يوميات الاخبار

مصور أخبار اليوم الذى أحبَّه العندليب

ممدوح الصغير
ممدوح الصغير

وعن الفارق بين حليم وأم كلثوم يقول: الأول كنت شريكًا فى نجاحه، أما أم كلثوم فتعرّفت عليها وكانت فى القمة..

فى الوقت الذى كانت رماح أهل الشر والشائعات تنطلق عن وضعنا الاقتصادى ونقص العُملة الصعبة فى البنك المركزى، كنا نُواجه عشرات الشائعات المغرضة، كانت أيادى أصحاب القرار تضع اللمسات الأخيرة للمشروع، تفاصيل المشروع أسعدت الشعب المصرى، بل وُصفت من قِبل الشارع بأنها صفقة الخير، ونظلم المشروع لو قلنا عنه بأنه مشروعٌ عقارى، بل هو مشروعٌ شامل متكامل فى التنمية فى كافة المناحى، يرفع أعداد السياح لمصر بزيادة تقارب 8 ملايين سائح عن الرقم السابق عليه، المشروع يُضخ فيه رقمٌ مليارى كبير، ويوفِّر مئات الألوف من فرص العمل، وسوف يُحدث نهضة تنموية فى منطقة الساحل الشمالى كلها، الدولة سوف تحصل على نسبة من أرباحه عند التشغيل، مكاسب عديدة للدولة المصرية من وراء هذا المشروع الضخم.
بناء الدول الكبرى يحتاج وجود مشروعات قومية متعدّدة، وهو حال الدولة المصرية منذ بدأ تأسيس الجمهورية الثانية التى تدخل عامها العاشر، نحمد الله لوجود بنية تحتية قوية تُغطى كل الطرق.. «رأس الحكمة» مشروع بإذن الله تأتى خلفه مشروعات أخرى تحمل الخير لمصر وشعبها.
مصور أخبار اليوم والعندليب
نهاية الشهر الحالى تحل علينا ذكرى وفاة العندليب عبدالحليم حافظ، المطرب الذى عشق صوته الوطن العربى شرقًا وغربًا، وارتبط حليم بصداقات قوية مع كبار الصحفيين وكان من بينهم الراحل فاروق إبراهيم، مصور أخبار اليوم، وقد روى الأخير قصته مع العندليب الذى كان شاهدًا على رحلة نجاحه حتى أصبح المطرب الأهم فى الوطن العربى.
فاروق إبراهيم أشهر مصور صحفى فى الصحافة المصرية، عمل مع الرئيس الراحل أنور السادات والرئيس مبارك ومن قبلهما كان المصور الخاص والصديق الشخصى لعبدالحليم لنحو 28 عامًا، ويحتوى أرشيفه على 33 ألف صورة، أما عمله مع عبدالحليم فقد كان سببًا فى طلب أم كلثوم له بأن يكون المصور الخاص لها.
بعد دخوله شارع الصحافة أصبح مصورًا بمؤسسة أخبار اليوم، وعلاقته بالعندليب جاءت من خلال تكليفه بتصوير موضوع عن احتفالات عيد ثورة يوليو فى حديقة الأندلس، وكان هناك حفل غنائى كبير من بين حضوره المشير عبدالحكيم عامر، كان مفترضًا أن يُغنى فيه عبدالعزيز محمود أو عبدالغنى السيد إلا أنه اعتذر، الأمر الذى شكّل أزمة كبيرة للعملاق يوسف وهبى، ووسط حيرة وارتباك وهبى شاهد العندليب أمامه فوجَّه له سؤالًا «أنت مطرب؟»، ورد عبدالحليم عليه بنعم.. فقال له وهبى: «يلا غنى»، وصعد إلى المسرح ومعه 8 عازفين من بينهم محمد الموجى وظهر فى الحفل كعازف عود، فقدم حليم أغنية «صافينى مرة»، ومن هنا وُلدت نجومية عبدالحليم حافظ، وكان من بين الحضور الموسيقار محمد عبدالوهاب الذى اعترف أن عبدالحليم غول مسرح، لأنه استطاع الاستحواذ على حُب الجماهير، وتشاء الظروف أنه بدأ هو الآخر طريق الشهرة مع عبدالحليم، كل منهما كان يسير فى شارع الأضواء والشهرة فى عام 1960، وقد كُلف مصور دارنا الحبيبة بمتابعة حفلات عبدالحليم من قِبل مصطفى أمين، عميد الصحافة العربية، وأصبح يتردَّد عليه دون اختيار الوقت.. وطلب منه أن يتحرّر فى الصور التى تؤخذ له، وأصبح يوميًا يلتقى معه فى منزله.
