يرى أن العمل العربى المشترك ضرورة ملحة فى ظل التحديات والظروف الدقيقة على الصعيدين الإقليمى والدولى

الشيخ مشعل الأحمد.. عهد يتجدد فى تاريخ ممتد حافل بالتضحيات والبطولات

الشيخ مشعل الأحمد والرئيس عبد الفتاح السيسي.. لقاءات مستمرة لتعزيز التعاون الثنائي
الشيخ مشعل الأحمد والرئيس عبد الفتاح السيسي.. لقاءات مستمرة لتعزيز التعاون الثنائي

 كتب: يحيى زكريا 

في إطار احتفالات دولة الكويت الشقيقة  بأعيادها الوطنية التى تصادف الخامس والعشرين والسادس والعشرين من فبراير في كل عام والتي انطلقت هذا الأسبوع، لعل من المناسب أن نلقى الضوء على أحد كبار رجالات الكويت والذي كان له دور كبير في نهضتها واستقرارها، ففي العشرين من ديسمبر الماضي أدى سمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح اليمين القانونية أمام مجلس الأمة طبقا للمادة 60 من الدستور الكويتي إيذانا ببدء ممارسة عمله خلفا للأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد «طيب الله ثراه».

دور كبير فى حماية أمن الكويت وتعزيز توجهها العروبى ودورها الإقليمى فى تكريس السلام والتعاون

الأولوية للاستقرار والديمقراطية وتغليب المصالح العليا فى إطار الدستور

وألقى سموه كلمة بهذه المناسبة أمام مجلس الأمة قال فيها: تسلمت زمام الحكم تكليفا لا تشريفا وإنى من خلال مجلسكم الموقر أعاهد الله سبحانه وتعالى ثم أعاهد الشعب الكويتى الوفى كممثلين له أن أكون المواطن المخلص لوطنه وشعبه الحريص على رعاية مصالح البلاد والعباد المحافظ على الوحدة الوطنية الساعى إلى رفعة الوطن وتقدمه وازدهاره المتمسك بالدين الحنيف والثوابت الوطنية والدستورية الراسخة حاملا لواء احترام القانون وتطبيقه، المحارب لكافة صور الفساد وأشكاله مستذكرا ما تركه لنا الآباء والأجداد من أمانة الحفاظ على الوطن ومنفذا وصية حكامنا السابقين «طيب الله ثراهم» بأن الكويت هى البقاء والوجود وأن أعمارنا إنما هى فى أعمالنا.. وعندما تطرق سموه إلى العلاقات الخارجية شدد على استمرار نهج ودور دولة الكويت الريادى مع الدول الشقيقة والصديقة فى مختلف القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وجدد التمسك بالالتزامات الخليجية والإقليمية والدولية.. وعلى مدار سنوات عمله وليا للعهد ونائبا للأمير كان الشيخ مشعل الأحمد يشدد دائما على تلبية أهمية طموحات وآمال المواطنين رافعا شعار المشاركة الشعبية ومؤكدا على تعزيز روح المحبة والتسامح ونبذ الفرقة، وصولا إلى رسم صورة مشرقة لمستقبل الكويت تتضمن الحفاظ على الديمقراطية والاستقرار وتغليب المصلحة الوطنية العليا فى إطار الدستور.

ولم يكن الشيخ مشعل الأحمد خلال العقود الستة الماضية بعيدا عن العمل الرسمى أو عن مرافقة أمراء الكويت فى تحركاتهم وجولاتهم، إذ تولى عددا من المناصب الرسمية لاسيما فى وزارة الداخلية والحرس الوطني، كما رافق قادة الكويت فى مهماتهم الرسمية وزياراتهم الخاصة لاسيما الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه.

نبوغ مبكر
ولد الشيخ مشعل فى الكويت عام 1940، وهو الابن السابع للشيخ أحمد الجابر الصباح أمير الكويت العاشر-طيب الله ثراه -، وتلقى تعليمه فى المدرسة المباركية التى أنُشئت فى عام 1911، ثم تابع دراسته فى المملكة المتحدة، حيث تخرج فى كلية لندن للشرطة فى عام 1960.

وبعد عودته من الدراسة فى المملكة المتحدة، التحق بوزارة الداخلية التى كانت حديثة النشأة حينذاك، فتدرج فى عدد من المناصب الإدارية فيها، واستمر فيها نحو 20 عاما عمل خلالها فى قطاعات وإدارات مختلفة، وواصل تدرجه فى مناصب وزارة الداخلية حتى أصبح فى عام 1967 رئيسا للمباحث العامة برتبة عقيد، واستمر فى ذلك المنصب حتى عام 1980، حيث عمل على تطوير أدائها وأجهزتها، وتحولت فى عهده إلى إدارة أمن الدولة.

