يوميات الاخبار

حتى لا ننسى

 محمود عطية
محمود عطية

«نحن لا نملك ترف العيش بلا أملٍ وبلا تفاؤل، ولم يكن خيارًا يومًا أن نحيا غير مفعمين بالأمل».
 

الإثنين:

العيد القومى للمنيا

18 مارس 1919 العيد القومى لمحافظة المنيا، تعود قصة هذا التاريخ لما جرى فى ذلك اليوم حيث خرج أهالى «دير مواس» -إحدى مراكز محافظة المنيا- يقودهم البطل الشعبى د.خليل أبوزيد احتجاجا ضد الإنجليز لاعتقالهم سعد زغلول وزميله على شعراوى (ابن المنيا) وعبدالعزيز فهمى، وقاموا بقطع خط السكة الحديد لمنع وصول الجيش الإنجليزى إلى المدن الثائرة بالقاهرة، وقطع الخطوط أمام جميع قرى مطاى رغم الإنذارات المتعددة من الجيش الإنجليزى بإحراق قرى ومدينة مطاى إذا تم قطع السكة الحديد، وقام بعض الثوار فى مطاى بتوزيع المنشورات على المواطنين للمشاركة فى الثورة والتمرد على الاحتلال الإنجليزي، وقام الأهالى بالتصدى لجنود الاحتلال القادمين بالقطار واشتبكوا معهم، وقتلوا عددا منهم أبرزهم مفتش بمصلحة السجون الإنجليزية (بوب)، وسريعا قام الجيش الإنجليزى بعملية إنزال بحرى من سفنه الراسية على النيل أمام مدينة المنيا، وقاموا بمهاجمة الثوار المحتشدين العزل، وتم القبض على معظم قيادات الثوار، وزج بهم فى السجون بعد محاكمات صورية، وتم إعدام البطل الشعبى د. خليل أبو زيد صاحب المواقف البطولية ومعه العديد من أهالى المنيا، وأمام مبنى مجلس مدينة ديرمواس نصب تذكارى لهؤلاء الشهداء كما تم تخليد هذه الذكرى بأن أصبح ذلك اليوم العيد القومى للمنيا.
السبت:

ذاكرة «العاشر من رمضان»

ربما يتناسى البعض أهمية «حرب الاستنزاف» التى جاءت ضرورة لا غنى عنها لمصر والعرب، وقد ظهرت جدواها عصر العاشر من رمضان 1973 وما تلاه من أيام، وقد بينت الفارق الكبير بين مقاتل صيف 1967 ومقاتل خريف 1973، وكذلك بين قيادتها وأجهزة أركانها، والذى يعود أغلب أسبابه إلى الخبرة المكتسبة والدروس المستفادة من حرب الاستنزاف التى مهدت لها طريق النصر العظيم، وقد شهدت صراعا محتدما بين الطائرة والصاروخ، ووضع حد للتفوق الجوى الذى انفردت به إسرائيل فى الجولات السابقة، كما شهدت أيضا مولد الحرب الإلكترونية المصرية التى يعود الفضل فى نشأتها إلى الفريق أول عبد المنعم رياض شهيد حرب الاستنزاف الغالي، والتى لم تتم العام السادس من عمرها حتى شبت عن الطوق.

وإذ عبر خروج الإسرائيليين إلى الطرقات يوم 8 أغسطس 1970 لإظهار فرحتهم بوقف نيران الاستنزاف وانتهاء كابوس خسائره التى ضاعفت من أعداد الجنازات اليومية التى تخترق شوارع المدن والقرى، فقد جاء خطاب الفريق حاييم بارليف لمرؤوسيه الذى القاه بمناسبة إحالته للتقاعد تعبيرًا عن هذا الواقع بقوله:» إذا ما استؤنف إطلاق النيران مرة أخرى فعليكم أن تختاروا مجالات عمل وأساليب قتال اكثر تطورا وابتكارا عما اتخذناه نحن فى حرب الاستنزاف التى خضنا خلالها قتالا مريرا طويل الأمد ملطخ بالدماء، وذلك لأن ظروفا كثيرة قد طرأت على المسرح، نتيجة ما أكتسبه المقاتل المصرى من خبرات قتالية واسعة».

