"الأخبار" في أقدم ورشة لتصنيع الفانوس الصاج

أبو أدهم صانع الفوانيس الصاج
أبو أدهم صانع الفوانيس الصاج

في زقاق ضيق في حي العطارين، لا صوت يعلو فوق نغمات "وحوي يا وحوي"، وأنوار تجذب العين من على بعد عشرات الأمتار، وخطى حثيثة في المكان رغم ضيقه، إنها ورشة علي أبو أدهم، إحدى أقدم ورش صناعة الفانوس الصفيح، أو الفانوس التقليدي والكلاسيكي لرمضان، والذي يعد أشهر فوانيس وأكثرها استدامة على مر الزمان.

اقرأ أيضاً| مكتبة الإسكندرية تطلق شعار «أنتِ الأصل والحكاية» احتفالًا باليوم العالمي للمرأة

يجلس علي في ورشته الضيقة، والزجاج الملون والمنقوش بكلمات رمضانية حوله في كل مكان، وبجواره "منقد النار"، والأزير، والصفيح الملون في استعداد لتشكيله، في عملية أشبه بإعادة إحياء الروح لجسد التراث الحاضر، فلا الفانوس الصفيح انقرض، ولا ذكراه تاهت من العقول المصرية، فالأطفال قبل الكبار يقبلون عليه، وعلى وضع  الشمعة بداخله، فرمضان إحدى أهم بهجات استقباله هو الفانوس الصفيح.

يطرق طرقات حثيثة وحذره، على الصفيح، يثبت الزجاج المزخرف بالكلمات والألوان الرمضانية والنقوش الإسلامية، ثم ينظر إلى محررة "الأخبار" ويقول، " هذه الجلسة جلسها جدي منذ قرن ونصف من الزمان، ومن بعده أبي، ثم أنا، نحن أساس تصنيع الفانوس في الإسكندرية".


ويضيف علي أبو أدهم، أن عملية تصنيع الفوانيس تبدأ بقص الصفائح إلى أجزاء تكوّن الفانوس بحسب الحجم والشكل، حيث يُطلق على كل جزء اسم "مشتورة".

ثم تأتي مرحلة الكبس، حيث يتم نقش الرسومات وتفريغ الصاج، يليها مرحلة اللحام، ثم "السندقة" والتي تشمل تركيب الزجاج، وتنتهي العملية بمرحلة التجميع النهائية التي تمنحنا الشكل النهائي للفانوس.

أما ما يتعلق بالمواد المستخدمة في صناعة الفوانيس، يوضح أنها تتألف من الصفيح والزجاج و"الأزير"، وهي المادة المستخدمة في عمليات لحام الصفيح، ويضيف أنهم يولون اهتمامًا كبيرًا لتطوير شكل الفوانيس، مشيرًا إلى أن أيام والده وجده كانت جميع أعمالهم تتم يدويًا ولم يكن هناك مكبس في تلك الأيام.

وأفاد "أبو أدهم" بأنه يولي اهتمامًا خاصًا بتعليم ابنه والعمل معه في مجال الحرفة، حيث يشعر بحب كبير لها، وأشار إلى أن أشكال الفوانيس متعددة ومتنوعة، تتجاوز الخمسين شكلًا، وفيما يتعلق بمكونات تصنيع الفوانيس، أشار إلى زيادة أسعارها بشكل ملحوظ، خاصة الصفيح الذي يتم استيراده من الخارج، مما يتأثر سعره بارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه، وعن أكبر فانوس صنعه، أكد أن طوله يمكن أن يصل إلى خمسة أمتار ووزنه يبلغ 80 كيلوجرامًا، وأوضح أن هناك فوانيس تصل قيمتها إلى عشرة آلاف جنيه بسبب حجمها الكبير واستخدام مواد غالية في تصنيعها، فيما يتراوح سعر فانوس آخر حوالي خمسة آلاف جنيه.

ويوضح أبو أدهم، أحد روّاد صناعة الفوانيس في الإسكندرية، أن المكونات الرئيسية لصناعة الفوانيس تتألف من الصفيح والزجاج والأزير "المادة المستخدمة في لحام الصفائح"، يضيف أنهم يولون اهتمامًا خاصًا لتطوير تصاميم الفوانيس، ويشير إلى أنه في زمن جده ووالده، كانت كل العمليات تتم يدويًا دون استخدام المكابس.

ويضيف "أبو أدهم" أنه عازم على توريث مهارته لابنه، ويستمر في العمل معه في هذه المهنة التي يحبها، يتحدث عن تنوع أشكال الفوانيس وتعددها، حيث يتجاوز عددها الخمسين نوعًا، وفيما يتعلق بتكلفة المواد الخام، يلاحظ زيادة ملحوظة في الأسعار، خاصةً بالنسبة للصفائح، ويرجع ذلك إلى استيرادها من الخارج، مما يتأثر بارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه.

ويرد "أبو أدهم" على تكهنات حول اندثار الفوانيس الصفيح القديمة، مؤكدًا أن هذا الادعاء غير صحيح، يقول: "أنا بقالي سنين بسمع إن الصناعة هتنقرض، بالعكس عندما يقولون أنها ستنقرض يزيد الإقبال عليها، الكل يحب الفانوس القديم ونحن نطور فيه".

وبالنسبة لطلبات الزبائن على شراء الفوانيس الصاج، يؤكد  أن الزبائن لا يزالون يفضلون الفوانيس القديمة، ويضيف: "دخل علينا الفانوس الصيني أخذ مدته وانتهى ومثله الخشب، لكن الفانوس الصاج هو الأساس"، ويشير إلى شهرة مصر في صناعة الفوانيس وتفضيل سكان دول الخليج لشراء فوانيس رمضان من مصر.

وأخيرًا، يتحدث "أبو أدهم"، عن استمرارية عملهم طوال العام، حيث يعملون في هذه الحرفة من بعد عيد الفطر حتى قدوم رمضان التالي، ويشير إلى أنهم يبدأون في تصدير الفوانيس إلى دول الخليج بعد مولد النبي حتى نهاية شهر رجب، ويبدءون في بيع الفوانيس داخل مصر مع بداية شهر شعبان.