نحن والعالم

الاختبار الحقيقى

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

رغم كل البروباجندا الإعلامية التى تتغنى منذ أسابيع بالتدهور المستمر للعلاقات بين إدارة الرئيس الأمريكى بايدن وحكومة نتنياهو والذى وصل ذروته الاثنين الماضى مع امتناع الولايات المتحدة عن استخدام الفيتو لعرقلة قرار فى مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار مستدام فى غزة، رغم ذلك، أرى أن ما يحدث بين واشنطن وتل أبيب هو «لعب أفاعى» ومناورة لمواجهة التكتل الدولى ضدهما.

فأمريكا تحاول الإمساك بالعصا من المنتصف والاحتفاظ بشعرة معاوية بين انتقاد إسرائيل ودعمها، فتسمح بتمرير قرار مجلس الأمن الذى ترفضه تل أبيب لتخفيف الضغط الداخلى والدولى المتصاعد على الرئيس بايدن بسبب الأوضاع الإنسانية المأساوية فى غزة، وفى نفس الوقت تطلق على القرار الرصاص بتأكيدها فى تصريحات رسمية أنها تعتبره «غير ملزم» لإسرائيل، وأن دعمها لتل أبيب ثابت، وكأنها تعطيها تصريحًا بالاستمرار.

 إسرائيل من جانبها وبعد تصريحات رافضة للقرار وغاضبة من إدارة بايدن ردت على ما فعلته أمريكا بإلغاء زيارة كان قد طلبها الرئيس بايدن نفسه لوفد أمنى إسرائيلى لواشنطن لبحث عملية اجتياح رفح، لكنها فى نفس الوقت أرسلت وزير دفاعها يوآف جالانت للعاصمة الأمريكية محملاً بقائمة مكتظة لأسلحة ومعدات امريكية تحتاجها بشكل عاجل، تتضمن ذخائر موجهة وطائرات اف 15 واف 35.

وهنا يا سادة يكمن المحك الحقيقى لإدارة بايدن. فلو لديها رغبة حقيقية فى فرملة الجنون الإسرائيلى وعرقلة اجتياح رفح سيكون عليها رد جالانت خالى الوفاض، خاصة فى ظل الغطاء السياسى الذى يوفره لها التدقيق المكثف لصفقات الأسلحة من المشرعين فى الكونجرس وتصاعد الدعوات الداخلية لتعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل ما لم تقدم ضمانات موثوقة بإمتثالها للقانون الدولى. اما لو اكتفت بزوبعة قرار مجلس الأمن الذى سمحت بتمريره ثم أفرغته من محتواه بإعلانها بأنه غير ملزم فهذا يعنى أن واشنطن تتلاعب بمؤسسات المجتمع الدولى، وتفتح مجالاً جديداً لإهدار الوقت وإلهاء العالم بجدلية إلزامية القرار من عدمه.. وهو ما سنتحدث عنه فى مقال آخر.