اعترف لى الراحل فاروق إبراهيم بأن علاقته بعبدالحليم منحته شهرة تُعادل 15 سنة عملًا متواصلًا، وروى قصة جعلته يُؤمن بقيمة الفن عندما نشرت الأخبار صورة لعبدالحليم حافظ وهو على فراش المرض.. بعد الطبع لم تتوقف الاتصالات من عُشاق عبدالحليم حافظ، يومها عرف معنى ورسالة الفن.. وأفضل تغطية فى عام 1967 عندما أحيا حفلًا على مسرح البرت فى لندن والذى غنى عليه أشهر مطربى العالم.. كتب عدة رسائل ونشرت بمجلة آخر ساعة وأطلق عليه لقب سانترا السويس.
عمله مع العندليب كان سببًا فى طلبه للعمل مع أم كلثوم التى لاحظت أن أخبار عبدالحليم مُنتشرة فى صحف أخبار اليوم، فاتصلت بأنيس منصور وطلبت منه أن تلتقى معه، وبالفعل ذهبت إليه واندهشت عندما شاهدته، فهو صاحب جسد ضئيل، لم تُصدق أنه صاحب الصور التى تُظهر عبدالحليم، وعرضت عليه أن يكون المصور الخاص لها.
وعن الفارق بين حليم وأم كلثوم يقول: الأول كنت شريكًا فى نجاحه، أما أم كلثوم فتعرّفت عليها وكانت فى القمة.. رحم الله فاروق إبراهيم وعبدالحليم حافظ الذى تعامل معه كصديق قبل أن يكون المصور المقرب منه.
دراما رمضان تُواصل التفوق
تُواصل الدراما الرمضانية جودتها، إذ أصبحت الأفضل عربيًا خلال السنوات القليلة الماضية، وصار ما تُنتجه يُضاهى ويفوق أعمال منصات كبيرة يتوافر لها كل الإمكانيات، لكن بالتخطيط السليم من قِبل الشركة المتحدة التى أحسن القائمون عليها انتقاء موضوعات درامية تليق بالجمهور المصرى الذى وجد نفسه يُتابع أعمالًا هادفة.
ما يُميِّز دراما العام الحالى زخمها بالنجوم الذين يظهرون فى أعمالٍ وُفّرت لها كل إمكانيات التميُّز، من الحلقات الأولى وضح الإبهار فى الأعمال الدرامية، فهناك عدد من المسلسلات تم تصويره بطرق احترافية، تنوع الموضوعات جعل للدراما المصرية متابعين فى كافة أرجاء الوطن العربى من المحيط للخليج، فموضوعات الأعمال الدرامية تجذب انتباه المشاهد أيًا كان مكانه بفضل الاحترافية التى كُتبت بها، ونجومها الأكثر متابعةً فى العالم العربى.
حكاية رمضانية
فى صيف عام 2008 كُلّفت من جريدة عربية بإجراء حوارات مع أئمة المساجد بالقاهرة الكبرى، ورتّبت لإجراء حوار مع إمام أكبر مسجد بالقاهرة والمُفضّل لعشرات الآلاف من البشر فى ليلة القدر بأوائل القرن الحالى، وقد وصل عدد مَنْ يصلون التراويح فى ليلة 27 أكثر من ربع مليون، حيث الشوارع الملاصقة يُصلى بها عشرات الآلاف.. المفأجاة التى كنت معها أن إمام المسجد الذى كنت أحاوره كان من بين هؤلاء المصلين.
فى ليلة القدر كانت هناك أمنية فى نفس الشيخ صبرى همام، إمام مسجد عمرو بن العاص، الذى كان يقف خلف إمام المسجد منذ سنوات فى ليلة 27، ليلتها دعا الله بأن يُحقق له الأمنية بأن يكون إمامًا للمسجد بعد تخرُّجه فى كلية أصول الدين، وقد دعا الله كثيرًا يومها دعاءً وصل حدَّ التضرُّع والبكاء.
