يوميات الأخبار

السيد النجار يكتب: الجدار الحديدي؟!

السيد النجار
السيد النجار

أمضيت ساعتين ونصف الساعة.. استمع إلى المفكر التونسى فوزى البدوى أستاذ الدراسات اليهودية.. متعة ذهنية رغم مافى الحوار من مفاجآت صادمة.. 

فلاديمير جابوتنسكى

المفكر الصهيونى الروسى أطلق عام ١٩٣٣ نظرية اسماها الجدار الحديدى.. حينها كانت إرهاصات مقاومة الفلسطينيين للهجرات الجماعية اليهودية من أنحاء العالم إلى أرض  فلسطين.. قال فلاديمير..هذه أرضهم ونحن نستولى عليها عنوة وبالعنف.. ولو كنت فلسطينيا لقاومت اليهود ورفضت استيطانهم فى بلدى.. ومواجهة الفلسطينيين بالقتل أمر عادى.. ولكن ما يجب أن نقوم به هو قتل الرغبة أو مجرد التفكير فى المقاومة وهذا هو الجدار الحديدى الذى يحمينا ويمنع المقاومة قبل أن تولد.. وبعدها بـ ٤٠ عاما وقف صهيونى أمريكى آخر على شاكلته مخاطبا أعضاء الكنيست عام ١٩٧٣ قائلا: «أنتم حمير− على حد وصفه». لأنكم تتصورون أن آلاف الفلسطينيين الذين يعيشون بيننا وحصلوا على الجنسية الإسرائيلية بعد حرب ١٩٤٨ «عددهم اليوم ٢ مليون نسمة» سوف يندمجون فى مجتمعنا ويصبحون إسرائيليين شكلا ومضمونا لمجرد أن توفروا لهم التعليم والكهرباء والصحة وغيرها من مظاهر الحياة الجيدة. وهذا وهم.. هم فلسطينيون عرب وسيظلون كذلك..هم قنبلة موقوتة سوف تنفجر فى وجهكم عندما تحين الفرصة.. الحل.. أطردوا هؤلاء فورا.. وبعدها بـ ٥٠ عاما وقف الصهيونى الإرهابى «بن غفير» فى ٢٠٢٣ مخاطبا جمهوره من المستوطنين مبررا جرائم إسرائيل فى غزة.. قائلا.. لا يوجد شعب اسمه فلسطين.. هؤلاء العرب ليس أمامهم حل إلا واحد من ثلاثة.. إما أن يعيشوا عبيدا لنا.. أو يرحلوا.. أو يقتلوا.. وعليهم الاختيار.

هذا الكوكتيل القاتل من الصهيونية القومية المتطرفة والصهيونية الدينية الأكثر تطرفا وإرهابا.. هو ما أطلق عليه المفكر التونسى الدكتور فوزى البدوى.. الخلطة المدمرة للعرب والفلسطينيين.. وهذه الخلطة هى التى تحكم إسرائيل الآن.. يجب أن نعى ذلك.. مفكرين.. مثقفين.. سياسيين.. عامة الشعوب العربية حتى نفهم ما يحدث فى غزة.. وحتى نعى الأهداف الحقيقية لهذه الحرب.. ألا يبقى عربى فلسطينى فى غزة والضفة.. وهذه نظرية دينية توراتية تحكم القرار والفكر الإسرائيلى أمس.. واليوم.. وغدا.. وهى نفس الشريعة الدينية التى تلزمهم بهدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان.. بدون ذلك.. الشريعة اليهودية ينقصها ركن أساسى من وجهة نظرهم!