وهكذا فقد قضى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح عقودا من حياته للعمل فى الجهات الأمنية والعسكرية فى بلاده، الأمر الذى جعله أحد أهم رجال الأمن بالكويت، ومنحه خبرات أمنية كبيرة سخرها فى الحفاظ على مقدرات بلاده وصيانة أمنها واستقرارها، وفى 13 إبريل عام 2004 عُين بموجب مرسوم أميرى نائبا لرئيس الحرس الوطنى بدرجة وزير، حيث ساهم فى تطوير الحرس الوطنى وتعزيز دوره ومكانته، واستمر فى شغل ذلك المنصب حتى تزكيته وليا للعهد عام 2020.

مهارات متعددة
وإضافة إلى مناصبه الرسمية التى شغلها طوال العقود الستة الماضية، تولى الشيخ مشعل الأحمد عددا من المناصب الفخرية التى تُظهر تنوع اهتماماته وخبراته، منها تزكيته رئيسا فخريا لجمعية الطيارين الكويتية منذ عام 1973، كما كان أحد مؤسسى الجمعية الكويتية لهواة اللاسلكى والرئيس الفخرى لها، وفى عام 1977 عُيّن من قبل أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رئيسا لديوانية شعراء النبط التى أنشئت بهدف المحافظة على تراث الأجداد من الشعر النبطي، وإبقائه خالدا فى نفوس الأجيال.

وأكد الشيخ مشعل فى عدة مناسبات أهمية ديوانية شعراء النبط فى الحفاظ على قيم وعادات وتقاليد وتراث وأخلاق الآباء والأجداد التى تضمنتها قصائد الشعر النبطي، وضرورة تطوير ذلك كله وتعليمه للأجيال الحالية والقادمة وغرسه فى نفوسهم.

إشادة دولية
وفى الرابع من ديسمبر عام 2018 قلدت الحكومة الفرنسية الشيخ مشعل وسام قائد جوقة الشرف باعتباره أحد الرجال الذين بنوا الكويت وساعدوا على بناء الصداقة بينها وبين فرنسا على أسس متينة، وقال الشيخ مشعل فى حفل التكريم إن منحه ذلك الوسام هو «تكريم رفيع المستوى لكافة مؤسسات الكويت العسكرية واستكمال لمسيرة العلاقات الثنائية المتينة بين البلدين».

وجه عروبي
وخلال عهد الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد «طيب الله ثراه»، أدار الشيخ مشعل الأحمد عددا من الملفات إثر تكليفه بعدد من صلاحيات الأمير، فقد التقى بالسفير أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية بصحبة وزراء خارجية الدول العربية المشاركين فى الاجتماع التشاورى لوزراء الخارجية العرب المنعقد بدورته الـ 156 فى الكويت، لبحث آخر التطورات على الساحة العربية، منها الأزمات اللبنانية والسورية والليبية.

وشدد الشيخ مشعل فى كلمة ألقاها أمام وزراء الخارجية العرب حينذاك، على ضرورة تحسين العلاقات بين دول الجوار، وأكد أن العمل العربى المشترك ضرورة ملحة فى ظل التحديات والظروف الدقيقة على الصعيدين الإقليمى والدولي، وأن الكويت تدرك أهمية العمل العربى المشترك، وضرورة وحدة الصف العربي، لذا سعت فى سياستها الخارجية جاهدة لتنقية الأجواء بين الأشقاء، وتقريب وجهات النظر والتوسط لحل النزاعات.

وخاطب الشيخ مشعل الأحمد وزراء الخارجية قائلا: إن التحديات جسام وحسن التخطيط والتنسيق سبيلنا لمواجهتها، وأنتم المعنيون بتنفيذ السياسات الخارجية لدولنا العربية، وتقع على عاتقكم مسئولية تحقيق التقارب والتواصل وإنهاء أى تباعد أو قطيعة، وتهيئة الأجواء لتحقيق ذلك، والانطلاق برؤى مشتركة نحو مستقبل العمل العربى المشترك وآفاق تعزيزه، وتطوير آلياته وإيجاد السبل لتعزيز فعالية جامعة الدول العربية ومؤسساتها، بما يواكب التطورات السريعة التى تشهدها الساحتان الإقليمية والدولية.

دور الكويت
ويأتى ذلك تجسيدا لرؤية الشيخ مشعل الأحمد التى أشار إليها فى واحدة من كلماته أمام مجلس الأمة، والتى تشدد على استمرار الدور التاريخى للكويت كواحة للديمقراطية، وداعية للسلام، وملتقى لكل عمل يسعى للتضامن والتساند بين دول العالم إذ قال: نحن نمر بمرحلة تاريخية دقيقة وضرورة مراجعة واقعنا الحالى من كافة جوانبه خصوصا الجوانب الأمنية والاقتصادية والمعيشية، وأن نتحاور ونتبادل الرأى والمشورة والنصيحة وأن نسعى جميعا لإشاعة أجواء التفاؤل وبث روح الأمل لتحقيق الطموح المنشود.

وهكذا تمضي مسيرة البناء والنماء والإعمار التى يقودها أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح فى عهد يتجدد لإعلاء راية الكويت، وتحقيق نهضتها، وتعزيز سيادتها وحريتها، ودفع عجلة التنمية فيها، جنبا إلى جنب مع دورها كمنارة للتساند والتضامن والإخاء الإقليمى والدولي.