وفى التمهيد لحرب أكتوبر يروى اللواء الركن عبد المنعم خليل فى كتابه «فى قلب المعركة» قائلا: لم يمل صقور إسرائيل على امتداد السنين الست التى أعقبت جولة صيف 1967 من التأكيد بأن مجرد تفكير العرب فى خوض حرب جديدة يعتبر ضربًا من الخبل والحمق، فمصادر المعلومات الإسرائيلية لا تخفى عليها خافية، وقناة السويس تقف بين جنود مصر ورمال سيناء كمانع عريض وعميق ليس له نظير، والحائط الشاهق الذى أقامته القيادة الجنوبية الإسرائيلية على حافة القناة الشرقية والذى يتجاوز عرضه عشرة أمتار، ويعلو فوق صفحة القناة ضعف ذلك، وطائرات الفانتوم والسكاى هوك التى تسيدت سماء المسرح، والدبابات التى أتقنت الحرب الخاطفة، والمساندة الغربية المضمونة، والتى أعلنت مرارا وتكرارا أنها لن تسمح لسلاحها أن يهزم فى المعركة، تعتبر كلها محاذير ينبغى أن تدرك أخطارها أجهزة التخطيط العربية، وهى ترسم شكل المعركة المقبلة، إذا ما زين لها الحمق التورط فيها.

ويؤكد اللواء عبد المنعم خليل على حمق تفكير وتدبير القيادة الإسرائيلية وموانعها المصطنعة فيذكر: إن هذا الحمق المزعوم تحول إلى عبقرية، تجلت فى خطة الهجوم عصر السادس من أكتوبر 1973، ثم فيما حققته جيوش العرب من انتصارات ثمانية، تعاقب الواحد منها تلو الآخر على امتداد الأيام الثمانية الأولى من الجولة الرابعة وقبل أن ينجح جيش إسرائيل بمعاونة البنتاجون والبيت الأبيض الأمريكى فى انتزاع المبادأة.

الأربعاء:

البطل محمد كريم

فى صباح 28 يوليه عام 1798 نزلت القوات الفرنسية الأولى بجهة العجمى ثم زحفت للإسكندرية عند شروق الشمس، سريعا قام محمد كريم حاكم الإسكندرية على رأس المقاومة الشعبية لصد الغزاة وقد هاجمت القوات الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت المدينة من عدة جهات، وتمكن الفرنسيون من اقتحام المدينة، وأخيرا اعتصم كريم بقلعة»قايتباى» ومعه بعض المقاتلين للذود عن الإسكندرية بشجاعة نادرة حتى كف عن القتال بعد استيلاء الفرنسيين عليها لعدم تكافؤ قوتهم مع جيش نابليون الكبير.. وتم القبض عليه وتلقاه نابليون لقاء كريما مقدرا لشجاعته وأبقاه حاكما للإسكندرية، قبل محمد كريم ذلك حتى يكون على علم بتحركات الفرنسيين.

وقبل أن يغادر نابليون الإسكندرية إلى القاهرة أعاد لمحمد كريم سيفه وقال له: لقد أخذتك والسلاح فى يدك، وكان لى أن أعاملك معاملة الأسير لكنك استبسلت فى الدفاع والشجاعة متلازمة مع الشرف، ذلك أعيد لك سلاحك وآمل أن تبدى الإخلاص للجمهورية الفرنسية..»