الدكتور فوزى البدوى لا يلقى الكلام جزافا.. هو أستاذ الدراسات اليهودية ورئيس قسم مقارنة الأديان بكلية الآداب والعلوم الانسانية التونسية.. أمضى ٤٠ عاما فى الدراسة والبحث وتكوين مكتبة شاملة فى هذا المجال الذى يعانى نقصا مذهلا فى دراسة اليهود والمجتمع الاسرائيلى.. أهدانى صديقه عزيز حوارا له على إحدى قنوات اليوتيوب عنوانه «التاريخ المجهول لليهود».. أمضيت ساعتين ونصف الساعة.. أستمع إليه مرة.. وأثنتين وثلاثاً.. فى متعة ذهنية.. رغم مافيه من مفاجآت.. كثيرا منها صادمة لنا كعرب.. كيف لا نعرف كل هذا عنهم.. كيف نجهل أفكارهم.. قناعاتهم.. آراءهم.. مخططاتهم، ٧٥ عاما مرت على وجودهم بيننا ومازلنا لانعرف شيئا عن عدونا.. وهم يعرفون عنا كل صغيرة وكبيرة.. أستمع إلى الدكتور فوزى البدوى.. أبحث عنه وأستمع إلى محاضراته.. ندواته.. لقاءاته التليفزيونية.. أحاديثه الصحفية حتى نستطيع أن نفهم القصة من البداية إلى النهاية؟!

أم الهزائم

على مدى ٧٠ عاما.. فشلت أمريكا أكبر دولة فى العالم.. وأقوى جيش أن تحقق انتصارا واحدا فى أى معركة خارجية خاضتها.. وفى كل معركة تخرج تجر أذيال الخيبة والعار بعدأن تكون قد ذاقت المر.. مكللة بالذل.. وخسائر آلاف القتلى ومليارات الدولارات.. لن نعدد كل معاركها.. صفحاتها السوداء لا حصر لها.. ولكن فقط نشير إلى القليل منها.. فى حرب فيتنام.. أمضت ١١ عاما فى قتال مع الفيتناميين لمحاولة إبعاد الاتحاد السوفيتى.. وفى نهاية الحرب خرجت بالهزيمة المذلة وخسائر ٢٫٥ تريليون دولار و٦٠ ألف قتيل.. فى أفغانستان أمضت ٢٠ عاما واضطرت للانسحاب رغم أنفها بعد خسائر ٢ تريليون دولار وأربعة آلاف قتيل.. والفضيحة الأكبر لهم.. أستولت حركة طالبان صبيحة انسحاب القوات الأمريكية على الحكم وفر الرئيس الموالى للأمريكان هاربا بجلده فأراً مذعوراً.. وكأنك يا أبوزيد ما غزيت.. وفى العراق مضى ٢٠ عاما ومازال نزيف الأمريكان من الأموال والبشر مستمراً حتى اليوم.. أنفقوا ٣ تريليونات دولار وطارت من بغداد نعوش خمسة آلاف قتيل إلى ذويهم بالولايات المتحدة.. ولمزيد من الذل لهم، سيطر الأيرانيون على القرار العراقى وتواجدت لهم قواعد وميليشيات عسكرية. ولذا نلاحظ حالة الجنون لدى الإرهابيين حكام إسرائيل.. وهم من كانوا زجوا بالأمريكان فى العراق للتخلص من الجيش العراقى القوى ورئيسه صدام حسين المعادى للكيان الصهيونى.. وفى نفس الوقت إضعاف إيران وحصارها.

أمريكا.. أم الهزائم فى كل معارك خاضتها.. سوف تخرج من حرب غزة بالهزيمة الأكبر.. كالعادة.. إسرائيل تجر أمريكا لإشعال المنطقة.. ومحاولة جديدة منها لضرب إيران.. أمريكا شريك رئيسى اليوم فى جرائم العدوان على الشعب الفلسطينى تشارك بخبراء عسكريين.. تنظم جسراً جوياً هو الأكبر فى التاريخ لتعويض خسائر أسلحة إسرائيل.. قدمت لها دعما ماديا ٣١ مليار دولار.. تقف حائلا ضد أى قرار فى مجلس الأمن لوقف العدوان.. وما يدعو للدهشة من البجاحة الامريكية مع كل هذا الدعم لإسرائيل، تنتفض وتشن حربا على اليمن لمجرد دعم جماعة الحوثى للمقاومة الفلسطينية.. وقرارهم ضرب السفن الإسرائيلية فى البحر الأحمر.. والغريب أن العرب مازالوا ينتظرون وساطة نزيهة من الأمريكان..؟!

وجدتها؟!