مرت الأيام وكان الخبر السار الذى لم يتوقّعه، إذ تم اختياره إمامًا لمسجد عمرو بن العاص، أقدم وأكبر مساجد مصر، وعندما تم إبلاغه تذكَّر دعاءه فى ليلة القدر، جاء له بعدما عمل إمامًا فى عِدّة مساجد، ولم يكن يتوقَّع أن يُختار لأكبر مسجد بالقاهرة، وحين تم إعلامه بالخبر شعر بثقل المسئولية عليه.
فى ختام حوارى، طرحت عليه سؤالًا كان مغزاه: ماذا لو جاءتك فرصة عمل فى دولة عربية أو إسلامية.. أى دولة تختار؟
إجابته كانت دولة الإمارات؛ فهو يتمنى العمل بها، لسابق معرفته بأنها تُعامل المصريين جيدًا من أيام حكم الفقيد المُحب للمصريين الشيخ زايد الذى له معزّة كبيرة داخل قلوب المسلمين.
انشغلت مع الدنيا وبعد عِدّة سنوات التقيت الراحل حمادة المطعنى، مفتش وزارة الأوقاف وقتئذ، وعندما أردت أن أعرف أخبار الشيخ صبرى همام، أخبرنى بأنه إمامٌ فى أكبر مساجد الشارقة، فتذكَّرت حوارى معه والذى كان يُصادف ليلة النصف من شعبان، قلت فى نفسى هو مولانا يبدو أنه يعرف طريق الله بالدعاء.. المغزى من القصة أن بالدعاء والعمل يتحقَّق لنا كل ما نحلم به.
أعدل حُكام الأرض
امتلأت صفحات التاريخ بروايات المؤرخين عن عدل ثانى الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب الذى -حسب وصف حكاياتهم- هو أعدل حكام الأرض بعد الرسول، عليه الصلاة والسلام، نُثرت عنه عشرات الحكايات التى تؤكد أنه لم يُنافسه أحدٌ فى عدله سوى حفيده عمر بن العزيز.
من الروايات التى قصّها أهل الحكاء، قصته مع رجل البادية، يوم أن مرَّ ليلًا بالمدينة فوجد غريبًا، فاتجه نحوه وسأله مَنْ يكون، فقال له «رجل من البادية، جئت لعمر لأحمل من فضله»، وهو يُحدِّثه سمع أنين امرأة، فأجابه بأنها زوجته جاءها الطلق والمخاض، فقال له عمر: هل معك أحد؟ فرد بكلمة «لا»، تركه بعد أن طلب منه الانتظار، وانطلق لمنزله، ثم دخل على زوجته أم كلثوم ابنة على بن أبى طالب، وقال لها: هل لكِ فى أجرٍ ساقه الله لكِ، قالت: ما هو، قال: امرأة جاءها المخاض على قارعة الطريق، قالت: إن شئت، فطلب منها أن تحمل ما يُفيد من الخرق والدهن، وحمل على كتفيه ما يستطيع من الزاد والطعام، إلى أن وصلا معًا، ودخلت زوجته على المرأة، وأشعل هو النيران وبدأ يسوّى الطعام ورجل البادية جالسٌ والدهشة تُسيطر عليه لِما يفعله، حتى ملأ الدخان لحية عمر.
بدأ عمر يُسوّى الطعام، وفجأة خرجت زوجته مسرورةً تقل له: بشِّر صاحبك يا أمير المومنين بغلامٍ، فارتبك رجل البادية وخجل وقال «أمير المؤمنين»؟!، فرد عمر: يا أخ العرب مَنْ وُلِّى شيئًا من أمور المسلمين ينبغى أن يطلع على صغير أموره وكبيرها فهو مسئولٌ عنها.. إن غفل عنها خسر الدنيا والآخرة، ولم يُغادر المكان إلا بعد أن اطمأن على الأم وتأكد أنها أكلت وأرضعت صغيرها.
رجل البادية الذى روى ما حدث فى شوارع المدينة لم يندهش الصحابة لقصته، فكل يوم كانت الروايات تُروى عن قصص عمر وعدله وسيره ليلًا على الأقدام لإنصاف رعاياه.