لكن كريم لم يأبه لكلام نابليون فهو قادم للاحتلال، وأخذ فى تنظيم المقاومة السرية للدفاع عن الإسكندرية وطرد المحتل ،وبث روح الوطنية بين الأهالى لإيمانه بحق بلاده فى الحرية والاستقلال، وعين نابليون قبل زحفه إلى القاهرة «الجنرال كليبر» لقيادة القوات بالإسكندرية ،واستمرت المقاومة الشعبية، واشتدت الحوادث فى مواجهة الفرنسيين ،وتزايدت روح المقاومة وأدرك الفرنسيون أن محمد كريم لازال يقود المقاومة ضدهم، فأمر كليبر فى 20 يوليو 1798 بالقبض عليه وأرسل إلى الأسطول الفرنسى بأبو قير ،واقتيد إلى القاهرة للتحقيق معه، ووجهت له تهمة الاتصال بأعداء فرنسا والتآمر والتحريض على الثورة ضدهم وإثارة الاضطرابات والثورات فى كل مكان.

لم ينكر محمد كريم التهم واعترف قائلا: لقد فعلت كل ذلك مدفوعا بحبى لأرض نبتت فيها أسرتى ,ودفن فيها أجدادي, ووجه حديثه لرئيس المحكمة العسكرية»ديبوى»قائلا: «أفعل أنت ما يمليه عليك واجبك أنت، أما أنا فإن ضميرى مرتاح إلى ما صنعت فى سبيل الواجب..» وقد انتهى التحقيق بثبوت الاتهام، وعليه أصدر نابليون أمره فى 5 سبتمبر 1798 بإعدامه رميا بالرصاص ومصادرة أملاكه وأمواله وسمح له أن يفتدى نفسه بدفع غرامه قدرها ثلاثون ألف ريال خلال فترة لا تتجاوز 24 ساعة، لكن لم يقبل محمد كريم تلك المساومة، وقد نصحه كبير المترجمين للحملة الفرنسية بأن يدفع الغرامة قائلا له:» إنك رجل غنى فماذا يضيرك أن تفتدى نفسك بهذا المبلغ؟»..

فرد محمد كريم عليه قائلا» إذا كان مقدر على أن اموت فلا يعصمنا من الموت أن ادفع هذا المبلغ وإذا كان مقدرا لى الحياة فعلام أدفعه؟»، واقتيد البطل محمد كريم الى ساحة الإعدام فى ميدان الرميلة فى مساء يوم 5 سبتمبر 1798 لتنفيذ الحكم.

الجمعة:

نُولد بالأمل

معرفتنا بالإنسان تؤكد أننا لا نستطيع أن نفكر، أو نشعر، أو نريد، أو نفعل دون وجود الأمل الذى نكافح به لتحقيق أمانينا، ونبتلع أيامنا ومشقاتها.. أهدافنا تُولد الأمل فينا منذ اللحظة التى تستقبلنا فيها الحياة.. رغبات، أمنيات، مشروعات، نتخيلها حية فى رؤوسنا ثم نبدأ فى محاولة تحقيقها على أرض الواقع.. أهدافٌ مُتباينةٌ سريعةٌ، أحيانًا تأخذ من وقتنا، مثل شراء حاجتنا الضرورية.. ثم أهداف قصيرة وطويلة الأمد مثل حلم العمل والزواج والإنجاب وتزويج الأولاد وربما هدف إثراء الحياة وتزويدها بإبداعاتنا الفكرية والعملية والفنية لتجميل وأنسنه الحياة.

ونحن لا نملك ترف العيش بلا أملٍ وبلا تفاؤل، ولم يكن خيارًا يومًا أن نعيش ونحيا غير مفعمين بالأمل، والتفاؤل، والاستبشار، والإقبال على الحياة متسلحين برغبةٍ ملحةٍ فى حياةٍ أفضل وغدٍ أكثر رغدًا، ربما الأمل والتفاؤل لا يخفض أسباب ما نشعر به أحيانًا من ضغوطٍ نفسيةٍ، لكنه يخفض عملية الشعور بها، وقد يُساعد الإنسان على تجاوز أزمةٍ مؤقتةٍ، لو استسلم لها ربما تُؤدى لآثارٍ صحيةٍ وخيمةٍ، وازدياد الشعور بالضغط.

كلمات:

إننا لا نصنع المعاناة لكن المعاناة تصنعنا

اللسان ليس عظاماً، لكنه يكسر العظام

طريق الحياة شاق دون مساعدة الدين والفن والحب