لم أندهش من كلام وزير خارجية الكيان الصهيونى أمام وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى هذا الكيان المنهزم.. لم يفقد عقله فقط، ولكنه تعدى مرحلة الجنون بمنطق الحيوانات، التى قد تتمتع بحس وعقل يفوق الوزير.. قال.. فض الله فاه.. أخيرا وجدتها.. نستطيع حل مشكلة الفلسطينيين بعمل جزيرة صناعية فى البحر المتوسط على بعد ٥ كيلومتراً من شاطئ غزة ونقيم عليها الدولة الفلسطينية وزاد فى الهبل.. شريطة أن تكون خاضعة لإشراف إسرائيل. 

ولكن ما أدهشنى حقيقة رد فعل السادة الوزراء.. لم يشعر أحد منهم باحتقار الوزير لهم والتشكيك فى قدراتهم العقلية أن يسمعوا هذا الهراء.. صمتوا جميعا.. دون تعليق.. وكأنهم أحيطوا علما بمقترح اسرإئيلى جديد من مهاويس الكيان الصهيونى الذين أصبحوا جميعا فى حاجة الى مصحة نفسية! الوزراء الأوربيون.. هل بلغ بكم الحال إلى هذا المستوى من النفاق وابتلاع الإهانة؟!

محمد على السيد

محمد على السيد.. مبدع فى صمت.. دون جلبة ولاضجيج.. كاتب معروف موهوب.. لم يسع للنجومية والشهرة الواسعة بالطوفان بين البرامج التليفزيونية والأحاديث الصحفية.. وهذه سمات المبدع الحقيقى.. فى أسلوب رشيق.. وعبارة جميلة سلسة قدم العديد من المؤلفات متنوعة المجالات.

محمد على السيد رغم جهده وضيق وقته فى مهنة الصحافة، والتى أمضى فيها سنوات عمره حتى مديرا لتحرير مجلة آخر ساعة− إلا أنه تحريض الهواية والإبداع لديه كانا حافزا لإثراء المكتبة العربية بعدة مؤلفات.. تنوعت فى موضوعاتها وقضاياها.. مثلما كان عمله الصحفى كمحرر عسكرى للمجلة وجولاته الداخلية والخارجية.. ومحرر بارز فى التحقيقات الصحفية. ونال خلال مشواره العديد من الجوائز الصحفية والأدبية.. منها جائزة نقابة الصحفيين.. ونادى القصة.. وجماعة الأدب العربى.. والمجلس الأعلى للثقافة.

من بين الأعمال العديدة للكاتب محمد على السيد.. حكايات من حرب الاستنزاف.. على باب مصر.. الأولة فى القتال −الله اكبر− دروب الحج فى مصر.. للصحابة أماكن فى مصر.. عمرو بن العاص.. حدائق الشيطان والتى يناقش فيها قضية الألغام الأرضية فى مصر والعالم.. ومنها أيضا كتاب مارية القبطية.. اليورانيوم فى مصر.. ومن مؤلفاته الأدبية.. كعاكيب سكر.. عمتى مكية.. ومن أحدث مؤلفاته.. الحفر على خشب الكافيه الصادر عن دار المعارف.
وتستمر رحلة إبداع محمد على السيد بمجموعة جديدة من الإصدارات مازالت تحت الطبع.. منها السحر. على باب الله.. نبضات مصرية.. الواعر.. عطر السعادة.

همس النفس

تقطعت الأوصال وتفرقت الطرق.. اختيارا أو جبرا.. وإنما النفس تهمس.. صبرا..سيلتقى الشريدان.. مهما حالت الأقدار.. وتكالبت نوائب الزمن.. فالروح تسير نحوه.. وهو نحوى.. ياحاسدى..أضنانى منكم اللوم.. إلا ترق القلوب لحال عاشق أضناه الهوى.. ولم يذق للوجد طعم إلا بجود الزمان بطلة القمر.. ياحاسدى.. هونا.. فراق من أحببت هو الهوان والهم.. والحياة دونه لاشيء سوى العدم.. ياحاسدى.. أروى عنى.. سيظل حبيبا مدى الدهر.. لا أخشى ذهاب الدنيا عنى.. فما المنيعة.. إلا أن يعز الوصال وتغيب  ابتسامة العمر.. متى يرق قلبه.. وفؤادى مشتاق متيم .. وليس هذا بسر.. عنكم.. ولا عنه.