فى الصميم

ازدواجية المعايير.. وشلالات الدم!!

جلال عارف
جلال عارف

لم نعد وحدنا الذين يتحدثون عن "ازدواجية المعايير" عند القوى الكبرى فى الغرب. الصدمة الأخيرة التى وقعت مع مجزرة قتل إسرائيل للعاملين فى المنظمة الدولية الإنسانية "المطبخ الدولى" جعلت الرأى العام فى هذه الدول يستفيق لحجم المأساة الفلسطينية وبشاعة الجريمة الإسرائيلية المستمرة، وأظهرت حجم ازدواجية المعايير التى مارستها حكومات عديدة (أبرزها الولايات المتحدة) وهى تغض البصر عن عشرات الألوف من الشهداء الفلسطينيين (أغلبهم من الأطفال والنساء) فى حرب الإبادة الى تشنها إسرائيل منذ ستة شهور، ولا تبدأ فى مراجعة سياساتها إلا بعد مجزرة العاملين فى المطبخ الدولى.. وفى ظل ضغوط داخلية وخارجية لم يعد ممكناً تجاهلها!!


متأخراً جداً.. يتحرك أكبر حلفاء إسرائيل لوقف الجنون الصهيونى الذى تجاوزت جرائمه كل الحدود. الرئيس الأمريكى بايدن ينتقل من مرحلة الغضب من إهانات نتنياهو إلى الضغط لتجنب كارثة أكبر، ويتوجه لمراجعة السياسة الأمريكية المنحازة تماماً لإسرائيل. وفى بريطانيا يتحدث رئيس الوزراء "سوناك" الآن عن "الصدمة" من "شلال الدم فى غزة" الذى اكتشفه مؤخراً فقط وبعد أن أخفى لشهور تقرير مستشاريه القانونيين اللذين يؤكدان أن إسرائيل تنتهك القوانين الدولية وترتكب جرائم حرب فى غزة!!


وأوربا كلها تواجه حكوماتها ضغوطاً داخلية هائلة تسير فى نفس الطريق، ودعوات تتصاعد لمقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها، والتحذير من استمرار دعمها بالسلاح يعنى المشاركة الفعلية فى جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل.. ومع ذلك يبقى "الموقف الرسمى" حتى الآن فى إطار التركيز على "الجانب الإنسانى" وإدخال المساعدات وحماية العاملين من الهيئات الدولية وتوفير الظروف التى تتيح المضى فى ذلك. وهذا كله جيد ومطلوب بشدة، لكنه لا يكفى!!


ازدواجية المعايير ينبغى أن تتوقف فوراً. بعد أكثر من مائة ألف شهيد ومصاب لا يمكن أن تظل سياسة "بعض الغذاء للجوعى الفلسطينيين، وكل السلاح المطلوب لآلة القتل الإسرائيلية"!!.. الجنون الإسرائيلى لن يتوقف إلا إذا أدرك نتنياهو ومجرمو الحرب من حلفائه أن مقاطعة إسرائيل قد أصبحت واقعاً، وأنها - كدولة مارقة - لن تتلقى سلاحاً أو مساعدات، وأن الإدارة الدولية لإيقاف الحرب سيتم فرضها، وكل جرائم الحرب ستخضع للمحاكمة.


لم نعد وحدنا من يتحدث عن ازدواجية المعايير. أقرب حلفاء إسرائيل يدركون الآن - ولو متأخراً - أن الخطأ كبير والمراجعة ضرورية. يتحدثون عن "شلالات الدم" فى غزة، ويعرفون أن إيقافها هو مسئوليتهم التى لايمكن التهرب منها!!