«فيتش» : مصر تملك سيولة كافية لسد فجوة التمويل الخارجى على المديين القصير والمتوسط

 ميشيل بيرمان
ميشيل بيرمان

 مى فرج الله

أكدت ميشيل بيرمان رئيس بحوث المخاطر التشغيلية بشركة بيزنس مونيتور انترناشيونال «إحدى شركات فيتش سوليوشنز» ان مصر تتمتع بالعديد من المزايا الأصيلة التى تجعل بيئة النمو طويلة الأجل مقنعة، وتشمل هذه العوامل موقعا استراتيجيا وثقافيا فى العالم، وقطاعا خاصا وماليا يوفر مجالاً واسعاً للتوسع، بجانب ان الأجور المنخفضة على المستوى العالمى وهى ميزة للمستثمرين الأجانب، وبالاخص المستثمرين الراغبين فى استخدام مصر كقاعدة للتصنيع الموجه للتصدير.

ومع عدد سكان يتجاوز 100 مليون نسمة تعتبر مصر أكبر الأسواق فى العالم العربي، ومع تحقيق الاصلاحات الهيكلية يمكن ان تطلق العنان لاقتصادات هائلة غير مستغلة، ومع برنامج المخطط له الذى يتم تنفيذه حالياً، وتوفير فرص الاستثمار، يمكن أن يمهد الطريق لزيادة دور القطاع الخاص فى الاقتصاد، وفى بيئة الأعمال فى مصر.

هناك أيضًا مجال كبير للتحسين، فعلى الرغم من أن الحكومة قامت بإصلاحات تنظيمية كبيرة فى العامين الماضيين، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الإصلاحات لزيادة الاستثمار والعمليات التجارية وأطر سوق العمل بما يتماشى مع المعايير الدولية، خاصة ان هناك فرصا جيدة لدعم أداء قطاع الهيدروكربونات فى مصر، ومع تحقيق استقرار ظروف الاقتصاد الكلى سوف يمهد الامر لجذب المستثمرين الأجانب المباشرين فى القطاع غير الهيدروكربونى فى البلاد .

اقرأ أيضا|وزير المالية يصدر اللائحة التنفيذية لقانون المالية العامة الموحد

وقالت بيرمان ان صفقة رأس الحكمة ستغير قواعد اللعبة بالنسبة لمصر على المدى القصير إلى المتوسط، فحجم الأموال القادمة خلال الشهرين المقبلين يعادل تقريبا احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية، ويكاد يكون ثلاثة أضعاف متوسط تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر السنوية، و قبل هذه الأخبار قدرنا فجوة التمويل الخارجى بمبلغ 36.8 مليار دولار لعام 2024، قبل أن تنخفض إلى ما يزيد قليلاً على 20 مليار دولار على مدى العامين المقبلين.

ومع الأخذ فى الاعتبار مبلغ 24 مليار دولار المتوقع خلال الشهرين المقبلين، إلى جانب إمكانية زيادة تسهيل الصندوق الممدد لصندوق النقد الدولي، وعائدات مبيعات الأصول فى إطار برنامج الطروحات، والعائدات الثنائية وعائدات دول مجلس التعاون الخليجي، وتدفقات المحافظ الاستثمارية، فإننا الآن على ثقة من أن السلطات المصرية لديها سيولة كافية لسد فجوة التمويل الخارجى على المدى القصير إلى المتوسط. هذا بجانب ان رد فعل الأسواق كان إيجابيًا أيضًا حيث ارتفع الجنيه أمام العملات الأجنبية فى السوق السوداء.

مضيفة انه بحلول السنة المالية 2024/2025 ستكون مصر قد حصلت على برنامج جديد أكبر لصندوق النقد الدولى، ومن المتوقع ان يصل التمويل المباشر من الصندوق إلى 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى التمويل من الاتحاد الأوروبى ومصادر أخرى متعددة الأطراف وثنائية، وبتنفيذ الإصلاحات فى إطار برنامج صندوق النقد الدولى مثل التوجه نحو سعر صرف مُدار وسد الفجوة بين أسعار الصرف الرسمية والسوق الموازية سيسمح بتقديم الدعم للاقتصاد وسد فجوة التمويل الخارجى فى مصر.

كما يساعد برنامج صندوق النقد الدولى الجديد والتمويل المرتبط به على خفض العجز وحالة عدم اليقين، الأمر الذى سيدعم الاستثمار الخاص والأجنبى على وجه الخصوص من خلال برنامج الطروحات، وبالتالى من المتوقع أن ينتعش النمو الاقتصادى من 3.2% فى السنة المالية 2023/2024 إلى 4.2% فى السنة المالية 2024/2025 مدفوعًا إلى حد كبير بالاستهلاك الخاص على خلفية ارتفاع الإنفاق الاجتماعى وزيادة تدفقات التحويلات المالية.

ويقول جون أشبورن كبير الاقتصاديين فى الأسواق الناشئة بنفس الشركة إنه خلال فترة الاستقرار على مدار العقد الماضى كانت إجراءات السلطات موجهة نحو منع الأزمات، ولكن على الرغم من كل هذه المميزات التى يتمتع بها الاقتصاد المصرى من مزايا كامنة، مثل النمو السكانى والموارد الهيدروكربونية الهائلة والموقع الجغرافى الاستراتيجى، إلا أننا نعتقد أن الصدمات الاقتصادية المتلاحقة التى مرت بها البلاد حالت دون ذلك الاقتصاد من الوصول إلى إمكاناته على المدى الطويل فى الآونة الأخيرة، نتيجة الازمات المتلاحقة بداية من جائحة كورونا وتداعيات الغزو الروسى لأوكرانيا والحرب الاخيرة التى شنتها اسرائيل على فلسطين.

وتداعياتها خاصة أزمة البحر الأحمر، فقد أدى تعطل طرق الشحن حول باب المندب إلى انخفاض حركة المرور عبر قناة السويس بما يتراوح بين 40% الى 50% وهو ما أثر على عائدات التصدير، ولكن من المتوقع مع انتهاء الحرب بين إسرائيل وحماس وحل أزمة البحر الأحمر وزيادة تدفقات التحويلات سيؤدى إلى خفض عجز الحساب الجارى.