صدى الصوت

أسرار «الحاخام» الأخير!

عمرو الديب
عمرو الديب

اجتبته الأقدار المهابة التى لا تعرف العبث لصفع أوداج الغرور المنتفخة، وانتدبته كى يدك حصون الزيف الخداعة، فانطلق جيشنا المصرى الجسور ليلقن جحافل الاحتلال درس المهانة، وليوجه إلى جيش الزيف الإسرائيلى صفعة تاريخية فى معارك  السادس من أكتوبر عام 1973 ، وقد أضحت العسكرية الإسرائيلية منكسة الرأس تتحسس موضع الصفعة المصرية دائماً، وبنفس أسلوب المباغتة، وفى أكتوبر أيضاً تلقى المحتل المغتصب صفعة جديدة من رجال الفصائل الفلسطينية، فاستشاط الإسرائيليون غضباً، وبدلاً من مواجهة المقاتلين الذين صفعوهم مجدداً، راحت العسكرية الإسرائيلية المتغطرسة تنتقم من النساء والأطفال والشيوخ والعجائز،   ولأن هذه الجرائم النكراء افتضح أمرها، وفجرت براكين الغضب فى شتى البقاع، وثار كل ذى ضمير حى ، وقد شاهدنا المحتجين يعبرون عن غضبهم فى كل مكانٍ، حتى فى الدولة الداعمة الأولى لإسرائيل، وأعنى الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تعجب البعض من خروج مظاهراتٍ حاشدةٍ فى عدة مدن هناك تصدرها يهود أمريكيون ، فاندهش الكثيرون ممن لايدركون الفارق بين الصهيونية واليهودية، فالأولى حركة استعمارية شرسة ذات أطماعٍ وقحة، والثانية ديانة سماوية تحمل - ولاشك فى طياتها- مبادئ أخلاقية، وتتصدرها الوصايا العشر التى تعد القاسم المشترك بين اليهودية والمسيحية والإسلام، ولأن اليهود عاشوا على بساط المحبة المصرى طويلاً كجزءٍ من شعبنا العريق فقد أدرك المصريون ذلك الفارق ما بين الصهيونية والملة اليهودية، مثلما فرقوا بذكائهم الفطرى بين «ليلى مراد» اليهودية القرائية قبل إسلامها ، وبين الصهيونية «راقية إبراهيم» ، ولذلك استوقفنى عنوان كتابٍ بين مجموعة من الكتب التى أهدانيها الناشر الكبير محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب منذ أيامٍ من أحدث إصدارات الدار المصرية اللبنانية، وهذا العنوان اللافت هو «ناحوم أفندي.. أسرار الحاخام الأخير لليهود فى مصر»، وعبره تصحبنا الكاتبة الصحفية سهير عبد الحميد فى رحلة بحث شيقة عن ذلك «الحاخام» الذى كان نجماً فى المجتمع المصرى فى العهد الملكي، وكان صديقاً للملك المخلوع «فاروق»، وللعديد من نجوم السياسة المصرية فى ذلك العصر، وما بين معبد شارع عدلى الشهير حيث تبوأ» الحاخام» مقعده كمرجعيةٍ دينية عليا ليهود مصر، وبين حى «جاردن سيتي» حيث كان يسكن، ومقر مجمع اللغة العربية الذى حظى «الحاخام» بعضويته تمضى بنا المؤلفة  لتفتش عن الحقائق، وتكشف الأسرار، وتقارن بين الشهادات المتضاربة أحياناً لتجيب عن السؤال، وتحل اللغز: هل كان الحاخام الأخير منتمياً إلى مصر.. مخلصاً لوطنه.. معادياً للصهيونية؟ أم خادماً- فى السر- للمشروع الصهيونى الخطير؟!