللحظة، خرج على الشيخ وطعنه طعنتين أسقطته غارقًا في دمائه، وفر هاربًا قبل أن يستطيع أحد الإمساك به.

كان اللواء مروان حبيب، مدير أمن الدقهلية، قد تلقى إخطارا من اللواء محمد عز، مدير المباحث الجنائية، يفيد شرطة تمي الأمديد من مستشفى تمى الامديد المركزي بوصول «حسن.إ.م.أ»،58 عاما، مدرس بمعهد أبو داود السباخ الأزهري ومقيم قرية أبو داود السباخ دائرة المركز مصابا بجرح طعني بالظهر وآخر قطعي بالكتف الأيسر.

انتقل ضباط وحدة مباحث مركز شرطة تمي الأمديد وبسؤال المصاب اتهم «أحمد.س.س.أ»، 39 عاما، حاصل على بكالوريوس تجارة، ومقيم قرية أبو قراميط  مركز السنبلاوين بالتعدي عليه بالضرب بآلة حادة «سكين»، وإحداث إصابته على أثر حدوث مشادة كلامية بينهما حال تواجدهما بالقرية محل إقامة المصاب بسبب إلقاء المتهم اللوم عليه لعدم شفائه كونه قد سبق وعالجه بالقرآن لمعاناته من مرض نفسي.

بتقنين الإجراءات تمكنت قوة من ضباط وحدة مباحث مركز شرطة تمي الأمديد من ضبط المتهم. بمواجهته أقر واعترف بارتكابه الواقعة وأرشد عن الأداة المستخدمة، تحرر عن ذلك المحضر اللازم بالواقعة وأخطرت جهات التحقيق التي باشرت التحقيقات في الواقعة.

اقرأ  أيضا : مريض نفسى مزق جسد والدته العجوز بالسكين


 

;